لغز التوغل الأوكرانى على الحدود الروسية.. إخفاق استخباراتى أم فخ استراتيجى؟
بعد قرابة أسبوعين من التوغل الأوكراني المفاجئ على الحدود الروسية، نجحت القوات الروسية أخيرًا في إبطاء وتيرة التقدم، حيث مهدت هذه الخطوة لمعركتها المقبلة في منطقة كورسك والتي تنطوي على مخاطر سياسية كبيرة لكلا الجانبين، حيث تكشف هذه المعركة إما إخفاقًا استخباراتيًا روسيًا كبيرًا أو فخًا استرايتيجيًا لأوكرانيا، قد يحول نصرها لهزيمة كبرى، بحسب تقرير لصحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية.
فشل روسي أم فخ استراتيجي؟
وبحسب الصحيفة الأمريكية، فقد تعهد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين برد حاسم على أول توغل للأراضي الروسية منذ الحرب العالمية الثانية، ولكن حتى الآن، ركز الرد على احتواء التوغل بدلًا من عكسه، الأمر الذي أثار تساؤلًا حول ما قد تكون القوات العسكرية الروسية المنهكة على استعداد للمخاطرة به لطرد الغزاة أو ما إذا كانت قادرة على القيام بذلك.
وبحسب الصحيفة الأمريكية، فإن "التوغل الأوكراني غير المتوقع للحدود الروسية كشف عن الإخفاقات الاستخباراتية المستمرة التي يعاني منها الجيش الروسي"، فضلًا عن نقص الاحتياطيات الجاهزة للقتال في حرب خاضتها على جبهة تمتد على طول 750 ميلًا، كما قلبت المكاسب السريعة التي حققتها أوكرانيا التصور العالمي للتقدم الروسي البطيء، ولكن الذي لا يمكن إيقافه نحو النصر في حرب استنزاف.
وأشارت إلى أنه مع تقدم القوات الأوكرانية، صدمت مقاطع فيديو لمجموعات مستسلمة من المجندين الروس صغار السن وحرس الحدود في روسيا، ما هز رواية بوتين بأن الحرب في أوكرانيا كانت تُخاض بعيدًا من قبل متطوعين مصممين يحصلون على رواتب جيدة.
وأوضحت الصحيفة الأمريكية أنه بالرغم من التقدم الأوكراني فإن المعركة لا تزال في المناطق الحدودية الروسية في مراحلها الأولية، والوتيرة الحالية لغزو كورسك تمنح بوتين الوقت لمعايرة رده.
وقال محللون إنه بدلًا من إضعاف قبضة الكرملين على السلطة، قد يتسبب الغزو في نهاية المطاف في تجمع المزيد من المواطنين الروس حول العلم.
وكتبت تاتيانا ستانوفايا، وهي عالمة سياسية روسية، على وسائل التواصل الاجتماعي يوم الثلاثاء: "إن غزو كورسك هو بالتأكيد ضربة لسمعة الكرملين، من غير المرجح أن يؤدي إلى ارتفاع كبير في السخط الاجتماعي أو السياسي بين السكان، ولن يؤدي أيضًا إلى تمرد النخبة".
من الناحية العسكرية، من المنظور الروسي، خلقت حيلة كييف أيضًا فرصة لاستنزاف القوات المحدودة لأوكرانيا بشكل أكبر وتحقيق مكاسب في مناطق أخرى من الجبهة.
وقال محللون عسكريون روس، إن هذا قد يحول النصر السياسي قصير الأجل للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى هزيمة استراتيجية.
ولاحظ هؤلاء المحللون أن عملية كورسك، بعد أن تمت الإشادة بها في البداية باعتبارها ضربة عسكرية رائعة، قد تنتهي إلى أن تصبح فخًا للجيش الأوكراني.
وقال فاسيلي كاشين، عالم السياسة في المدرسة العليا للاقتصاد التي تديرها الدولة في موسكو، والذي يدرس التأثير السياسي لحرب روسيا، "إن غزو كورسك لم يفعل سوى توسيع وإطالة أمد حرب الاستنزاف، حيث تتمتع روسيا بميزة الموارد".
من بين الخيارات المتاحة للجنرالات الروس، كما يقول المحللون، محاولة حشد قوة جديدة ساحقة لسحق رأس جسر أوكرانيا في كورسك أو استخدام ميزتهم في الطيران والمدفعية لضرب القوات تدريجيًا حتى التراجع.
وأضافت الصحيفة الأمريكية أن تنفيذ هاتين الاستراتيجيتين قد يستغرق أسابيع، أو حتى أشهرا، وسوف يأتي ذلك على حساب مناطق أخرى من الجبهة، وهو ما يعكس حقيقة الحرب، حيث لا يملك أي من الجانبين الموارد الكافية لإجبار خصمه على إنهاء القتال.