رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

فى عيدها الوطنى للاستقلال.. ماذا جرى فى أوكرانيا منذ بداية الحرب؟

القوات الأوكرانية
القوات الأوكرانية

تحتفل أوكرانيا، اليوم السبت، بالذكرى الـ33 "ليوم الاستقلال"، الذي تحتفل فيه بذكرى استقلالها عن الاتحاد السوفيتي عام 1991، ومنذ ذلك الحين بدأت أوكرانيا كتابة تاريخها مرة أخرى، وهناك الكثير مما يمكن أن نذكره حول استقلال أوكرانيا سابقًا من الاتحاد السوفيتي، وحربها ضد روسيا الآن، والتي تمثل استقلالًا جديدًا، وتعطي درسًا قويًا في الصمود والكفاح.

يوم الاستقلال بالنسبة للأوكران شيئًا لا ينبغي تفويته؛ حيث كانت تقام الاحتفالات كل عام في الميادين وسط كييف، إلا أنه منذ بدء الحرب الروسية على أوكرانيا، دعا الرئيس الأوكراني "زيلينسكي" إلى وقف الاحتفالات التي كانت مصحوبة بعروض عسكرية، وكما يبدو أن العرض العسكري أصبح أكبر من مجرد عرض فيما أصبحت حربًا طويلة وصعبة تحكيها بوضوح التفاصيل والأرقام والنتائج.

قصة جديدة للاستقلال

منذ عام 2014 بدأ العدوان الروسي على أوكرانيا، والذي أدى إلى احتلال مؤقت لما يقرب من 25% من أراضي أوكرانيا، ومنذ 24 فبراير 2022 تمكنت أوكرانيا من تحرير 50% من الأراضي التي احتلتها روسيا، فيما ركز الجيش الروسي، الذي يبلغ تعداده حاليًا حوالي 520 ألف جندي في أوكرانيا ويخطط لزيادة عدده إلى 690 ألفًا بحلول نهاية عام 2024، جهوده على مناطق رئيسية، مستخدمًا القوة البشرية والتفوق الجوي في هجومه، بينما ألحقت القوات الأوكرانية أضرارًا كبيرة بالقوات الروسية في شرق وجنوب أوكرانيا، خاصة حول توريتسك وبوكروفسك.

من جانبها، تسعى أوكرانيا إلى التكافؤ أو التفوق في الأسلحة والذخيرة، حيث تواجه مشكلة حاليًا فى نقص المعدات بنسبة 1:2 أو 1:3 مقارنة بروسيا، في الوقت الذي أدت الحرب إلى خسائر روسية كبيرة، حيث تم تدمير 600470 جنديًا وعشرات آلاف الأصول العسكرية، بما في ذلك 17104 مدفعيات، 8513 دبابة، و367 طائرة، و328 مروحية، وكذلك ثلث الأسطول البحري الروسي في القرم المحتلة مؤقتًا، والهجمات بالمُسيرات على المصافي وخزانات الوقود والمطارات العسكرية في روسيا، ولكن على الرغم من الخسائر الفادحة التي تكبدتها روسيا، إلا أنها تواصل التصعيد، معتمدة على زيادة الإنتاج العسكري والدعم من حلفائها مثل بيلاروسيا وكوريا الشمالية وإيران.

وتتضمن تكتيكات روسيا في حربها على أوكرانيا جرائم حرب، مثل استخدام الأسلحة الكيميائية والهجمات المتكررة على المدنيين الأوكرانيين، بما في ذلك المستشفيات والمناطق السكنية، بالإضافة إلى تدمير سد كاخوفكا للطاقة الكهرومائية والاستيلاء على محطة الطاقة النووية بمحافظة زابوريجيا، كما تزيد التهديدات النووية الروسية، ما يزيد من المخاوف الأمنية العالمية.

القوات الأوكرانية

الدعم العسكرى لأوكرانيا

مواصلة الحرب في أوكرانيا لما يزيد على عامين ونصف العام، تزيد من حاجة أوكرانيا إلى إمدادات مستقرة من الأسلحة، لوقف روسيا، وهو ما سيؤدى بدوره إلى منع انتشار الحرب إلى دول أخرى.

 وأفادت تقارير غربية بأن الاحتياجات الرئيسية لأوكرانيا تشمل أنظمة الدفاع الجوي والمدفعية والصواريخ بعيدة المدى والطائرات دون طيار، وعلى وجه التحديد تحتاج أوكرانيا إلى 25 نظام باتريوت، و128 طائرة مقاتلة حديثة، وأنظمة حرب إلكترونية حديثة.

وفي هذا السياق، علّق السفير ميكولا ناهورني، سفير أوكرانيا في القاهرة، لـ"الدستور": "أعربت أوكرانيا عن امتنانها للقرار التاريخي بتوفير طائرات مقاتلة من طراز إف-16، والتي من شأنها أن تعزز قدراتها الدفاعية، كما ساهم الإذن الأمريكي بضرب أهداف عسكرية في روسيا بالفعل في وقف التقدم الروسي نحو خاركيف".

وحول بعض العوائق في تسليح أوكرانيا، أوضح سفير أوكرانيا في القاهرة: "أوكرانيا مستعدة للعمل مع الشركاء لتطوير حل قانوني يسمح للطائرات الحربية الغربية باعتراض الصواريخ الروسية فوق أوكرانيا، في حين لا توجد أنظمة دفاع جوي كافية لحماية البنية التحتية الحيوية، خاصة تلك الحيوية لأمن الطاقة في دول حلف شمال الأطلسي".

القوات الأوكرانية

السلام العادل

أبدت أوكرانيا رغبتها في السلام العادل، وأعلنت قبولها صيغة سلام تلتزم بالسلام الشامل والعادل والدائم القائم على القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة.

وأضاف السفير ميكولا ناهورني، لـ"الدستور": "منذ عام 2014، أجريت أكثر من 200 جولة من المفاوضات مع روسيا، بما في ذلك في صيغة نورماندي. ومع ذلك، تؤكد أوكرانيا أن وقف إطلاق النار مرة أخرى دون انسحاب القوات الروسية لن يسمح لروسيا إلا بالاستعداد لهجوم أكثر وحشية".

وعقدت القمة العالمية الأولى للسلام يومي 15 و16 يونيو 2024 في بورجنستوك، سويسرا، بمشاركة 101 وفد، وركزت القمة على ثلاثة تحديات عالمية: السلامة النووية، والأمن الغذائي، والإفراج عن السجناء والمستبعدين.

وفي هذا السياق، أوضح سفير أوكرانيا: "أوكرانيا تخطط لاستضافة قمة السلام العالمية الثانية، التي هدفها جعل روسيا تحترم سيادة أوكرانيا، ونقرر مع البلدان الأخرى كيفية الوصول إلى سلام عادل ودائم لأوكرانيا والعالم، ونقوم بإعداد خطة عمل نزيهة ومتفق عليها على مستوى المستشارين والوزراء خلال اجتماعات خاصة، وسيتم تسليمها إلى ممثلي روسيا".

وأردف قائلًا: "إننا نرحب بأي مقترحات تهدف إلى استعادة السلام العادل في أوكرانيا، لكننا ننطلق من موقف مفاداه أن مثل هذه المقترحات يجب أن تستند إلى عنصرين رئيسيين: لا شيء عن أوكرانيا بدون أوكرانيا، ويجب أن تستند إلى ميثاق الأمم المتحدة والقرار الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن (مبادئ ميثاق الأمم المتحدة التي يقوم عليها السلام الشامل والعادل والمستدام في أوكرانيا) في 23 فبراير 2023 بالأغلبية الساحقة من 141 صوتًا، واحترام سيادة وسلامة أراضي أوكرانيا داخل الحدود المعترف بها دوليًا".

أرقام مخيفة 

خلال شتاء 2022/ 2023، شنت روسيا 33 هجومًا صاروخيًا ضخمًا، استهدف البنية التحتية للطاقة في في معظم مناطق أوكرانيا، ما أدى إلى خسارة حوالي 50% من نظام الطاقة في أوكرانيا، وفي ربيع 2024 بدأت روسيا في استهداف نظام الطاقة الأوكراني عمدًا، بهدف تحقيق انقطاع كامل للكهرباء في أوكرانيا، وتدمير نظام الطاقة بأكمله للتأثير على اقتصاد أوكرانيا وقدرتها على تصدير الكهرباء إلى أوروبا، وخلق وضع كارثي بحلول الشتاء القادم، حسب تقارير إعلامية.

كما أطلقت أوكرانيا سراح 3405 أشخاص من الأسر الروسية، مع اكتمال 54 عملية تبادل حتى 27 يوليو 2024. وتعرض أكثر من 95% من أسرى الحرب الأوكرانيين في روسيا للتعذيب، كما أبلغت أوكرانيا عن اختفاء 42000 شخص، بمن في ذلك العسكريون والمدنيون، مع احتجاز 14000 مدني بشكل غير قانوني من قبل روسيا. 

بدأت وكالات إنفاذ القانون الأوكرانية تحقيقات في 139603 جرائم حرب و18678 جريمة ضد الأمن القومي، بما في ذلك 12927 حالة وفاة بين المدنيين (منهم 569 طفلًا) و22914 إصابة، وتضرر أو دمر أكثر من 181000 موقع من مواقع البنية الأساسية المدنية، بما في ذلك 146025 مبنى سكنيا و3463 مؤسسة تعليمية، وتقدر اليونسكو الأضرار التي لحقت بالقطاع الثقافي في أوكرانيا بنحو 3.5 مليار دولار على مدى العامين الماضيين، مع الحاجة إلى 9 مليارات دولار للتعافي.

144000 كيلومتر مربع من أوكرانيا، أي حوالي 25% من إجمالي مساحة البلاد، ملوثة بالألغام والذخائر غير المنفجرة الروسية. وتم تطهير 30000 كيلومتر مربع، ولكن 3 ملايين هكتار من الغابات و1.2 مليون هكتار من المناطق المحمية لا تزال متأثرة.

وتبلغ التكلفة الإجمالية لتعافي أوكرانيا بسبب الدمار الذي أحدثته روسيا 486 مليار دولار أمريكي (وفقًا للبنك الدولي)، مع 152 مليار دولار أمريكي من الأضرار المباشرة الناجمة عن الحرب، وعلى الرغم من التحديات، زادت الصادرات الأوكرانية بنسبة 35% في النصف الأول من عام 2024، وعادت إلى مستويات ما قبل الحرب، وتحتاج أوكرانيا إلى 30 مليار دولار أمريكي من الاستثمارات السنوية على مدى السنوات العشر المقبلة لإعادة الإعمار وتطوير البنية التحتية.

من الصعب الاحتفال بيوم الاستقلال في أوكرانيا وسط الحرب المستمرة منذ أكثر من عامين، والتي تحكي قصتها أرقام مخيفة، بينما تظل المناسبة الوطنية الأوكرانية فرصة لتذكير العالم بأن شيئًا سيئًا جدًا حدث هناك ولا يزال يحدث.