أولوياتنا فى قمة المستقبل
ثمانية أيام تفصلنا عن «قمة المستقبل»، التى دعا إليها أنطونيو جوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، منذ ثلاث سنوات، بهدف وضع ميثاق دولى للمستقبل، يتناول التنمية المستدامة، والسلم والأمن الدوليين، والعلوم والتكنولوجيا والابتكار. واستباقًا لهذه القمة، أو تمهيدًا لها، أقيم حدث رئاسى افتراضى، أمس الأول، الخميس، عنوانه «نداء عالمى لقمة المستقبل»، طرح فيه عدد من رؤساء الدول والحكومات رؤى وأولويات بلادهم بشأن الموضوعات أو الملفات المدرجة على جدول أعمال القمة.
خلال الاحتفال بالذكرى الخامسة والسبعين لإنشاء منظمة الأمم المتحدة، فى يونيو ٢٠٢٠، أصدرت الدول الأعضاء إعلانًا تضمّن ١٢ التزامًا، إلى جانب مطالبتها الأمين العام بأن يقدم توصيات للتصدى للتحديات الحالية والمستقبلية. وهو المطلب، الذى استجاب له الأمين العام، فى سبتمبر ٢٠٢١، بتقرير عنوانه «خطتنا المشتركة»، دعا فيه إلى عقد مؤتمر قمة معنى بالمستقبل، لإيجاد عالم ونظام دولى أكثر استعدادًا للتعامل مع التحديات التى نواجهها حاليًا وتلك التى سنواجهها فى المستقبل.
مع ترحيب الجمعية للأمم المتحدة، فى أغسطس ٢٠٢٢، بتقرير الأمين العام «المستفيض والموضوعى»، وافقت على عقد «قمة المستقبل، وبدأت منذ فبراير ٢٠٢٣ مناقشة استعدادات عقد القمة، باجتماعات ومشاورات، تناولت مجموعة واسعة من المقترحات، قدمتها الدول الأعضاء والمجموعات الإقليمية ومنظومة الأمم المتحدة و... و... وفى سبتمبر الماضى، ناقش اجتماع وزارى، خلال الدورة الثامنة والسبعين للجمعية العامة، المبادئ والنتائج الرئيسية التى تسعى الدول الأعضاء إلى الدفع بها.
المهم، هو أن الرئيس عبدالفتاح السيسى شارك فى الحدث الرئاسى الافتراضى، الاستباقى أو التمهيدى، وقال فى كلمته، كلمة مصر، إن الآمال منعقدة على «قمة المستقبل»، من أجل التوصل إلى توافق دولى لتعزيز العمل متعدد الأطراف، وفى القلب منه جهود الأمم المتحدة، ما يحقق أهدافنا المشتركة فى التنمية المستدامة، والحفاظ على السلم والأمن الدوليين، وتمتع كل الشعوب بحقوق الإنسان، بشكل شامل وعادل. وفى ختام كلمته، أكد الرئيس أن مصر تتطلع إلى خروج القمة بنتائج ملموسة، تدفع نحو التغيير الحقيقى، تنفيذًا للتعهدات الدولية، بتوفير الأمن وتحقيق التنمية المستدامة لجميع الشعوب دون استثناء.
بين بداية كلمة مصر وختامها، أوضح الرئيس أن القمة تنعقد فى ظل أزمات دولية متنامية، سياسيًا واقتصاديًا، وخصَّ بالذكر حالة التصعيد الخطيرة التى يشهدها الشرق الأوسط، بما لها من تداعيات سلبية على المستوى الدولى، مؤكدًا أن هذه الأزمات تحتّم تضافر الجهود، خلال القمة، لتحقيق ثلاث أولويات، أولاها التمسك التام بتطبيق ميثاق الأمم المتحدة، لإرساء نظام قائم على مبادئ وقواعد القانون الدولى، دون تمييز أو معايير مزدوجة، وتنفيذ قرارات الشرعية الدولية، لترسيخ استقرار السلم والأمن الدوليين.
الأولوية المصرية الثانية ركَّزت على إصلاح هيكل النظام المالى العالمى، وتعزيز مشاركة الدول النامية فى آليات صنع القرار الاقتصادى، وتقوية دور الأمم المتحدة فى الحوكمة الاقتصادية الدولية، ما يسهم فى تسهيل حصول دول الجنوب على التمويل اللازم لتحقيق التنمية المستدامة، فضلًا عن معالجة أزمة الديون التى تتراكم عليها، جرّاء أزمات عالمية لم تتسبب فيها. وفى الأولوية الثالثة، شدّدت مصر، بلسان رئيسها، على ضرورة تعزيز جهود القضاء على الفقر والجوع على المستوى العالمى ومواجهة تحديات الأمن الغذائى التى تتفاقم نتيجة عوامل متعددة على رأسها نُدرة المياه، سواء لأسباب طبيعية أو مصطنعة، مؤكدة أن ذلك يتطلب تعاونًا دوليًا، للوفاء بحق الجميع فى النفاذ للمياه، واحترام القانون الدولى فى إدارة الأنهار العابرة للحدود، لضمان تحقيق التوافق بين الدول المعنية، وعدم وقوع أضرار على أى دولة.
.. وتبقى الإشارة إلى أن الأمين العام للأمم المتحدة، شدّد فى كلمته، خلال الحدث الرئاسى الافتراضى، على حاجة العالم إلى «إدارة أفضل للقضايا الحرجة»، وإلى «أمم متحدة متطورة قادرة على مواجهة تحديات العصر الجديد»، لافتًا إلى أن الدول الأعضاء، الآن، فى المراحل النهائية من التفاوض على ثلاث اتفاقات سيتم اعتمادها خلال القمة: ميثاق المستقبل، الميثاق الرقمى العالمى، وإعلان الأجيال القادمة.