هدى سلطان تعترف بفضل هذا الفنان عليها في دخول الفن.. فمن هو؟
هدى سلطان، من الفنانات القلائل اللائي نجحن في التمثيل والغناء على حد سواء، فعلى مدار تاريخها الفني الممتد، قدمت العشرات من الأدوار التي لم تمح من ذاكرة الشاشة الزرقاء، ولا من وجدان ووعي جمهورها.
إلا أن هذا المشوار الفني لم يكن باليسير، ولا مفروشا بالورود، بل واجهت العديد من المعوقات والصعوبات خاصة في مستهل طريقها، وكانت معارضة شقيقها محمد فوزي لدخولها المجال الفني أصعب هذه التحديات التي واجهتها هدي سلطان.
في عددها الصادر بتاريخ 7 سبتمبر من العام 1954، روت هدى سلطان لمجلة الكواكب الفنية، كيف بدأت مشوارها الفني، وكيف كان الفضل الأكبر في أمر دخولها المجال للفنان فريد الأطرش، والذي نجح في إقناع محمد فوزي بالعمل في الفن وقد كان.
قصة رجل وراء هدى سلطان
وتستهل هدى سلطان حديثها مشيرة إلى أن هذه قصة لم يقرأها أحد ضمن ما كتب عني حتى اليوم، وهأنذا أسردها اعترافا بفضل الرجل الذي ساعدني علي دخول عالم الفن، كانت ليلة من ليالي رأس السنة، وكنت قد جئت حديثا إلي القاهرة، طامعة ــ وأعترف بهذا ــ في أن تتاح لي فرصة الغناء، ذلك أني كنت قد اكتشفت موهبتي قبل ذلك بوقت، بل ومارست الغناء في مسقط رأسي طنطا، لكن علي نطاق ضيق يتمثل غالبا في الحفلات الخاصة.
جئت أسعي إلى أضواء القاهرة أذن، ولكن يلاحقني وعيد الأسرة عن بكرتها، وفي المقدمة شقيقي محمد فوزي، أرجو ألا يغضبه هذا الكلام، فهو لا يزال معروفا بغيرته الشديدة علي أختيه، أنا وهند علام، دعتني صديقة إلى الحفلة التي تقيمها بالمناسبة المذكورة، فلما ذهبت أخذتني إلى مخدعها وهناك وجدت ثوبا أسود رائعا طلبت مني ارتداءه، وسألتها عن السبب فقالت إنها مفاجأة لطيفة، أعدتها لي، ولبست الثوب فتمت دهشتي حين وجدته يطابقني تمام المطابقة.
وتضيف هدى سلطان: "وانتظرت قليلا ثم دعتني إلى مكان الاحتفال فلما نزلت إذ بالمفاجأة الثانية تتلقاني، مجموعة من كبار الفنانين يتصدرهم فريد الأطرش، ثم كانت المفاجأة الثالثة أن طلبت مني صديقتي الغناء.
فقلت لها: "أغني وأمام فريد الأطرش؟ لا، لست مجنونة، يفتح الله" لكن الصديقة مازالت بي تقنعني إنها فرصة العمر، حتى تماسكت ووقفت أمام الميكرفون واستطعت أن أغني، غنيت كالمنومة تنويما مغناطيسيا، لم أدر ماذا قلت وماذا فعلت، حتي أفقت علي التصفيق الحاد. وحدقت في فريد فإذا بي أجده أشد الحاضرين تصفيقا.
وأخذتني صديقتي من يدي تقدمني إليه، فهنأني بحرارة ثم سألني إن كنت أستطيع مقابلته في مكتبه ليبحث معي أمر الغناء في فيلم من أفلامه، صعقت، لا أدري فرحا بهذا العرض الذي لم يخطر لي حتى في الأحلام، أم خوفا مما سيفعله شقيقي تتلوه بقية أفراد الأسرة، قلت أنني لا أستطيع أن أقطع بوعد، وطلبت من فريد أن يمهلني، وفهم فريد فأخذ من اليوم التالي يتصل بشقيقي، فكان الذي توقعته وثار فوزي، ورفض رفضا تاما أن يسمح لي بالغناء أو التمثيل أمام الكاميرا، هذا الموقف ضايق فريد، بل ضايق الكثيرين من أهل الفن ممن حضروا الحفلة.
هدي سلطان تلجأ للرأي العام ليوافق فوزي علي دخولها الفن
وتستدرك هدي سلطان: "لكن فريد استخدم بعد ذلك طريقة غريبة ليضطر فوزي إلي التنازل عن رأيه، استخدم سلاح الرأي العام فقلبه عليه، فصار لا يصبح ولا يمسي إلا على كلام المحيطين به عني، ولعلها كانت النغمة الوحيدة التي ابتدعها فريد ليزلزل أعصاب إنسان، النهاية ذات يوم استدعاني فوزي وأعلمني برفع أحكامه العرفية وأخذ مني الشروط على عملي بالسينما، وتعاقدت على أول فيلم لكن شاءت الظروف ألا يكون من أفلام فريد، شاءت ظروفه هو نفسه أن يقطف غيره ثمرة جهده.