رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

هل تحول "نور الشريف" فى بلاط صاحبة الجلالة لمحجوب عبدالدايم آخر؟

نور الشريف في فيلم
نور الشريف في فيلم جذور في الهواء

نور الشريف، عملاق التشخيص والثقافة، والراحل عن عالمنا في مثل هذا اليوم من العام 2015، في كل عمل من أعماله السينمائية٬ أضفي قطعة من روحه ووجدانه على كل شخصية وعمل قدمه.

 فأمام كل فيلم من أفلام نور الشريف أنت ترى الشخصية التي يؤديها نور وتنحسر تمامًا صورة الممثل الأنيق صاحب الملامح الوسيمة. هى أدوار تشربها وسبر أغوارها حتي النخاع٬ وليس فقط التقمص أو التشخيص، إنه هنا يستحضر شخوصه فنراهم هم على حقيقتهم، ومن بين هذه الشخصيات، شخصية “أيمن ربيع” الصحفي الذي نستشعر فيه ملامح من “محجوب عبدالدايم”.

 

هل تحول "نور الشريف" في بلاط صاحبة الجلالة لمحجوب عبدالدايم آخر؟

وعلى كثرة الأعمال السينمائية التي قدمها نور الشريف علي الشاشة الكبيرة، إلا أن هناك عديدًا من الأفلام التي يكاد جمهوره لا يعلم عنها شيئًا، إما لأنها لا تعرض أو ندرة عرضها. ومن بين هذه الأفلام، فيلم “جذور في الهواء”، الذي قدمه في العام 1986، عن قصة للكاتب ثروت أباظة، ومن إخراج المخرج التليفزيوني يحيي العلمي. وشاركته البطولة زوجته الفنانة بوسي، مريم فخر الدين، نظيم شعراوي، حسين الشربيني، أمل إبراهيم، نعيمة الصغير، شوقي شامخ، وهانم محمد.

تدور أحداث الفيلم حول علاقة حب تجمع ما بين الشابين “أيمن ربيع” و"تحية" وقدمت دورها بوسي، إلا أن ظروفهما الاجتماعية تحول دون زواجهما خاصة أن أيمن ربيع في مقتبل حياته العملية، يحلم بالعمل في الصحافة، وله توجهات يسارية تؤلب عليه كل من حوله وعلى رأسهم والدة حبيبته وقامت بدورها مريم فخرالدين. 

ما إن يبدأ أيمن ربيع طريقه في العمل الصحفي حتي تحاصره المتاعب من كل ناحية، ففضلًا عن رفض أسرة تحية زواجهما، يبلغ رئيس التحرير الجهات الأمنية عنه فيلقي القبض عليه ويسجن للتخلي عن قناعاته وآرائه. في الوقت الذي يتهدد مركز والد تحية في المؤسسة الحكومية التي يعمل بها، إلا أن “سعد بيه” أحد أصحاب النفوذ ما إن يري ابنته تحية حتي يساومه عليها، أن تصبح محظيته مقابل أن يترقي في المناصب، وعندما ترفض تحية وتقاوم يجبرها الأب علي تنفيذ مطالب سعد بيه!

وتتصاعد الأحداث ويخرج أيمن ربيع من محبسه بعد أن فقد نصف عقله، ويقع فريسة للأوهام التي تقنعه بها تحية وعلي رأسها، أنهما قد أقاما علاقة حميمية ولابد أن يتزوجا، فلم تجرؤ علي إخبارها بالحقيقة وأنها دفعت ثمن منصب أبيها من جسدها.

يصدق نور الشريف أو أيمن ربيع أكاذيب تحية، والتي تواصل علاقتها بسعد بيه، في الوقت الذي يعود أيمن رئيسًا لتحرير صحيفة كبري، وكتبه ورواياته وقصصه تملأ الأسواق والمكتبات حتي صار أشهر كاتب مصري.

وما إن تستقيم الأحوال المادية للزوجين، تحية وأيمن، حتي تبدأ تحية في رفض مطالب سعد بيه وخيانة زوجها، وبدوره يعيد الكرة ويهددها بفصل والدها من عمله والذي يصاب بأزمة قلبية، فما كان من تحية إلا أن رضخت لإرادة أبيها! وعادت لخيانة زوجها أيمن ربيع، والذي كانت الشكوك قد بدأت تراوده، إلا أنه لا يستجيب لها أو يحاول التيقن منها، مما يذكرنا بشخصية محجوب عبدالدايم في القاهرة 30.

الفيلم الذي قدمه نور الشريف عن قصة لثروت أباظة، والذي عرف عنه معاداته للعهد الناصري والرئيس عبدالناصر، فكانت قصته "جذور في الهواء" التي أهال فيها التراب على هذه الحقبة، وربما يكون هذا الفيلم من السقطات في تاريخ نور الشريف الفني، لذا يكاد الفيلم لا يكون معروفًا بين جمهور نور الشريف. فأبسط قواعد المنطق تقول كيف لأب أن يقدم ابنته مقابل منصب أو جاه وهو على علم تام بما تفعله؟!