تناقض وتضارب.. ما تصورات المصريين القدماء عن الموت؟
حرص المصريون القدماء على إتمام مراسم دفن موتاهم، على أكمل وجه، فقد حافظوا على طقوس معينة للدفن، كما كانت لهم الكثير من التصورات المختلفة عن "الموت" والحياة الآخرة.
ونستعرض في التقرير التالي، كيف دفن المصريين القدماء موتاهم؟ وما تصوراتهم عن الموت؟
كيف دفن المصريين القدماء موتاهم؟
حرص المصري القديم على دفن الموتى، ومعهم جميع أغراضهم من أواني تحتوي الأكل والشرب، وملابس وغيرها، وعندما تطوروا وأصبح لهم ملوك وحضارة ازدادت الأشياء التي كانت تدفن مع الميت، كما قاموا بتشييد المقابر الضخمة ووضعوا فيها الأثاث الجنائزي.
كما حافظ الفراعنة على عادة التحنيط، حيث يجب البقاء على جثة الميت سليمة ومثالية ليتمكن أن يعبر بها إلى العالم الآخر في أبهى حلة، ولما كان الوجود قد تشكل أصلًا من الأضداد، فمن البديهي أن يكون هناك عالمٌ آخر يضاد بوجوده عالمَنا المحسوس، فيتصف بالخلود.
ووفقًا لموسوعة مصر القديمة، للعالم الاثري سليم حسين، فآمن المصريين بهذا العالم الخالد، الذي لابد وسيرحل الناس إليه بعد موتهم، مما جعل الاعتقادَ في الخلود أساسَ الديانة المصرية، ولُبها وجوهرَها.
كما يشير المؤرخ "ول ديورانت" إلى أن أهم ما كان يميز الدينَ في مصر القديمة “توكيده لفكرة الخلود”، وهو ما أكده الباحثين وعلماء الآثار أيضًا أنه "لا يوجد شعبٌ قديم أو حديث بين شعوب العالم، احتلَّت في نفسه فكرةُ الحياة بعد الموت المكانةَ العظيمة التي احتلَّتْها في نفس الشعب المصري".
ما تصورات المصري القديم عن الموت؟
وقال العالم الأثريى سليم حسن، أنه رأى المصري القديم في ظاهرة الموت أمرًا مفزعًا ومخيفًا، يجب اجتنابه بأي صورة أو شكل، مما حَدا بهذا العقل إلى وضع تصوُّر شامل لحياة أخرى خالدة من بعد الموت.
وكشف المؤرخون عن أنه كان للمصريين القدماء تصورات مختلفة مُتضاربة متناقِضة، فقد تعدَّدت تخيلاتهم عن هذا العالم الآخر، فتخيله بعضهم في جوف الأرض حيث يدفن الناس فعلًا، وتوهمه بعض آخر في الغرب على وجه الإطلاق، ثم رجاه بعض ثالث في السماء حيث الرفيقُ الأعلى.
فيما رأي بعضهم أنه يمكن للميت أن يصبح رع المتهاديَ في مركبه متجولًا عبر السموات، وفي الوقت ذاتِه يمكن أن يُصبح المرءُ أوزيريس أو واحدًا من رعاياه، وقد يكون ممكنًا كذلك أن يلتحق بمجرَة ملكية كنجمة في السماء، كما لفت سليم حسن.
وأضاف: كان من الممكن جدا بعدَ كل هذا، أن يستمرَ الإنسان في العيش داخل قبره، متمتعًا بأطايبِ هذه الدنيا التي زُوِّد بها هناك، وأن يَخرج من قبره بشكل أو بآخر من الأشكال، ليستنشق الهواء ويمتع النظر بأرض مصر الجميلة، وكان معظم المصريين يَميلون إلى الأخذ بهذه النظرية الأخيرة؛ نظرية الوجود المستمر داخل الأضرحة.