رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عاجل.. أسعار الدواجن والسكر والزيوت تقود معدلات التضخم إلى التراجع

الدواجن
الدواجن

 

 

تحسن ملحوظ شهدته معدلات التضخم خلال شهر يوليو الماضى، مع انخفاض أسعار بعض السلع الأساسية مثل الدواجن والسكر والزيت، وهو ما يعكس حدوث تطورات إيجابية فى الأسواق المحلية، رغم التحديات الاقتصادية التى تواجهها مصر فى السنوات الأخيرة.

وتراجع المعدل السنوى للتضخم العام فى الحضر للشهر الخامس على التوالى ليسجل ٢٥.٧٪ فى يوليو الماضى، مقابل ٢٧.٥٪ فى يونيو ٢٠٢٤، وجاء التراجع مدفوعًا بالسلع الغذائية وغير الغذائية على حد السواء.

وكشف البنك المركزى عن تراجع معدل التضخم السنوى للسلع الغذائية ليسجل ٢٩.٧٪ خلال يوليو، مقابل ٣١.٩٪ خلال يونيو، بينما تراجع معدل التضخم السنوى للسلع غير الغذائية فى يوليو ليسجل ٢٢.٩٪ مقابل ٢٤.٥٪ فى الشهر السابق عليه.

وقال الدكتور ثروت الزينى، نائب رئيس اتحاد منتجى الدواجن، إن انخفاض القوة الشرائية لدى المستهلكين كان من أبرز العوامل التى أسهمت فى هذا التراجع، حيث سجلت أسعار مجموعة اللحوم والدواجن انخفاضًا بنسبة ٥.٧٪ خلال يوليو.

وأضاف «الزينى»: ونتيجة لذلك أصبح سعر بيع الدواجن أقل من التكلفة الفعلية التى يتحملها المنتجون ما وضعهم فى موقف صعب، حيث يضطرون إلى البيع بأسعار لا تغطى تكاليف الإنتاج الفعلية، وهذا يشكل تحديًا كبيرًا لصناعة الدواجن فى مصر.

ودعا إلى تفعيل القانون رقم ٧٠ لسنة ٢٠٠٩ الذى يحظر تداول الطيور الحية، مشيرًا إلى أن تطبيق هذا القانون يمكن أن يلعب دورًا محوريًا فى الحد من تقلبات الأسعار فى السوق. 

وأوضح أن تفعيل هذا القانون سيسهم فى توفير نسبة تتراوح بين ١٥٪ و٢٠٪ من التكلفة للمستهلكين، من خلال تقليل عدد الحلقات الوسيطة فى سلسلة التوريد، التى تسهم بشكل كبير فى رفع الأسعار النهائية التى يدفعها المستهلك. 

وأشار إلى أن حجم مخلفات الدواجن فى منطقة القاهرة الكبرى وحدها يبلغ نحو ٣٥٠ طنًا يوميًا، وهو ما يمثل تحديًا بيئيًا واقتصاديًا كبيرًا يجب التعامل معه بفعالية.

وفيما يتعلق بالتحديات المستقبلية، لفت إلى أن سوق الدواجن فى مصر تتميز بالتنوع الكبير، حيث يشكل كبار المنتجين بنحو ٢٥٪ فقط من إجمالى الإنتاج، فى حين يسهم صغار المربين بنسبة تتجاوز ٦٥٪ من إجمالى الإنتاج الكلى، وهذا التنوع والتوزيع النسبى بين كبار وصغار المنتجين يعززان التنافسية فى السوق ويمنع ظهور أى شكل من أشكال الاحتكار.

ولفت أيضًا إلى أن الأعلاف متوافرة بشكل كافٍ فى الوقت الحالى، مع وجود مخزون يكفى لتغطية احتياجات السوق لمدة تصل إلى شهرين، ما يضمن استقرار الإنتاج خلال الفترة المقبلة.

