الهجرة والاقتصاد والدفاع.. صعود اليمين المتطرف في فرنسا يهدد الاتحاد الأوروبي
يتوجه الناخبون الفرنسيون إلى صناديق الاقتراع اليوم للإدلاء بأصواتهم في الجولة الأولى من الانتخابات البرلمانية الاستثنائية التي قد تضع حكومة فرنسا في أيدي القوى القومية اليمينية المتطرفة لأول مرة منذ العصر النازي، وهو ما سيكون له تأثير كبير على الاتحاد الأوروبي وسياساته، خصوصًا فيما يتعلق بملفات الهجرة والاقتصاد والدفاع، وخصوصًا فيما يتعلق بأوكرانيا.
نتائج الانتخابات الفرنسية تهدد الاتحاد الأوروبي
وبحسب موقع "بيزنس ستاندرز" البريطاني، فإن نتيجة الانتخابات الفرنسية البرلمانية قد تؤثر على الأسواق المالية الأوروبية، والدعم الغربي لأوكرانيا، وكيفية إدارة الترسانة النووية الفرنسية والقوة العسكرية العالمية.
وأضاف أن العديد من الناخبين الفرنسيين يشعرون بالإحباط إزاء التضخم والمخاوف الاقتصادية، فضلًا عن قيادة الرئيس إيمانويل ماكرون، التي يرونها متغطرسة ومنفصلة عن حياتهم، وقد استغل حزب التجمع الوطني المناهض للهجرة بقيادة مارين لوبان هذا السخط وأذكاه، ولا سيما عبر منصات الإنترنت مثل تيك توك، وهيمن على جميع استطلاعات الرأي قبل الانتخابات.
وتابع أن الانتخابات انطلقت بعد حملة خاطفة شابها خطاب الكراهية المتصاعد، بدأ التصويت مبكرًا في الأقاليم الفرنسية الخارجية، ومن المتوقع أن تظهر التوقعات الأولية لاستطلاعات الرأي في الساعة 8 مساءً، عندما تغلق مراكز الاقتراع النهائية، ومن المتوقع أن تظهر النتائج الرسمية الأولية في وقت لاحق من ليلة الأحد.
ودعا ماكرون إلى إجراء انتخابات مبكرة بعد هزيمة حزبه في انتخابات البرلمان الأوروبي في وقت سابق من يونيو الماضي من قبل التجمع الوطني، الذي له روابط تاريخية بالعنصرية ومعاداة السامية ومعادٍ للمجتمع المسلم في فرنسا.
كانت مقامرة جريئة بأن الناخبين الفرنسيين الذين كانوا راضين عن انتخابات الاتحاد الأوروبي سيُدفعون إلى التصويت لصالح القوى المعتدلة في انتخابات وطنية لإبعاد أقصى اليمين عن السلطة.
وأشار الموقع إلى أنه بدلًا من ذلك، تشير استطلاعات الرأي إلى أن التجمع الوطني يكتسب الدعم ولديه فرصة للفوز بأغلبية برلمانية، في هذا السيناريو، من المتوقع أن يعين ماكرون رئيس التجمع الوطني البالغ من العمر 28 عامًا جوردان بارديلا رئيسًا للوزراء في نظام تقاسم السلطة المحرج المعروف باسم "التعايش".
في حين قال ماكرون إنه لن يتنحى قبل انتهاء ولايته الرئاسية في عام 2027، فإن التعايش من شأنه أن يضعفه في الداخل وعلى المسرح العالمي.
وأكد الموقع البريطاني، أن نتنائج الجولة الأولى ستعطي صورة عن مشاعر الناخبين بشكل عام، ولكن ليس بالضرورة عن التركيبة الإجمالية للجمعية الوطنية القادمة، فالتوقعات صعبة للغاية بسبب نظام التصويت المعقد، ولأن الأحزاب ستعمل بين الجولتين على عقد تحالفات في بعض الدوائر الانتخابية أو الانسحاب من دوائر أخرى.
وأوضح الموقع، أنه في الماضي، ساعدت مثل هذه المناورات التكتيكية في إبعاد المرشحين اليمينيين المتطرفين عن السلطة، ولكن الآن، انتشر الدعم لحزب لوبان بعمق وعلى نطاق واسع.
يقول بارديلا، الذي ليس لديه خبرة في الحكم، إنه سيستخدم صلاحيات رئيس الوزراء لمنع ماكرون من الاستمرار في توريد الأسلحة بعيدة المدى إلى أوكرانيا للحرب مع روسيا، حيث أن حزبه لديه علاقات تاريخية مع روسيا.
كما شكك الحزب في حق المواطنة للأشخاص المولودين في فرنسا، ويريد الحد من حقوق المواطنين الفرنسيين الذين يحملون جنسية مزدوجة، ويقول المنتقدون إن هذا يقوض حقوق الإنسان الأساسية ويشكل تهديدًا للمبادئ الديمقراطية الفرنسية.
وأشار الموقع البريطاني، إلى أنه في الوقت نفسه، هزت وعود الإنفاق العام الضخمة التي أطلقها التجمع الوطني وخاصة الائتلاف اليساري الأسواق وأشعلت المخاوف بشأن الديون الثقيلة التي تتحملها فرنسا، والتي انتقدتها بالفعل هيئات الرقابة في الاتحاد الأوروبي.
مخاوف أوروبية كبرى من صعود اليمين المتطرف في فرنسا
وعلى جانب آخر، أكدت صحيفة "الجارديان" البريطانية، أنه بعد 7 سنوات، قد يثبت الفوز شبه المؤكد لحزب التجمع الوطني بقيادة ماريان لوبان في الانتخابات العامة المبكرة أنه ضار بالاتحاد الأوروبي، ويطرح أسئلة وجودية حول دور فرنسا ويقيد بشدة قدرة الكتلة على إنجاز الأمور.
وتابعت الصحيفة أنه في أوروبا، وعد جوردان بارديلا، رئيس الحزب ورئيس الوزراء المحتمل إذا فاز بأغلبية مطلقة، الصحافيين هذا الأسبوع بأن "وصولنا إلى السلطة سيمثل عودة فرنسا إلى المسرح الأوروبي - للدفاع عن مصالحها".
وقال أحد الدبلوماسيين في الاتحاد الأوروبي: "إن قرار ماكرون مقامرة كبرى"، محذرًا من أن البرلمان المعلق قد يبطئ عملية صنع القرار في كتلة تكافح بالفعل للتوصل إلى اتفاق بشأن السياسات من حماية الطبيعة إلى الإنفاق المستقبلي للاتحاد الأوروبي.
يُنظر إلى الفوز الكبير للحزب الوطني أيضًا على أنه قد يعزز فرص الأحزاب اليمينية المتطرفة الأخرى المتشككة في أوروبا في الانتخابات الإقليمية في ألمانيا الشرقية والانتخابات الوطنية في النمسا في وقت لاحق من هذا العام.
قال مجتبى رحمن من مجموعة أوراسيا الاستشارية: "مع وجود برلمان معلق، تواجه فرنسا "احتمال فترة طويلة بدون حكومة تعمل بكامل طاقتها - مع عواقب لا يمكن حسابها على قدرتها على المشاركة البناءة في الاتحاد الأوروبي".