الحوار المصرى الأمريكى
جولة جديدة من الحوار الاستراتيجى المصرى الأمريكى انطلقت أمس الأول، الأربعاء، فى القاهرة، ترأسها وزيرا خارجية البلدين، وجرى، فى إطارها، عقد اجتماع افتتاحى لمجموعة العمل الخاصة بالسياحة والآثار والتعليم العالى والتعليم والثقافة، ناقش أهمية تعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص لتطوير هذه القطاعات الحيوية، واستعرض آفاق التعاون بين الجامعات فى كلا البلدين، وتناول سبل تعزيز التعاون الثقافى والتفاهم المشترك بين الشعبين المصرى والأمريكى.
أواخر ثمانينيات القرن الماضى، ظهرت فكرة إقامة حوار مؤسسى ومنتظم بين البلدين، وجرى عقد جولتين، سنة ١٩٨٩، خلال رئاسة جورج بوش الأب، إحداهما فى واشنطن والأخرى فى القاهرة. لكن البداية الفعلية للحوار الاستراتيجى كانت فى عهد الرئيس بيل كلينتون، سنة ١٩٩٨، واستمر خلال إدارة جورج بوش الابن، ثم شهد عهد باراك أوباما فاصلًا طويلًا، انتهى فى أغسطس ٢٠١٥ بجولة أولى وأخيرة، تبعها فاصل آخر أنهاه لقاء وزيرى خارجية البلدين، فى سبتمبر ٢٠٢١، على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، واتفاقهما على استئناف الحوار، الذى استضافته واشنطن فى نوفمبر التالى.
قيمة هذا الحوار رمزية، لكنه قد يكون فرصة لمراجعة العلاقات الثنائية، وإعادة ترتيب الأوراق، وتبادل وجهات النظر بشأن القضايا الإقليمية والدولية. وعليه، أشار الدكتور بدر عبدالعاطى، وزير خارجيتنا، إلى أهمية دورية انعقاده، باعتباره مظلة مؤسسية تتناول مختلف أوجه علاقات البلدين، مشيرًا إلى عزم البلدين على استشراف فرص التعاون فى قطاعات ومجالات واعدة، بما يضيف أبعادًا جديدة للشراكة الاستراتيجية.
من بيان أصدرته السفارة الأمريكية بالقاهرة، أمس الخميس، عرفنا أن وزير خارجية الولايات المتحدة أعلن، خلال الحوار، عن استثمار حكومى أمريكى قيمته ١٢٩ مليون دولار، كجزء من التزام بلاده الدائم بتعزيز الأولويات المشتركة بين البلدين. كما أكد البيان نفسه أن شراكات وبرامج التنمية الشاملة للولايات المتحدة فى مصر تتوافق بشكل كامل مع الاستراتيجيات الوطنية لتنمية الاقتصاد وتحسين الحياة.
سبق بدء الحوار الاستراتيجى جلسة مباحثات منفردة بين وزيرى الخارجية، أعقبتها جلسة موسعة انضم إليها وفدا البلدين، وخلالهما أشاد وزير خارجيتنا بمستوى التنسيق الذى وصلت إليه العلاقات المصرية الأمريكية على الأصعدة السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية والفنية، كما أكد أهمية زيادة حجم الاستثمارات الأمريكية فى البرامج التنموية والاقتصادية فى مصر، لافتًا إلى الإجراءات الإيجابية التى اتخذتها الحكومة المصرية مؤخرًا فى إطار برنامج الإصلاح الاقتصادى وتشجيع الاستثمار وتحسين بيئة الأعمال. كما أعرب عن تطلعه إلى تعزيز التعاون فى مجالات التحول الرقمى والطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر والاستفادة من الإمكانات التى توفرها المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، مشيرًا إلى أن العلاقات الاقتصادية والتجارية تعد إحدى الركائز الأساسية للشراكة المصرية الأمريكية.
أيضًا، تبادل الجانبان الرؤى حيال التطورات الإقليمية والقضايا ذات الاهتمام المشترك، وعلى رأسها، طبعًا، العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة والضفة الغربية. وفى هذا السياق، شدّد الدكتور عبدالعاطى على ضرورة الوقف الفورى لإطلاق النار، والنفاذ الكامل وغير المشروط للمساعدات الإنسانية، وانسحاب إسرائيل من الجانب الفلسطينى من معبر رفح ومحور فيلادلفيا، تمهيدًا للانسحاب الكامل من قطاع غزة، و... و... وإضافة إلى تناول تطورات الأوضاع فى السودان وليبيا والملاحة البحرية فى البحر الأحمر، شدّد وزير خارجيتنا على دعم مصر وحدة الصومال وسيادته على أراضيه وإدانتها أى تحركات تنال من وحدته، كما أكد محورية قضية الأمن المائى بالنسبة لمصر، وضرورة التوصل إلى اتفاق قانونى ملزم حول ملء وتشغيل السد الإثيوبى، ورفض أى إجراءات أحادية وإلحاق أى ضرر بدولتى المصب.
.. وتبقى الإشارة إلى أن وزير خارجيتنا توجّه صباح أمس، الخميس، إلى العاصمة الأمريكية واشنطن، لبحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية والتشاور حول أبرز القضايا الإقليمية. ومن المقرر أن يشارك فى مائدة مستديرة لأحد أهم مراكز الأبحاث الأمريكية، ويلتقى عددًا من أعضاء الكونجرس ومبعوثى الولايات المتحدة المعنيين بقضايا الشرق الأوسط وقارة إفريقيا، قبل ذهابه إلى نيويورك للمشاركة فى الشق رفيع المستوى من أعمال الدورة التاسعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة.