جمال عبدالناصر يتسلل فى الظلام لمشاهدة هذا الفيلم.. ما القصة؟
عن رواية "إني راحلة"، للكاتب الراحل يوسف السباعي، والتي قدمتها للسينما سمراء النيل الفنانة مديحة يسري، من إنتاجها وبطولتها في العام 1955، وشاركها بطولته الفنان عماد حمدي، زينب صدقي، سراج منير، زينات صدقي، ورشدي أباظة.
وحول الفيلم والرواية وذكرياته معهما، كشف الكاتب الروائي الكبير مصطفى نصر لـ"الدستور" عن كواليس الفيلم وحكايته مع الرئيس جمال عبدالناصر.
مديحة يسري تشتري حقوق "إني راحلة"
ويستهل "نصر" حديثه قائلًا: حكت الفنانة مديحة يسري، إنها عقب قراءتها لرواية إني راحلة، اتصلت بمؤلفها يوسف السباعي وسألته فيه حد اشتراها منك علشان يحولها لسينما؟
قال: لا، فاشترتها، وبالطبع، اتصلت بملك الرومانسية في ذلك الوقت - عزالدين ذوالفقار ليخرج الفيلم، فكرة غاية في البساطة، ضابط جيش يحب ابنة خالته، هو من أصول فقيرة (قابلت حالات كثيرة مشابهة، كنت في المدرسة الإعدادية أعرف زميلين أولاد خالة، أحدهما والده ضابط كبير في ميناء الإسكندرية، والآخر والده عامل في مطبعة، وكان هناك فرق شاسع بين ملابس وحياة الاثنين، من الممكن أن تكون القصة مستوحاة من قصة حقيقية لضابط زميل ليوسف السباعي) البطلة وأظن اسمها عايدة، تحب ابن خالتها، لكن والدها الباشا أو البك، يرفض زواجها من ابن خالتها الفقير، ويزوجها لرجل غني ومهم مثله، فلم ترتح له ولا لطبقته، وهربت منه، وتقابلت مع حبيبها - ابن خالتها - في شاليه، وقت الشتاء والبرد، الشاليه مخصص للإقامة في الصيف فقط، فليس فيه غطاء كافٍ، فتقوم البطلة من نومها فتجد حبيبها نائمًا في عز البرد دون غطاء، وهي متغطية بالغطاء الوحيد في الشاليه، فتقول لحبيبها: "أنت شخص أناني، لأنك غطيت الحاجة إللي أنت بتحبها وتركت الحاجة إللي أنا بحبها".
منتهى الرومانسية التي اتفق فيها معًا يوسف السباعي وعزالدين ذوالفقار، تعيش عايدة مع حبيبها أيامًا سعيدة، لكن الزائدة الدودية تنفجر ويموت حبيبها، فتحرق الشاليه وتحترق بجواره، نفس الذي كان يحدث في الهند زمان، عندما يموت الرجل، يحرقون جسده - كعادتهم هناك - ويحرقون مع جسده زوجته وهي على قيد الحياة.
جمال عبدالناصر يتسلل في الظلام لمشاهدة هذا الفيلم
ويضيف "نصر": أذكر عندما كنت أقرأ رواية "إني راحلة" وأنا موظف بشركة الورق، كان معي زميل وزميلتان قريبان مني جدًا، فكنت أسخر من هذه الرومانسية المفرطة أمامهم، وكتبت عن رومانسية عزالدين ذوالفقار - في روايتي سينما ألدورادو - عندما تحدثت عن فيلمه امرأة في الطريق - وهو في رأيي أفضل أفلام عزالدين ذوالفقار وأقواها، سخرت في رواية "إني راحلة" من موقف عايدة لأن حبيبها غطى الحاجة إللي بيحبها وترك الحاجة التي تحبها هي، الغريب أن الدكتور أحمد جويلي، قال لي: "أنا بكيت من شدة التأثر عندما قرأت ما كتبته عن الفيلم يعني هذه الرومانسية التي أسخر أنا منها، هناك من يحبها ويفضلها ويبكي من شدة التأثر بها".
حضر أنور السادات عرض فيلم "إني راحلة" وكان وقتها رئيسًا لمجلس الأمة، وعندما تقابل مع الرئيس جمال عبدالناصر، قال له جمال عبدالناصر معاتبًا: "كده تروح تتفرج على فيلم إني راحلة وحدك"؟! فاتصل السادات بصناع الفيلم وأبلغهم أن الرئيس جمال عبدالناصر يريد مشاهدة الفيلم، وبالطبع تم حضور جمال عبدالناصر في السينما في حفل عرض عادي. دخل السينما في الظلام، لكي لا يراه أحد، وخرج أيضًا في الظلام دون أن يراه أحد.