"الحساسية الغذائية" خطر يواجه الأطفال منذ الصغر.. كيف نتجنب حدوثه
تعد الحساسية الغذائية من المشكلات الصحية التي قد تكون خطيرة للغاية، حيث تشمل ردود فعل قد تصل إلى الطفح الجلدي، القيء، صعوبة التنفس، وانخفاض ضغط الدم، وهي كلها حالات قد تتطلب علاجًا طبيًا طارئًا.
ووفقًا لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها بالولايات المتحدة الامريكية فإن حوالي 8% من الأطفال علي مستوى العالم يعانوا من ردود فعل سلبية تجاه أنواع معينة من الطعام، مقارنة بحوالي 6.2% من البالغين ولا يزال السبب الدقيق لارتفاع حالات الحساسية الغذائية غير واضح تمامًا، ولكن هناك عدة نظريات يستند اليها العلم.
ومع زيادة حالات الحساسية الغذائية، يبحث الخبراء في طرق للتعامل معها، سواء من خلال تجنب مسببات الحساسية أو عبر العلاجات المناعية الجديدة.
الحساسية التى تصيب الطفل
و تقول الدكتورة غادة علاء إستشاري طب الاطفال بالتامين الصحي في تصريحات لـ "أ ش أ" في البداية يجب أن نفرق ما بين الحساسية التى تصيب الطفل من الأكل وبين عدم احتمال الطفل للاكل، ففي حالة الحساسية يكون لاحتواء الطعام على نوع بروتين يسبب تحسس في جهاز المناعة للطفل أو لاي شخص كبير مثل الحساسية من البيض أو الموز او الحليب البقري، أما عدم إحتمال الطعام فيكون بسبب عدم وجود الانزيمات الهاضمة المناسبة لنوع الطعام مثل عدم احتمال اللاكتوز.
وتضيف غادة "التعامل مع الحساسية من الطعام يجب ان يكون بوعي كافي عند البداية في تقديم اصناف الطعام للطفل يكون بادخال صنف واحد جديد في كل مرة والبدء بكمية قليلة جدا ثم الزيادة التدريجية مع ملاحظة اي اعراض للحساسية سواء طفح جلدي أو الم في البطن او اسهال أو تحسس في الصدر ويكون ادخال اي صنف جديد في طعام الطفل على مدار أسبوع على الاقل لافتتا الي أن التشخيص المبكر للحساسية الغذائية يساعد على تجنب المضاعفات الخطيرة ويعتمد التشخيص على مجموعة من الاختبارات، مثل اختبارات الحساسية الجلدية وتحليل الدم.
وتشير الدكتورة غادة الي أن من أهم العوامل التى تجنب الأطفال الحساسية من الطعام هو الالتزام بالرضاعة الطبيعية ومنذ الساعات الأولى للولادة مع الحفاظ على تربية الطفل في بيئة سليمة بعيدا عن الملوثات الصناعية والابتعاد عن الأغذية المصنعة بشكل كبير.
تأخير إدخال الطعام للطفل
وتوضح أنه كان هناك مفاهيم قديمة تقول بتأخير إدخال الطعام للطفل حتى الشهر السادس وربما أكثر أما التوصيات الحديثة لاخر الابحاث في هذا المجال فتنصح بإدخال الطعام لبرنامج أكل الأطفال من الشهر الرابع اوحتى عند الاحساس باحتياج الطفل لطعام إلي جانب حليب الام حتي قبل الشهر الرابع، وفي حالة حدوث حساسية من نوع معين من الطعام فيجب منعها تماما من اكل الطفل واستعمال العلاجات المناسبة للحساسية سواء الموضعية او عن طريق الفم.
وأكدت أنه مع التطور في مجالات الادوية أصبح هناك علاجات متطورة تأثر بشكل مباشر على الخلايا المسؤولة عن ردة الفعل التحسسي مباشرة ولا تحتوي علي الكورتيزون وان كان ثمنها مرتفع الي حد ما لكنها متاحة في الصيدليات.
أما الدكتور مجدى بدران عضو الجمعية المصرية للحساسية والمناعة فيعرف حساسية الطعام بأنها إستجابة غير طبيعية لجهاز المناعة في الجسم تجاه بعض الأطعمة وأضاف أن الأطعمة الأكثر شيوعًا التي تسبب الحساسية تشمل اللبن والبيض والفول السوداني والأسماك وفول الصويا والقمح وأسضا السمسم والذي اكتشف حديثا أنه من الأطعمة التى تسبب الحساسية الغذائية ويمكن أن تحدث حساسية الطعام في أي عمر، وغالبًا ما تظهر في مرحلة الطفولة.