وأكمل: «الدواجن كسلعة حية لا تقبل التخزين فترات طويلة، ما يضيف تعقيدات إضافية لعملية الإنتاج والتسويق، ورغم هذه التحديات يظل تطبيق الإجراءات القانونية والتنظيمية المناسبة، مثل منع تداول الطيور الحية، أمرًا حاسمًا لتعزيز الاستقرار فى سوق الدواجن وتحقيق التوازن بين العرض والطلب».

وبيّن أنه فى ضوء هذه العوامل، يتضح أن صناعة الدواجن فى مصر تواجه تحديات كبيرة، لكنها تمتلك أيضًا فرصًا لتعزيز الاستقرار وتحقيق النمو إذا ما تم تطبيق السياسات والإجراءات المناسبة بشكل فعال.

من جهته ذكر عبدالعزيز السيد، رئيس شعبة الدواجن بغرفة القاهرة التجارية، أن الانخفاض فى أسعار الدواجن كان أحد العوامل الرئيسية التى أسهمت فى هذا التراجع الملحوظ فى التضخم، وأضاف أن ذلك جاء نتيجة تحسن العرض وزيادة الإنتاج، إلى جانب الجهود المشتركة بين الحكومة والقطاع الخاص لتعزيز الاستدامة فى قطاع تربية الدواجن، خاصة من خلال تأمين إمدادات كافية من الأعلاف.

وأشار إلى أن استقرار تكلفة الأعلاف كان نتيجة لزيادة الإنتاج المحلى وتوافر المواد الأولية الضرورية، ما أسهم فى خفض تكاليف الإنتاج بشكل ملحوظ، كما لعبت السياسات الداعمة للمربين المحليين دورًا حيويًا فى تعزيز المعروض من الدواجن، وهو ما أدى إلى استقرار الأسعار على نحو ملحوظ.

وبين أن موجات الحر التى شهدتها البلاد أسهمت أيضًا فى زيادة المعروض من الدواجن، حيث لجأ العديد من المربين إلى تسويق الدورات بمجرد وصولها إلى عمر ٤٥ يومًا، لتقليل معدل النفوق الذى قد يحدث نتيجة ارتفاع درجات الحرارة، خاصة فى المزارع التى تعتمد على نظام التربية المفتوح.

وأفاد المهندس حسن الفندى، رئيس شعبة السكر بغرفة الصناعات الغذائية باتحاد الصناعات، بأن أسعار مجموعة السكر والأغذية السكرية سجلت تراجعًا بنسبة ٢.٠٪، ما أسهم بدوره فى خفض معدل التضخم. 

وأشار «الفندى» إلى أن هذا التراجع حدث بفضل زيادة الإنتاج المحلى والاستثمارات الجديدة فى القطاع الزراعى، خاصة بعد دخول شركة القناة للسكر فى حيز الإنتاج، ما ساعد فى تحقيق توازن أفضل بين العرض والطلب.

وأوضح أن الواردات من السكر بأسعار منخفضة لعبت دورًا كبيرًا فى تحقيق هذا التوازن فى السوق المحلية؛ إذ كانت الأسعار العالمية للسكر أقل مما هى عليه محليًا، وهو ما ساعد فى تقليل الضغوط التضخمية على الاقتصاد المصرى.

ولفت إلى أن التعديلات التى أُجريت على السياسات الاقتصادية والتجارية كان لها تأثير إيجابى كبير على ظروف السوق، وذلك من خلال دعم الإنتاج المحلى وتعديل سلسلة الإمدادات. 

وأكد أن استمرار هذا الاتجاه الإيجابى فى تراجع معدل التضخم يعتمد على القدرة على مواصلة تحسين العرض فى السوق وفاعلية السياسات الاقتصادية المطبقة. 

ويرى «الفندى» أن تعزيز الإنتاج المحلى، خصوصًا فى القطاعات الحيوية مثل الدواجن والسكر، سيكون له أثر إيجابى طويل الأمد على استقرار الأسعار وحماية الاقتصاد من تقلبات السوق العالمية.

