جمال القصاص: "فى مرايا السرد" أتحول إلى حكاء متلصص (خاص)
ينتظر الشاعر الكبير جمال القصاص، كتابه النقدي الجديد، الذي يصدر قريبا عن دار بدائل للنشر، تحت عنوان “في مرايا السرد”، وهو ما يكشف لنا تفاصيله في تصريحات خاصة لـ“الدستور”.
حكاء متلصص
واستهل “القصاص” حديثه: لست حكاء بطبعي، وأذكر أن طفولتي خلت من الحكي، أو على الأقل كان شحيحا ونادرا، ورهن المصدفة أحيانا، برغم تراثه الممتد في حواديت الأمهات والجدات، ومسامراتهن الليلية الشائقة، التي تفتح نوافذ للخيال في عيون الأطفال، وتجعلهم يحلقون في أجوائها حتى يغلبهم النوم أو الحلم. لكن هأنذا في هذه القراءات التي يضمها الكتاب لكوكبة من الكاتبات والكتاب الأفاضل أتحول إلى حكاء، يتلصص ببصيرة نزقة على ما يطرحه هؤلاء الكتاب في نماذج مختارة من أعمالهم الروائية والقصصية، سعدت بقراءاتها، وفرحت بأن هويتي الطارئة المستعارة تحولت إلى فعل اكتشاف وتكشف في الوقت نفسه، اكتشاف، لخبرات وحيوات مغايرة، لمستها وعايشتها في طوايا هذه الأعمال، بمتونها وهوامشها، وتكشف لطاقة جمالية أخرى، وسعت من أفق كينونتي الشعرية، وجعلتني ألتصق باسمي كقصاص أثر لحكايات، تولد حين تنتهي، أو على الأقل تثير فينا شهوه الذهاب إلى الأبعد، فيما وراء الأشياء والعناصر والوجود.
على الناقد الحق أن يتذكر دائمًا أنه مبدع
وأضاف: لم أنشغل كثير بالموضوع أو “التيمة”، فهي دائمة التكرار، وغالبا ما يكرس النقد لها بطريقة تقنية عقيمة وبالية، تتعامل مع النص كأنه شيء منته، وقماشة تم تفصيلها، على خلاف النقد المبدع الذي يري النص ابن صيرورة خاصة مفتوحة بحيوية على شتى حدوسات المعرفة الإنسانية، ومن ثم على الناقد الحق أن يتذكر دائما أنه مبدع، ولدينا كوكبة من الطاقات النقدية المبدعة الذين يولون هذا المنحى اهتماما جديرا بالالتفات على مستويي الرؤية والتطبيق.
لذلك كل ما يهمنى وانشغلت به أكثر هو فضاء السرد في هذه القراءات: كيفية تشكيله، وتضافر مغامرة الكاتب فيه، وتوسيع أنساقه ومقوماته الذاتية، وضخ دماء جديدة في شرايينها، تكثف من فعل القص، وتكشف بتلقائية دوافع ومعاناة الشخوص، في تحمل أعباء الحياة، وتناقضات واقعهم المعيش على شتي المستويات، بخاصة المستوي العاطفي المشبوب بمشاغل الجسد والروح.
أيضا من المهم أن ألفت هنا إلى أن الكثير من الأعمال في هذا الكتاب، تعاملت بشكل مغاير مع ضمائر السرد، فلم تعد مجرد أداة، ومحض علامات وإشارات عابرة، تراوح على السطح، بين الغائب أو المتكلم، أو المخاطب، إنما أصبحت تشكل مرآة حقيقية للشخوص، تنعكس عليهم دواخلهم، وتكشف عن أحلامهم ومكابداتهم، والمهمش والمقموع تحت طبقات الوعي واللا وعي، وماذا يريدون من هذا العالم، وفي الوقت نفسه، تؤكد حضور الراوي في النص، وتكسر هيمنته كراوٍ عليم، سيد اللعبة وحده، ما ساهم في خلق فضاء أوسع تعبر فيه الشخوص عن نفسها بحرية بعيدا عن هذه الهيمنة وطابعها الأحادي الرتيب.
من الجميل ألا تنفصل محبة الكتابة لدى هؤلاء المبدعين عن محبتهم لأبطالهم، في أقصى لحظات نشوتهم وصعودهم، وأقصي لحظات هشاشتهم وانكسارهم، فالكتابة هي الملاذ والخطوة الأولى والأخيرة للوصول إلى ذروة الأدب والجمال.
وتبقي الإشارة إلي أن جمال القصاص في كتابه الأحدث، “في مرايا السرد”، يتناول كل الكتاب والكاتبات، إدوار الخراط، أحمد الفيتوري، جمال الغيطاني، رجاء البقالي، جميل عطية إبراهيم، أشرف الصباغ، مجيد طوبيا، أحمد مجدي همام، رءوف مسعد، محمد بركة، سعيد الكفراوي، طلعت شاهين، إبراهيم عبدالمجيد، عزة رشاد، يحيي مختار، محمد الفخراني، مي التلمساني، حسن عبدالموجود، ميرال الطحاوي، أحمد صبري أبوالفتوح، حمدي أبوجليل، نهى محمود، فتحي إمبابي، إيمان يحيي، هالة البدري، أحمد الخميسي، ربيعة ريحان، حمدي الجزار، ميسون صقر، محمد أبوزيد، طارق إمام، عبير الحلوجي، وحيد الطويلة، إنجي همام، وزينب عفيفي.