وأضاف بدران أن الاستجابة المناعية تحدث عندما يتعرف الجهاز المناعي على بروتين موجود في الطعام كعامل ضار، فيحدث رد فعل تحسسى قد يكون طفيفًا أو شديدا، وفي هذه الحالة، يقوم الجهاز المناعي بإفراز الأجسام المضادة المناعية التحسسية التي ترتبط بخلايا مناعية مثل الخلايا الحمضية، والخلايا البدينة، والخلايا القاعدية - والتي عند تنشيطها تطلق مادة الهيستامين وغيره من المواد الكيميائية الالتهابية في الجسم،والهيستامين يؤثر على عدة أعضاء وأجهزة في الجسم مثل الجلد والذي يؤدي إفراز الهيستامين إلى ظهور الطفح الجلدي، الحكة، والاحمرار، وقد يظهر تورم في مناطق معينة من الجسم ويؤثر أيضا على الجهاز التنفسي ويمكن أن يسبب ضيقًا في الشعب الهوائية، مما يؤدي إلى صعوبة في التنفس، صفير، واحتقان الأنف.
أما الجهاز الهضمي يمكن أن يتسبب الهيستامين في تقلص العضلات الملساء في الأمعاء، مما يؤدي إلى أعراض مثل الغثيان، التقيؤ، وآلام البطن وحتى العين يمكن أن يؤدى إفراز الهيستامين إلى الحكة، الاحمرار، والدموع في العينين وقد يسبب الهيستامين توسيع الأوعية الدموية وزيادة نفاذيتها، مما يؤدي إلى تورم الأنسجة وانخفاض ضغط الدم في الحالات الشديدة مثل الحساسية المفرطة وفي هذه الحالات الشديدة أيضا يمكن أن يؤثر الهيستامين على القلب، مما يؤدي إلى انخفاض حاد في ضغط الدم واضطرابات في نبضات القلب تختلف استجابة الأعضاء تبعًا لشدة التفاعل التحسسي والكمية المُطلَقة من الهيستامين.
ويعدد الدكتور مجدي بدران أسباب زيادة معدلات حساسية الطعام في العالم فى السنوات الأخيرة بأنها ترجع الي نظافة البيئة الزائدة لأنها قد تضعف تطور جهاز المناعة أيضا تناول الأطعمة المعالجة والوجبات السريعة التي تحتوي على مواد حافظة، ومكسبات الطعم واللون والرائحة والتى قد تؤثر على الأمعاء والجهاز المناعي وتزيد من احتمالية تطور الحساسية وكذلك قلة تناول الأغذية الطبيعية مثل الفواكه والخضروات التي تحتوي على مضادات الأكسدة والفيتامينات المفيدة للمناعة وزيادة مستويات التلوث البيئي والعوامل الوراثية.
ويؤكد بدران على وجود تطور في علاجات الحساسية الغذائية ومنها العلاج المناعي حيث يتم تعريض المصاب بحساسية الطعام لكميات صغيرة من المادة الغذائية التي تسبب الحساسية، ثم زيادة الكمية تدريجيًا بهدف تعزيز تحمّل الجسم لهذه المادة مما يساعد في تقليل حدة ردود الفعل التحسسية على المدى الطويل وأيضا العلاج بالخلايا المناعية المعدلة وراثيًا، وهذا العلاج يعتبر من الأبحاث الواعدة، حيث يتم تعديل بعض الخلايا المناعية جينيًا لتصبح أقل حساسية تجاه بعض المواد الغذائية وهناك دراسات تُجرى على أدوية تستهدف مسارات معينة في جهاز المناعة لتخفيف أو منع ردود الفعل التحسسية بعضها يستهدف الهيستامين أو بروتينات معينة تلعب دورًا في التفاعل التحسسي.
ومما سبق يتضح أن الحساسية الغذائية تعتبر مشكلة صحية متزايدة، ولكن هناك العديد من الأبحاث والتطورات الواعدة في هذا المجال ومن خلال فهم أسباب الحساسية الغذائية وتطوير علاجات جديدة، يمكننا تحسين حياة الأشخاص المصابين بالحساسية وتقليل تأثيرها على صحتهم ونوعية حياتهم من خلال تجنب الأطعمة المسببة للحساسية ويجب على الأشخاص المصابين بالحساسية قراءة الملصقات الغذائية بعناية وتجنب الأطعمة التي تحتوي على مسببات الحساسية وأيضا يجب عليهم حمل أدوية الطوارئ مثل مضادات الهيستامين في جميع الأوقات للاستخدام في حالة حدوث رد فعل تحسسي شديد كما يجب عليهم العمل مع أخصائي الحساسية لتطوير خطة علاج شخصية حسب حالتهم المرضية لضمان تجنب حدوث مضاعفات تؤثر علي جودة الحياة.