وقال أيمن قرة، عضو غرفة الصناعات الغذائية باتحاد الصناعات المصرية، إن أسعار الزيوت فى مصر انخفضت بنسبة تصل إلى ٣٦٪ منذ قرار تحرير سعر الصرف، مشيرًا إلى أن هذا التراجع الملحوظ فى أسعار الزيوت يأتى فى سياق انخفاض معدلات التضخم خلال شهر يوليو، وأسهمت عدة عوامل فى هذا الانخفاض، أبرزها تراجع القوة الشرائية لدى المستهلكين المصريين.

وأوضح «قرة» أن ارتفاع الأسعار فى الأسواق خلال الفترات السابقة دفع العديد من المستهلكين إلى شراء كميات كبيرة من الزيوت وتخزينها، خشية من زيادة محتملة فى الأسعار مستقبلًا، وهذا السلوك أدى إلى تراجع كبير فى الطلب خلال شهر يوليو، إذ امتلأت المنازل بالمخزون الكافى من الزيوت، ما أضعف الطلب فى السوق، وبالتالى أدى إلى انخفاض الأسعار.

وأضاف أن الحكومة لعبت دورًا أساسيًا فى دعم أسعار الزيوت، من خلال الاستمرار فى ضخ ٧٠ مليون زجاجة زيت ضمن منظومة التموين بأسعار مدعومة، وهذا التدخل الحكومى أسهم فى التخفيف من تأثير ارتفاع الأسعار على المواطنين، بعدما تحملت الحكومة جزءًا كبيرًا من تكلفة هذه الزجاجات دون تحميل المستهلكين أعباء إضافية، وذلك فى محاولة لتخفيف الضغط الاقتصادى على المواطنين فى ظل التحديات الاقتصادية الحالية.

وفيما يتعلق بتأثير تحرير سعر الصرف، أشار إلى أن قرار الحكومة بتحرير سعر الصرف أدى إلى تغييرات كبيرة فى صناعة الزيوت، وقال: «على الرغم من ارتفاع الأسعار العالمية للزيوت الخام، فإن تحرير سعر الصرف أسهم فى تقليص تكلفة التصنيع محليًا بنسبة ٣٦٪، ما جعل الزيوت المصنعة فى مصر أكثر تنافسية فى السوق المحلية، وهذا التحول كان له أثر إيجابى على قدرة المصانع المحلية على تقديم منتجات بأسعار مناسبة رغم التحديات العالمية».

وقال الدكتور الحسينى الننى، أستاذ المحاصيل الزيتية بوزارة الزراعة واستصلاح الأراضى، إن مصر تعد واحدة من الدول التى تعتمد بشكل كبير على استيراد الزيوت الخام لتلبية احتياجاتها الغذائية، ويصل استهلاكها إلى نحو ٢.٢ مليون طن من الزيوت الخام سنويًا.

وأضاف «الننى»: «فى ظل هذه الحاجة الملحة تسعى الدولة حثيثًا نحو تحقيق الاكتفاء الذاتى فى إنتاج الزيوت من خلال التوسع فى زراعة المحاصيل الزيتية»، مشيرًا إلى أن مصر بدأت بالفعل خطوات مهمة نحو التوسع فى الرقعة الزراعية للمحاصيل الزيتية، مع التركيز على مناطق توشكى وشرق العوينات ومستقبل مصر.

ولفت إلى أن تحقيق الاكتفاء الذاتى فى إنتاج الزيوت فى مصر له العديد من الفوائد الاقتصادية والاجتماعية، فهو يسهم فى تقليل العجز فى الميزان التجارى الناتج عن استيراد الزيوت الخام، ويقلل من تأثر الاقتصاد المحلى بالتقلبات العالمية فى أسعار السلع،  إضافة إلى ذلك، فإن تعزيز الإنتاج المحلى يخلق فرص عمل جديدة فى القطاع الزراعى والصناعات التحويلية المرتبطة به، ما يدعم التنمية الاقتصادية المستدامة.