هل تتكرر أزمة "غزة"؟.. القطاع الطبي في لبنان يستغيث
في ليلة مظلمة من ليالي سبتمبر 2024، استيقظ لبنان على أصوات الانفجارات التي هزت أركان العاصمة بيروت ومدن الجنوب، كانت السماء مضاءة بنيران القصف الإسرائيلي، بينما كانت المستشفيات تعج بالجرحى والمصابين، في تلك اللحظات العصيبة، كان القطاع الصحي اللبناني يقف في الخطوط الأمامية، محاولًا إنقاذ الأرواح وسط الفوضى والدمار.
الهجمات الإسرائيلية الأخيرة على لبنان جاءت بعد تصاعد التوترات في المنطقة، حيث نفذت إسرائيل سلسلة من الغارات الجوية على مواقع حزب الله في الجنوب والبقاع، مما أسفر عن مقتل وإصابة المئات، وأدت إلى نزوح عشرات الآلاف من المدنيين الذين فروا من منازلهم بحثًا عن الأمان.
على الجانب الآخر، كان رئيس لجنة الصحة بالبرلمان اللبناني، بلال عبدالله، يصف الوضع بأنه "إبادة جماعية". في تصريحات نقلتها "قناة القاهرة الإخبارية"، قال عبدالله: "إسرائيل تقوم بإبادة جماعية في لبنان، حيث لا تفرق الضربات بين المدنيين والعسكريين"، مضيفًا أن ما يحدث في لبنان يشبه إلى حد كبير ما يحدث في غزة من حيث التأثير المدمر على المدنيين والبنية التحتية، مشيرًا إلى أن الدعم الأمريكي لإسرائيل يلعب دورًا كبيرًا في هذه العمليات.
وفي هذه الأوقات العصيبة، يواصل الأطباء والممرضون اللبنانيون العمل بلا كلل، محاولين إنقاذ الأرواح وتقديم الرعاية الطبية اللازمة رغم التحديات الهائلة، ويتحدث عدد منهم في السطور التالية عن الأوضاع التي يواجهها القطاع الصحي بعد تلك الهجمات التي أعقبت أزمة اقتصادية دامت 4 سنوات، كان لها تأثير سلبي كبير على تطوير القطاع الصحي أيضًا.
مدير العناية الطبية بوزارة الصحة اللبنانية: مستشفياتنا تعمل بكفاءة رغم ضراوة الحرب
وفي ظل تلك الظروف الصعبة التي يمر بها لبنان، وجه الدكتور جوزيف الحلو، مدير العناية الطبية في وزارة الصحة العامة، تحية تقدير للوزير المسؤول والطاقم الطبي عن تنفيذ خطة الطوارئ التي حازت على اعتراف دولي، مؤكدًا أن القطاع الصحي أثبت قدرته على تحمل الأعباء، كما فعل خلال جائحة كورونا وحريق بيروت، ويواصل الآن مواجهة التحديات الناجمة عن الهجمات الإسرائيلية الأخيرة.
وأشار "الحلو"، في حديثه مع "الدستور"، إلى أنه حتى الآن تم إجراء 2430 عملية جراحية بفضل جهود الأطباء المتفانين، فكانت هناك عمليات تتم بإشراف عدد من التخصصات المختلفة في وقت واحد، مشيرًا إلى أن مستشفيات "بنت جبيل" في الجنوب خرجت عن الخدمة، بينما يعمل مستشفى تبنين رغم وجود جرحى وثلاثة شهداء، مؤكدًا أن باقي المستشفيات تعمل تحت ضغط كبير لكنها تواصل تقديم الخدمات، معلنًا أن العدد النهائي للضحايا سيعلنه الوزير في مؤتمر صحفي قريبًا.
وأوضح أن المشكلة الرئيسية تكمن في أعداد النازحين الكبيرة، الذين يتوزعون على المدارس وأماكن الإيواء، ورغم ذلك، يواصل القطاع الصحي تدبير الأمور بأفضل ما يمكن، مع الأمل في عدم تصاعد الحرب، .
وأضاف الدكتور الحلو أن "لبنان" لا ترغب في الحرب، إلا أنها فُرضت عليها، معربًا عن أمله في أن تضغط دول العالم لوقف إطلاق النار، مشيرًا إلى أن لبنان تعود على دعم الأصدقاء والأشقاء العرب الذين يمدون يد العون، آملًا أن يستمر الدعم والمساعدات من الدول الشقيقة والصديقة للبنان في هذه الأوقات العصيبة.
بحسب أحدث الإحصائيات الصادرة عن وزير الصحة اللبناني فراس الأبيض، الثلاثاء الماضي، فإن الضحايا من بينهم 50 طفلا و94 امرأة إضافة إلى 1835 جريحًا، وسقط 4 شهداء من المسعفين.
نقيب المستشفيات الخاصة بلبنان: استمرار الحرب سينهك الكوادر الطبية
وينقل الدكتور سليمان هارون، نقيب المستشفيات الخاصة، خوفه من استمرار الحرب لأسابيع أخرى، لأنه سيؤدي إلى إنهاك الكوادر الطبية، رغم التزام المستشفيات بخطة صحية تقوم على توزيع الجرحى بين المناطق لتخفيف الضغط، مشيرًا في تصريحات سابقة، إلى أن الأوضاع الحالية لا تقارن بحرب تموز 2006 أو انفجارات الـ"بيجرز" التي خلفت تحديات طبية معقدة.
مدير مستفى دار الأمل بلبنان: نخشى استنزاف الكوادر الطبية
ويشاركه في تلك المخاوف، الدكتور علي علّام، المدير العام لمستشفى دار الأمل، من حيث استنزاف الطواقم الطبية التي تعمل بشكل متواصل، مع القلق من عدم وصول فرق طبية بديلة، مؤكدًا في تصريحات سابقة، أن المستشفى لا يزال قادرًا على استقبال الحالات، ولم يصل إلى طاقته القصوى، مع توافر المستلزمات الطبية.
مدير مستشفى "بعلبك" بلبنان: لدينا مخاوف من تصاعد العدوان
وفي بعلبك، استهدف الطيران الإسرائيلي المنطقة بصواريخ أدت إلى سقوط شهداء وجرحى، لكن الدكتور عباس شكر، مدير مستشفى بعلبك الحكومي، أوضح، في تصريحات سابقة، أن الإصابات كانت طفيفة أو قاتلة، محذرًا من أن السيطرة على الوضع قد لا يطول بسبب المخاوف من تصاعد العدوان.
المرصد الأورومتوسطي: الهجمات تنتهك اتفاقية جنيف والقانون الدولي
وختامًا، أعرب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان عن قلقه إزاء الجرائم التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي ضد المدنيين في لبنان، خاصة في الجنوب والبقاع، مؤكدًا أن الهجمات تستهدف المدنيين بشكل مباشر وعشوائي، دون منحهم الوقت الكافي للإخلاء أو توفير حماية فعالة، مشددًا على أن هذه الهجمات تشكل انتهاكات جسيمة لاتفاقية جنيف الرابعة والقانون الدولي الإنساني، الذي يلزم بحماية المدنيين والفئات المستضعفة.