«العلمين القديمة».. تطور غير مسبوق فتح أبواب «رزق جديدة»
من مسرح عمليات الحرب العالمية الثانية بمدينة العلمين، تلك الأرض التى دارت فوقها المعركة الفاصلة بين قوات الحلفاء والمحور، وغيرت صفحات التاريخ فى العالم ورُويت صحراؤها بدماء آلاف الجنود من مختلف جنسيات العالم، أجرت «الدستور» معايشة داخل مدينة العلمين القديمة، والتقت عددًا من الأهالى الذين انتعشت أحوالهم الاقتصادية بفضل إنشاء مدينة العلمين الجديدة. تقع المدينة على مساحة 16 ألف فدان تقريبًا، وتضم عددًا من المزارات السياحية المهمة، هى: «متحف العلمين الحربى ومقابر الكومنولث والمقابر اليونانية»، وأنشأت الدولة مستشفى العلمين النموذجى وأقامت بعض المشروعات القومية المهمة. كما اهتمت الدولة بقرية سيدى عبدالرحمن التابعة لمدينة العلمين، وجرى إنشاء عدد من المشروعات التى تقدم الخدمات لأهالى المنطقة، ومن بين تلك المشروعات إنشاء مجمع خدمات «تحيا مصر»، الذى يضم مبنى الوحدة المحلية وفرع شركة مياه الشرب والصرف الصحى والبريد والشهر العقارى والسجل المدنى ومكتب تموين وعددًا من البنوك ومولًا تجاريًا وماكينة لإصدار الوثائق المميكنة ومكتب التضامن الاجتماعى. وأنشأت الدولة المدينة الشبابية، التى تضم ملاعب وحمام سباحة وصالة ألعاب رياضية، وتقدم خدماتها لأهالى سيدى عبدالرحمن وزوار المنطقة، فضلًا عن إنشاء وتطوير المدارس وتطوير الوحدات الصحية.
تاريخ الحرب العالمية والمشاركون فيها بالمتحف الحربى
بدأت جولة «الدستور» فى مدينة العلمين بالمتحف الحربى، الذى جرى إنشاؤه عام ١٩٦٥، وجرى بعد ذلك تطويره وافتتاحه فى العيد الـ٥٠ لمعركة العلمين عام ١٩٩٢، ويتكون من ٥ قاعات وبهو رئيسى يتوسطه النصب التذكارى.
تضم القاعة الأولى معروضات الدول التى شاركت فى الحرب وأسباب المعركة، والقاعة الثانية تعرض القوات الإيطالية التى اشتركت فى معارك شمال إفريقيا بتشكيلاتها المختلفة.
أما القاعة الثالثة فهى «قاعة مصر»، وجرى إنشاؤها ضمن خطة تطوير المتحف، وتوضح دور مصر فى الحرب العالمية الثانية. والقاعة الرابعة تعرض القوات الألمانية التى اشتركت فى معارك شمال إفريقيا بتشكيلاتها المختلفة. والقاعة الخامسة تعرض القوات البريطانية التى اشتركت فى معارك شمال إفريقيا، وأخيرًا هناك العرض المكشوف للأسلحة الثقيلة الخاصة بقوات المحور والحلفاء التى شاركت فى الحرب.
جداريات تحمل أقوال زعماء العالم.. وأبرزهم الرئيس السيسى
تضم المدينة جداريات جميلة تحمل أقوالًا مأثورة لأهم زعماء العالم، وعلى رأسهم الرئيس عبدالفتاح السيسى، وهناك جدارية تحمل مقولته الخالدة: «آن الأوان لكسر ما تبقى من جدار الكراهية والحقد للأبد.. فتجربة مصر تثبت أن السلام ممكن».
ومن بين الجداريات، جدارية تحمل مقولة الرئيس الأمريكى الأسبق هارى ترومان: «إذا كنت لا تستطيع إقناعهم قُم بإرباكهم»، ومقولة القائد العسكرى الألمانى روميل، ثعلب الصحراء: «دائمًا ما يمكن فى لحظة الخطورة القصوى تحقيق أشياء لم تكن ممكنة من قبل».
وهناك مقولة لأدولف هتلر: «إذا كنت تريد أن تسطع كالشمس فعليك أولًا أن تحترق مثلها»، كما دونت مقولة للرئيس الأمريكى الأسبق فرانكلين روزفلت: «الشىء الوحيد الذى يجب أن تخاف منه هو الخوف». كما تتضمن جداريات العلمين مقولة القائد العسكرى البريطانى برنارد مونتجُمرى: «لا تدع رجلًا يستسلم طالما كان قادرًا على القتال».
الأهالى: القيادة السياسية وفرت فرص العمل وجذبت الاستثمارات
قال إبراهيم مرسى محمد شحاتة، أحد أبناء مدينة العلمين، صاحب أحد المولات التجارية، إنه يقيم فى المدينة منذ تسعينيات القرن الماضى هو وأسرته، وهو شاهد على التطور العمرانى الذى حدث.
وأوضح «شحاتة»: «فى البدء جرى إنشاء القرى السياحية، والتى بدورها جذبت السكان إلى المدينة ووفرت فرص العمل، وهذا ما جعل الدولة حينها تضع المدينة فى قائمة أولوياتها، وجرى الاهتمام بها وإنشاء الخدمات والمرافق».
