51 عاما على رحيل محمود تيمور.. وهذا تأثير حياته على إنتاجه الأدبي
51 عاما مرت على وفاة الأديب محمود تيمور، الذي رحل عن عالمنا في 25 أغسطس لعام 1973، في لوزان بسويسرا، تاركا إرثا كبيرا من الأعمال الأدبية، إذ يعتبر من كتاب القصة القلائل الذين واصلوا تغذية هذا الفن بالجديد، وكان يرى أن الهدف الأصيل للأديب هو أنه يكشف عن الإنسان بمعناه الشامل في خيره وشره، في سطوته وضعفه، الإنسان الذي حمل أمانة الحياة، ليمارس بها ملكاته في دنياه.
تأثير حياة محمود تيمور على إنتاجه الأدبي
وكانت لبداية حياته تأثير كبير على إنتاج محمود تيمور الأدبي؛ وهو أكده في حوار له مع الشاعر فاروق شوشة بمجلة "الآداب" بتاريخ 1 سبتمبر لعام 1960، قائلا: حياة الكاتب لها ناحية ظاهرة، هي بيئته التي يعيش فيها وظروفه التي تحيط به وعمله الذي يشغله، وهناك ناحية باطنة لحياة الكاتب لا تقل عن تلك الحياة الظاهرة خطرا أن لم تزد، وهذه الناحية الباطنة هي مزاج الكاتب النفسي وأفقه الفكري، ومن كلتا الناحيتين مجتمعتين يتكون إنتاج الكاتب،
وتابع: فإذا أنا التفت إلى حياتي، أتبين إلى أي مدى أثرت تلك الحياة في إنتادجي الأدبي، وجرتني قد نقلت صور حياتي الظاهرة والباطنة في صفحات الكتب التي ظهرت لي خلال ثلث قرن أو يزيد، لقد ولدت في "درب سعادة" وهو الحي الذي يقع بين الموسكي وباب الخلق من مدينة القاهرة، وهذا الحي أصيل في شعبيته، يجمع أشتاتا من الطوائف والفئات، وهو حافل بالصناع والتجار وأرباب الحرف من كل صنف، وفيه تتوهج مختلف التقاليد والعادات والخصائص التي تتبلور فيها شخصيتنا المصرية في المدينة، وقد اندمجت في هذا الحي من عهد الطفولة وجانب من عهد الصباـ اختلط بأهله، وألاعب أولاد الحارة، وأعامل أصحاب الدكاكين المجاورة، وأستمع إلى أحاديث الأهلين صباح ومساء، وتقع عيني على شخصيات وأحداث، فيها العادي المألوف، وفيها الطريف العجيب، وفيها المضحكات المبكيات.
واستطرد: ثم انتقلنا إلى "ضاحية عين شمس"، فعشنا حياة ريفية بكل ما للريف من أوضاع ونظم، وبعد ذلك عدنا إلى "القاهرة" نسكن حي "العلمية" وهو حي وطني، كان يقطنه في ذلك العهد فئات من العلماء والموظفين وذوي الجاه، وكان له طابعه في النماذح البشرية، التي يموج بها. وفي أثناء ذلك كنا نقصد إلى الريف لنقضي فيه الإجازات الصيفية، وهنالك نحيا مع الفلاحين حياتهم المألوفة، يلذ لنا أن نختلط بهم ونسمر معهم ونزاول ما يزاولون من أعمال.
3 بيئات لـ محمود تيمورفي بداية حياته
أضاف: وهذه الحيوات المختلفة من تلك البيئات الشعبية والوطنية والريفية، كانت ينبوعا ترويت منه ما استطعت، ولا ريب في أن كثيرا من صور تلك الحيوات وأحداثها وشخوصها قد ترسبت في أعماق وجداني، وأنها كانت مددا لي أستعينه فيما أكتب من أقاصيص، وما أرسم من مناظر وأبطال، والحقيقة أني لو تصورت أولئك الذين رسمت صورهم في كتبي القصصية وقد مستهم نفحة الحياة، لانطلقوا يلتمسون طريقهم إلى مواطنهم، هذا يخطو إلى "درب سعادة" وهذه تسأل عن أهلها من "عين شمس" وذلك يطرق بيته في حي "العلمية" وتلك تطلب القطار ليبلغ بها ساحة القرية.