"عائد الى حيفا".. رواية غسان كنفانى عن الإنسان والقضية الفلسطينية
قد تكون رواية عائد إلى حيفا هى أفضل ما كتب غسان كنفانى، وقد تكون هى أفضل ما كتب عن القضية الفلسطينية، لقد جاءت الرواية فى عمق الموضوع دون مواربة أو مداهنة او وقوف على حافة القضية لتقول إن الإنسان هو القضية.
لذا ليس من المستغرب ان تكون رواية عائد إلى حيفا هى الرواية التى قتلت صاحبها، الذى قال من خلال روايته أن القضية ليست فى البكاء على البيت الذى احتله العدو ولا فى الولد الذى سرقه المحتل، ولا فى النحيب على الذكريات المسلوبة، ولا فى دموع اليتامى والثكالى والأرامل بل القضية تكمن فى القوة فى الاستعداد للحرب التى تعيد الوطن إلى أهله.
تفاصيل القصة
كعادته كان الكاتب غسان كنفانى رشيقا فى أسلوبه البسيط والعميق فى الوقت ذاته الذي يجعل القارئ واحدا من شخوصه، تحكى الرواية عن بطل الفلسطينى سعيد الذي عاد من رام الله، بصحبة زوجته صفية إلى حيفا عام 1968 بعد عشرين سنة من تهجيرهما قسرا عام 1948، وقد يخيل إلى القارئ أنه عاد لبلدته كى يستقر بها ولكنه فى الحقيقة عاد حين سمحت إسرائيل للمهجرين أن يدخلوا قراهم ومدنهم التى هجروا منها كى يتركوا فى أنفسهم أثرا حزينا أو ربما أرادوا أن يقولوا لهم زوروا بلدانكم ثم عودوا لتعرفوا أنها أصبحت أفضل.
يشرح لنا غسان كنفانى حالة سعيد وصفية وهما يدخلان بسيارتهما شوارع حيفا التى نشأوا فيها وتربوا فيها وتزوجوا وانجبوا فيها.
أحداث يوم التهجير
ثم بدا الكاتب على لسان الراوي العليم يسرد لنا يوم التهجير حيث كان سعيد على اطراف حيفا بينما كانت زوجته صفيه وابنها خلدون الذى لم يكمل شهره الخامس فى البيت،البيت، حاول سعيد الوصول إليهما لكن زخات الرصاص كانت اقوى منه، وجد نفسه مضطرا للنزوح ناحية البحر، نزلت صفيه لتبحث عنه فأخذها التيار الجارف من البشر إلى البحر فالتقت سعيد لكنهما لم يتمكنا من العودة إلى رضيعها خلدون.
عشرون عاما والوجع يعتصر الأبوين فانتهزا الفرصة ليزورا بيتهما فى حيفا وصلا إلى البيت فتحت لهم سيدة بولندية، أخبرها سعيد أنه صاحب البيت فلم تنزعج، وقالت: كنت أعرف أنكما ستأتيان بل وأخبرتهما أنها ربت ابنهما واختارت له اسم دوف، بل واختارت له اليهودية دينا، لم يكن الموقف بالسهل على صفية وسعيد.
النهاية
طلبت منهم البولندية ان يخيروا دوف بينهما، ولما جاء دوف الذى لم يصبح خلدونا فى زي عسكرى إسرائيلى اختار البولندية واليهودية، وقال إنه فى المعسكر الٱخر بل ولام والديه أنهما لم يرجعا إليه ولم يلم المحتل الذي يلبس بزته العسكرية، وهنا تحدث سعيد عن ابنه خالد وقال كذبا هو فى صفوف المقاومين، ولما خرج قال للبولندية ودوف هذا بيتنا ستخرجون منه بالقوة كما دخلتموه بالقوة
وفى الحقيقة لم يكن خالد ضمن صفوف المقاومين، ذلك لأن سعيد رفض ذلك خوفا عليه بعد ضياع خلدون، لكن اليوم اكتشف أن خلدون ليس ابنه بل عدوه، لذا قال لصفية: أرجو ان يكون خالد هرب فى غيبتنا وانضم إلى صفوف المقاومين.