وتابع: «كانت الدولة تهتم بمحافظة مطروح، وتحديدًا بمدينة العلمين تدريجيًا، وفى عهد الرئيس عبدالفتاح السيسى أصبح التطوير غير مسبوق.. شفنا الخير كله.. جهود الدولة واضحة رغم ارتفاع الأسعار والأزمة الاقتصادية التى يعيشها العالم». وأكد أنه فى عهد الرئيس السيسى فوجئ جميع الأهالى بإنشاء مدينة العلمين الجديدة، وأصبحت مدينة عالمية يتوافد عليها آلاف الزائرين من دول العالم، وأثر ذلك إيجابيًا على مدينة العلمين القديمة، وأصبح هناك رواج وانتعاش اقتصادى، فضلًا عن زيادة الكثافة السكانية ونسب العمالة وإنشاء المشروعات الصغيرة والمتوسطة التى وفرت العديد من فرص العمل.
وطالب بزيادة الخدمات داخل العلمين القديمة، وإنشاء المدارس الحكومية لاستيعاب الزيادة السكانية.
من جهته، قال محمود زكى، صاحب أحد المطاعم الشعبية بمدينة العلمين، إنه يقيم بالمدينة منذ ٢٤ عامًا، ولم يشهد تطورًا إلا فى عهد الرئيس عبدالفتاح السيسى، الذى استطاع بفكره المستقبلى إنشاء المدن الجديدة فى جميع أنحاء مصر واهتم بمدينة العلمين الجديدة التى تشبه أوروبا وجذبت الاستثمارات لمصر.
وأشار «زكى» إلى أنه عقب إنشاء المدينة الجديدة أصبح هناك رواج بالعلمين القديمة، وزادت عملية البيع وأصبحت هناك فرص عمل وزاد دخل العمال: «البلد كلها غلابة وفى عهد الرئيس السيسى بقينا مرضيين.. السيسى عمل إنجاز فى مصر كلها». بدوره، أوضح موالى جبريل، من أبناء قبائل مدينة العلمين، أن العلمين الجديدة فتحت باب رزق لكثير من الأهالى فى العلمين القديمة، وزادت العمالة، وأصبح هناك رواج بالمدينة، وزاد الدخل، وتحسن مستوى المعيشة.
وأعرب «جبريل» عن سعادته بإنشاء مدينة العلمين الجديدة فى وقت قياسى: «بالفكر والعمل استطاع الرئيس السيسى وضعها على خريطة السياحة العالمية، وهذه خطوة إيجابية ومتميزة ورؤية مستقبلية لم يتطرق إليها الرؤساء السابقون».
وتابع: «حسينا بالتطوير.. ولو الرؤساء السابقين اشتغلوا مثل الرئيس السيسى كنا بقينا فى أفضل حال.. نأمل فى مزيد من المشروعات والخدمات.. وكلنا مع الرئيس وداعمين لجميع القرارات».
وذكر أحمد عبدالله، مدير التشغيل بأحد الكافيهات بالعلمين، أن العلمين الجديدة إنجاز كبير لم يشهد المصريون مثله من قبل، موضحًا: «تصاميم الإنشاء فريدة من نوعها».
وقال «عبدالله»: «المدينة الجديدة تستقبل زوارًا من مختلف الجنسيات، وأرى السياح كل يوم فى الكافيه، وألاحظ الكثير من السياح القادمين من الصين وروسيا، وتحب الوفود الصينية مشروب الآيس لاتيه والموكا، وتبدأ الأسعار من ٥٠ جنيهًا، أما الوفود الروسية فتحب تناول الشاى، وسعره ٢٥ جنيهًا».
مقابر العلمين
تجولت «الدستور» داخل مقابر الكومنولث، تلك الأرض التى منحها الشعب المصرى كمثوى أبدى إلى رجال القوات البرية والبحرية والجوية الذين خلدوا فيها، وتتميز المقابر بتصميمها الفريد، ويحيطها ويتوسطها عدد من الأشجار والنباتات.
وتضم ٧ آلاف و٣٦٧ مقبرة لضحايا من بريطانيا ونيوزيلندا وأستراليا وجنوب إفريقيا وفرنسا والهند وماليزيا، وجرت كتابة أسماء ١١ ألفًا و٩٤٥ من الجنود الذين لم يتم العثور على أشلائهم.
وفى عام ١٩٧١، وبتصميم يونانى، جرى إنشاء النصب التذكارى للجنود اليونانيين الذين استشهدوا بمعركة العلمين عام ١٩٤٢، تخليدا لذكرى حوالى ٣٢٠ جندیًا یونانيًا تحولوا لأشلاء، جزء منهم فى مقابر الكومنولث وجزء فى كنيسة مار جرجس بالقاهرة.
وهناك بعض المقابر الأخرى التى تعد مزارات مهمة، مثل الألمانية، وجرى تشييدها فى عام ١٩٥٩، وتقع على مسافة ٣ كيلومترات غرب مدينة العلمين، وتطل على البحر مباشرة من فوق جبل مرتفع نسبيًا، وتضم تلك المقبرة رفات ٤ آلاف و٢٨٠ شخصًا.
ومن بين المقابر المهمة، المقبرة الإيطالية، التى تقع على مسافة ٥ كيلومترات غرب العلمين، وتعتبر أجمل المقابر من حيث الفخامة وفن المعمار، وتضم كنيسة صغيرة ومسجدًا وقاعة للذكريات ومتحفًا صغيرًا، إضافة إلى ٤ آلاف و٨٠٠ من الضحايا. وأشارت بعض الصور من المنطقة فى أثناء الحرب إلى أن الصحراء قد ابتلعت رفات ٣٨ ألفًا من الضحايا.