«الشهرة».. محطة جديدة لصناعة النجوم من أرض العلمين
ما زال جراب الأحلام يمتلئ ويفيض عن آخره، لكن تبقى الشهرة هى الحلم الأكبر الذى يسبح على وجه قائمة الأحلام. للشهرة حضور طاغٍ على كل الأحلام والطموح، رغم ما نواجهه من صراعات فى أحلام أساسية تتعلق بالعيش والبقاء، ومعارك السعى نحو هدف وطموح معين.
تتربع الشهرة على قائمة الأحلام والطموحات، وتمثل أول سلم الطموح وآخر حدود الأمل، حتى مع من لا يمتلكون موهبة محددة، فالشهرة حلم مشاع للجميع، يفتح أحضانه للكل، يستقبل الساعين وخامدى المواهب أيضًا، لا يستثنى أحدًا.
لهذا كان للشهرة نصيب الأسد فى العرض المسرحى «الشهرة»، الذى افتتح العروض المسرحية فى مهرجان العلمين، الخميس الماضى، واستمر عرضه لمدة ٣ أيام متواصلة، وهو فكرة وإخراج الفنان المخرج خالد جلال، وأداء وتمثيل أبناء ورشة الإبداع الفنى بالأوبرا.
راهن خالد جلال بأبنائه أمام جماهير أخرى فى نطاق أوسع وأشمل من ساحات العرض الشائعة لرواد المسرح، متعمدًا، للمرة الثانية على التوالى، بعد عرض «حاجة تخوف»، حيث كسر القوالب الجامدة والتقليدية التى اعتدنا عليها فى المسرح، وخرج عن الحدود النظرية فى التأليف المسرحى.
تحقق ذلك من خلال نقل تفاصيل الواقع عبر مرآة المسرح، وعرضها على خشبته، مضيفًا إليها الكثير من الجماليات المبهرة والمبهجة، التى تضطر المتلقى إلى تلبس الحالة، ليس فقط للتفاعل معها، وإنما بوصفها حالته الخاصة أو أحد همومه، مأساته المضحكة، حلمه الذى يتطلع إليه.
إذا تأملنا المشهد وراقبنا الوجوه المتفرجة، سنحصد فى النهاية حصيلة لا بأس بها من تعبيرات الوجوه المتأثرة بانطباعات مختلفة، يصنع كل تعبير منها «بورتريه» فنيًا منفردًا، مرة فى شكل «بورتريه» يفيض بالإصرار، وثانية بالحماس، وثالثة بفرحة السعى، وأخرى بالفخر من مجرد الاجتهاد.
كانت صالة العرض تفيض بتلك «البورتريهات» المبهجة التى تشع أملًا، مع أبناء فريق مسرحى يعكسون واقعهم وواقعنا وواقع أبنائنا، حتى نستطيع القول إن خالد جلال وأبناءه نجحوا فى اجتذاب الجمهور لاعتلاء خشبة المسرح، ليعرض كل منهم أحلامه بنفسه، ويتوحد مع ممثلى العرض، ويتفاعل معهم إلى حد أن يضع نفسه مكانهم.
جاء ذلك فى إطار استعراضى خفيف الظل، متنوع الأفكار والأداءات والشخصيات، يفيض بالحركة والحيوية التى تجعلك فى حالة حراك إنسانى وتفاعل دائم، بمساعدة إخراج الفنانة علا فهمى. كما أسهمت الموسيقى للفنان أحمد طارق يحيى فى انبعاث هذه الحالة الحيوية إلى الروح بكل عذوبة وبهجة، وبتناغم سلس ومريح مع الديكورات من تصميم الفنان عمرو عبدالله، التى اعتمدت جميعها على التلاعب بالإضاءة والألوان، واستعراض «بورتريهات» المشاهير من نجوم الغناء والتمثيل، بما يتناغم مع فكرة العرض.
واكتملت المنظومة الجمالية بتصميم استعراضات للفنانة خديجة العرقان، ذات طاقة إيجابية وحماسية منقطعة النظير، بحركات تبدو خفيفة لكنها عميقة ومتألقة. وأضافت تصميمات الأزياء للفنانة نيفين رأفت جمالًا آخر مختلفًا يصنع من العرض المسرحى «تابلوه» فنيًا متألقًا باستخدام ألوان تفيض بالبهجة والإشراق والأمل.
هذا إلى جانب كلمات الأشعار والأغانى للشاعر محمود المليجى، التى كانت بمثابة لسان حال فنانى العرض المسرحى، ومثلت حدود الواقع الذى عاشوه من قبل مشاهيرنا القدامى، والذى يظل يتكرر مع كل حالم بالشهرة، لتأتى رسالة العرض على لسان المخرج نفسه عندما يقول: «احفظوا هذه الوجوه جيدًا، لأنكم ستشيرون إليها بعد فترة وجيزة باعتبارهم مشاهير».
ولأن خالد جلال صانع النجوم، لم يلجأ للاستعانة بمشاهير، واعتمد على أبنائه، بتحدٍ خطير يمنحهم من خلاله الأمل فى الغد، حتى لمن خجل من تحقيق حلمه، أو خبأ موهبته الحقيقية لسبب ما.
ورصد العرض العوائق التى تقف أمام تحقيق حلم الشهرة، ومن الممكن أن تتمثل فى معاملة قاسية من الأب، أو تدليل زائد من الأسرة، أو إصرارها على تقديم الابن فى صورة لا يحبها، ليسلط خالد جلال الضوء على دور الأسرة فى تكوين المواهب، ويقدم أبناء ورشته للمجتمع، وعلى أولى عتبات الشهرة.