رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

المبعوث الأممى للمياه

أول امرأة تتولى وزارة الخارجية فى إندونيسيا ستغادر موقعها، قبل بداية نوفمبر المقبل، لتكون أول مبعوث أممى للمياه، وهو المنصب الذى استحدثه الأمين العام للأمم المتحدة، أمس الأول الجمعة، بهدف تحفيز الجهود المنسقة لتحقيق جميع الأهداف المتعلقة بالمياه، خاصة الهدف السادس فى أجندة الأمم المتحدة ٢٠٣٠ للتنمية المستدامة: ضمان توافر المياه وخدمات الصرف الصحى للجميع وإدارتها بشكل مستدام. 

قرار الأمين العام للأمم المتحدة باستحداث المنصب، وإسناده إلى ريتنو مرصودى، وزيرة خارجية إندونيسيا، قوبل بترحيب مصرى، وقال بيان أصدرته وزارة الخارجية إن مصر تتطلع إلى تعزيز التعاون مع المبعوثة الأممية الجديدة لمواجهة الندرة المائية وتحقيق أهداف أجندة ٢٠٣٠، فى ظل الجهود الكبيرة التى تبذلها الدولة للإدارة الرشيدة للموارد المائية وتعزيز التعاون العابر للحدود وفقًا لقواعد القانون الدولى.

الحصول على الموارد المائية النظيفة، المأمونة والآمنة والكافية، حق أساسى من حقوق الإنسان، ويُعد شرطًا مسبقًا للنهوض بالدول وازدهار المجتمعات. ولعلك تعرف أن لدينا «استراتيجية وطنية لإدارة الموارد المائية»، تهدف إلى توفير مياه الشرب وتحسين نوعيتها، وترشيد استخدامها وتنمية مواردها وتهيئة البيئة المناسبة لإدارتها بشكل رشيد و... و... وعملًا بهذه الاستراتيجية، جرى تأهيل الترع بهدف زيادة كفاءة توزيع المياه وتوصيلها للمنتفعين، وتحسين أنظمة الصرف الزراعى، وتطبيق أنظمة الرى الحديثة، وتنفيذ مشروعات كبرى لإعادة استخدام المياه، فى بحر البقر والحمام والمحسمة وغيرها.

«المياه هى شريان الحياة لكوكب الأرض، سواء كانت مجمدة، أو فى شكل أمطار، أو سحب، أو فى الأنهار والبحيرات والمحيطات». بهذه الكلمات، أطلقت الطفلة أوتوم بيلتييه، ١٣ سنة، «العقد الدولى للمياه ٢٠١٨- ٢٠٢٨»، فى ٢٢ مارس ٢٠١٨. وفى دورتها الثالثة عشرة، التى أقيمت فى يونيو ٢٠١٩، دعت لجنة الموارد المائية، التابعة للجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربى آسيا، «الإسكوا»، الدول الأعضاء إلى العمل فى إطار «العقد الدولى للعمل من أجل الماء»، وحثتها على المشاركة فى «أسبوع القاهرة للمياه». وهنا، قد تكون الإشارة مهمة إلى أن «إعلان القاهرة من أجل تسريع وتيرة تحقيق أهداف التنمية المستدامة»، الذى جرى إطلاقه فى الدورة الخامسة لـ«أسبوع القاهرة للمياه»، كان مدخلًا رئيسيًا للمؤتمر الذى عقدته الأمم المتحدة، سنة ٢٠٢٣، بشأن مراجعة منتصف مدّة العقد الدولى للمياه.

رؤيتنا الثابتة، والراسخة، تقوم على التعاون والعمل سويًا، بدلًا من التناحر، الذى يؤدى إلى تقاسم الفقر وعدم الاستقرار. وعليه، بذلت مصر، ولا تزال، أقصى جهودها لتسوية قضية السد الإثيوبى على النحو الذى يحقق مصالح كل الأطراف، ودعت المجتمع الدولى إلى التعاون معها من أجل تحقيق هذا الهدف العادل، انطلاقًا من اقتناعها، رئيسًا وحكومة وجيشًا وشعبًا، بأن الالتزام بروح التوافق على مساحات المصالح المشتركة هو السبيل الوحيد لتجنب الآثار السلبية التى قد تنجم عن الإجراءات الأحادية. 

أيضًا، فى كلمته، كلمة مصر، الخميس الماضى، أمام الحدث الرئاسى، الاستباقى أو التمهيدى، لـ«قمة المستقبل» التى ستعقدها الأمم المتحدة، الأحد المقبل، شدّد الرئيس عبدالفتاح السيسى على حتمية تضافر الجهود، خلال القمة، لتعزيز جهود القضاء على الفقر والجوع على المستوى العالمى، ومواجهة تحديات الأمن الغذائى التى تتفاقم نتيجة عوامل متعددة على رأسها نُدرة المياه، سواء لأسباب طبيعية أو مصطنعة، مؤكدًا أن ذلك يتطلب تعاونًا دوليًا للوفاء بحق الجميع فى النفاذ للمياه، واحترام القانون الدولى فى إدارة الأنهار العابرة للحدود، لضمان تحقيق التوافق بين الدول المعنية، وعدم وقوع أضرار على أى دولة.

.. وتبقى الإشارة إلى أن مصر كانت قد قادت، بالاشتراك مع ألمانيا، تحركًا موسعًا على مسار الإعداد لـ«مؤتمر الأمم المتحدة للمياه»، سنة ٢٠٢٣، ونجح هذا التحرك فى حشد دعم ١٥١ دولة لاستحداث منصب المبعوث الأممى للمياه، بهدف دعم جهود الدول الأعضاء، خاصة دول الندرة المائية، فى مواجهة تحديات تحقيق الهدف السادس فى أجندة التنمية المستدامة. ما يعنى أن قرار استحداث هذا المنصب جاء تتويجًا للجهود المصرية والألمانية فى تطوير العمل متعدد الأطراف، لمواكبة التحديات المستحدثة.