اونوريه دي بلزاك.. رفض الوظيفة ليسكن في حجرة مليئة بالحشرات
كانت حياة اونوريه دي بلزاك قاسية جدا فقد كانت والدته شخصية عصبية المزاج جدا، وكانت شديدة القسوة في مراقبته، ولم تكن تدع ابنها لحظة واحدة بدون عمل، ومن هنا فلم يحدث بين الولد وأمه أي ثقة، كان بسبب ما تفعله يجعله يقسو في الحكم عليها، حسبما ذكر محمد وهبي في مقال له عن بلزاك نشر عام 1949 بمجلة الأديب.
ويكمل:" درس اونوريه دي بلزاك في السوربون، وكان يقضي ساعات طويلة جدا في المكاتب العمومية ويستغرق في تذوق تعاليم اساتذته الكبار، فيلمان، فيكتور كوزان، غيزون وبعد أبحاثهم جعلها اونوريه دي بلزاك مادة لقصصه فيما بعد.
درس بلزاك مهنة القضاء، وكان شديد النشاط حد ان استاذه كتب أن بلزاك يحدث الاضطراب في دروسي، حتى أنه كتب إليه يقول له: نرجو من السيد بلزاك عدم الحضور لأننا لدينا اعمال كثيرة"، في كتابه عن حياته ذكر بلزاك العديد من المواقف، لكنه ركز بقوة على قسوة الأب والام لديه،:" عندما تخرجت في الكلية أخضعني ابي لنظام صارم شديد القسوة، كان يضغط علي لكي أنام يوميا في التاسعة مساء، واستيقظ في الخامسة صباحا، كانت غايته أن أدرس القانون بإخلاص..
خلاف بينه وبين أبويه
كان اونوريه دي بلزاك مقررا له أن يبدا عمله كاتب في المحكمة، غير أنه كانت لديه ميول أدبية، ولا يطيق احتمال الوظيفة، وهنا نشأ خلاف كبير بينه وبين أبويه حول مصيره والمهنة التي يجب أن يتخذها واحتد النقاش إلى ان تنازل الاب عن تشدده ف يمعارضته وتم الاتفاق على مهلة عامين للتجريب واختبار الموهبة والإنتاج في الميدان الادبي.
غرفة متواضعة
على اثر هذا النقاش استأجر بلزاك غرفة متواضعة في شارع "ليدجير" بالقرب من مصنع السلاح، وكان حال الغرفة سيئة جدا، كانت شديدة الرطوبة شتاء، شديدة الحر ومليئة بالبق في الصيف، وكان قرميد سقفها مكسور بحيث أن بلزاك كان يرى السماء في كل وقت، وكان أثاثها عبارة عن طاولة وكرسيين خشبيين، وسرير يكاد يكون مجوفا، ودولاب للملابس، وخزانة للكتاب
غير أن اونوريه دي بلزاك وجد في هذه الغرفة الحقيرة سعادة كبيرة كان يراها في الوحدة والهدوء من حوله، وانصرف للمطالعة والأدب وتفادى الانخراط في سك الوظيفة، وبسبب نصيحة من الأب دابلن نظم اونوريه تمثيلية "كرومويل"تعد من أجمل ما ظهر في العصر الحديث، وبدأ بلزاك خطواته الأدبية ليكرس لأديب من أعظم الادباء الذين تركوا أثرا كبيرا للبسرية كلها.