ما بين نصرالله والسنوار.. كيف أنقذت البدائية حماس من التكنولوجيا الإسرائيلية القاتلة؟
خلال 48 ساعة نجحت إسرائيل في استهداف الآلاف من قادة وأعضاء حزب الله في لبنان بعد تفجير أجهزة النداء "بيجر" والأجهزة اللاسلكي "ووكي توكي"، بينما فشلت أحدث أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية والأمريكية في العثور على قادة حركة حماس في غزة وخصوصًا زعيم الحركة يحيى السنوار، بالرغم من تعرض القطاع للحرب الوحشية على مدار 11 شهرًا.
حزب الله يقع في فخ التكنولوجيا القاتلة
بينما قال مهند حاج علي، وهو زميل بارز في مركز كارنيجي للشرق الأوسط في بيروت، إن ما حدث في لبنان على مدار يومي الثلاثاء والأربعاء كشف عن الإخفاقات الأمنية الكبرى التي وقع فيها حزب الله بينما تجنبتها حركة حماس في غزة.
وأضاف أن حماس نجحت في تنفيذ عملية طوفان الأقصى دون أن تكتشفها المخابرات الإسرائيلية بسبب اعتماد قادة الحركة وأعضائها على وسائل اتصال بدائية للغاية لا يمكن تعقبها، كما نجا أعضاء الحركة وقادتها من الاغتيال لنفس السبب.
وأكدت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، أن الضربات السيبرانية كانت بمثابة صدمة كبرى لحزب الله.
وقال علي: "إنه هجوم خطير"، مضيفًا أنه خلال 11 شهرًا من الهجمات الجوية عبر الحدود اللبنانية الإسرائيلية، فقد حزب الله العديد من القادة والكوادر، بعضهم في اغتيالات مستهدفة.
وتابع: "والآن تخترق هذه الضربة صفوف الحركة، إنها نوع من السيف الذي يطعن الجسد بعمق، ومن المتوقع أن تستغرق الجماعة اللبنانية وقتا طويلا للتعافي".
وأكدت الصحيفة أن الخسائر الأكبر لحزب الله هي الكشف عن هوية قادته وأعضائه والتي تعتبرها الحركة دائمًا من أسرارها العليا، وبالتالي سيكون التأثير الأكبر للهجوم هو كشف هوية أعضاء الجماعة.
وقال ثلاثة لبنانيين إن أجهزة النداء وصلت إلى لبنان مؤخرًا وتم توزيعها لأنها كانت من المفترض أنها توفر اتصالات أكثر أمانًا من الهواتف المحمولة.
وتابعت الصحيفة أن الجماعة اللبنانية المسلحة أعدمت العديد من الأجهزة بعد الهجوم الأول، ما أدى على الأرجح إلى تعطيل قدرة أعضائها على التواصل، بينما تسبب الانفجار الثاني في تخلص أعضاء الجماعة من الأجهزة اللاسلكية التي كانوا يحملونها كنسخة احتياطية.
وأضافت أنه من المرجح أن تؤدي الهجمات إلى إعاقة بعض الأعضاء، لكن حزب الله لديه تاريخ طويل من القدرة على التكيف، فقد خسر العديد من المقاتلين في آخر حرب كبرى مع إسرائيل، في عام 2006، لكنه خرج أقوى في السنوات التالية، حيث بنى ترسانة ضخمة يُعتقد أنها تضم أكثر من 100 ألف صاروخ وأسلحة متطورة مثل الصواريخ الموجهة بدقة والتي يمكنها ضرب مواقع حساسة داخل إسرائيل.
لا يوجد في تاريخ حزب الله أو أيديولوجيته ما يشير إلى أن الهجمات ستدفعه إلى السعي إلى تسوية مع إسرائيل، لكن الخبراء في شئون الجماعة قالوا إنها عالقة بين الشعور بالحاجة إلى الرد والرغبة في تجنب حرب شاملة مع إسرائيل قد تكون كارثية لكلا الجانبين.
البدائية تنقذ السنوار وقادة حركة حماس من أحدث تكنولوجيا الاستخبارات والتجسس
وبحسب صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، فإن يحيى السنوار، زعيم حركة حماس، يتبع نظام اتصالات بدائيا ولكنه فعال، تفوق على أحدث تقنيات الاستخبارات الإسرائيلية، حيث طور السنوار هذا النظام خلال فترة اعتقاله في السجون الإسرائيلية، وامتنع عن استخدام أي وسيلة اتصال إلكترونية أثناء الحرب، ما جعل من الصعب على إسرائيل تعقبه.
وتابعت الصحيفة أن السنوار يختبئ في أنفاق غزة منذ حوالي عام، ويستخدم قنوات بشرية لنقل الرسائل بدلًا من التكنولوجيا الحديثة، حيث يتم تشفير الرسائل التي يمررها عبر نظام رموز معقد يعتمد على المستلم والظروف، ويتم نقلها عبر شبكة من المرسلين، بعضهم مدنيون.
وأوضحت أن هذا النظام البدائي ساعد السنوار على تجنب عمليات التتبع الإسرائيلية التي استخدمتها في الماضي لتصفية قادة حماس، فبعد اغتيال صالح العاروري، نائب رئيس الحركة، استبعد السنوار الوسائل الإلكترونية تمامًا، واعتمد على القنوات البشرية الضيقة، ما جعل جهود إسرائيل للعثور عليه غير مجدية.
وأشارت إلى أن هذه الوسائل البدائية في التواصل مع العالم الخارجي سواء الرسائل المكتوبة أو الهواتف الأرضية المزودة بالشبكات الداخلية فقط، ساعدت قادة حماس على البقاء على قيد الحياة بالرغم من الحرب الوحشية في غزة.