حسن شاهين أحد مؤسسى «تمرد»: 30 يونيو كانت طوفانًا بشريًا عظيمًا ولم نعرف موقف القيادة العامة للقوات المسلحة إلا من بيان يوم الثورة
قال حسن شاهين، أحد مؤسسى حملة «تمرد»، عضو تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، إن الدافع وراء الحملة كان الخوف على مصر من ضياع هوية الوطن، فى ظل حكم جماعة الإخوان الإرهابية المستبدة، التى كانت تهدف إلى أخونة البلد والتحكم فى ثرواته والدخول به فى نفق مظلم، مشيرًا إلى أنه يعتبر أن فترة حكم الرئيس الإخوانى محمد مرسى تعد عامًا محذوفًا من تاريخ مصر.
وأكد «شاهين»، خلال حديثه لبرنامج «الشاهد»، الذى يقدمه الإعلامى الدكتور محمد الباز على فضائية «إكسترا نيوز»، أن حملة «تمرد» لم تكن على تواصل مع أى من مؤسسات الدولة، ولم تلق دعمًا من الأحزاب والقوى السياسية فى بدايتها، مشيرًا إلى أن الحملة لم تستطع فى يومها الأول أن تطبع أكثر من ٢٠٠٠ استمارة فقط لجمع توقيعات المصريين، لكنها فوجئت بتطوع الشعب لطبع وتوزيع وجمع الاستمارات الرافضة حكم الإخوان، الأمر الذى شجع فى النهاية على الدعوة للنزول فى ثورة عامة ضد حكم الجماعة الإرهابية، وهو ما حدث فى يوم ٣٠ يونيو، الذى مثل طوفانًا شعبيًا وتأكيدًا على انحياز القوات المسلحة للشعب المصرى وإرادته.
■ بعد ١١ عامًا من ثورة ٣٠ يونيو، كيف ترى الوضع الآن؟ وكيف أقدمت على فكرة حملة «تمرد»؟
- فى البداية، أشكر ربنا لأنه جعلنا سببًا رئيسيًا فى بداية الحراك ضد الإخوان، وأن الشارع المصرى استجاب لذلك، فالشعب هو النواة الحقيقية التى جعلت هذا الحراك ينجح.
والدافع الرئيسى لفكرة «تمرد» كان الخوف على مصر، لأنها كانت تسير فى طريق غير معلوم وغير واضح وطريق ظلامى فى عهد الإخوان، وأعتبر سنة حكم محمد مرسى محذوفة من تاريخ البلد، لأنه لم تكن هناك مقومات لبناء الدولة، فـ«مرسى» جاء بعد ثورة ٢٥ يناير ولم يكن هذا هو التغيير الذى يجب أن يحدث بعد الثورة وخروج الناس لأنها تريد التغيير.
الإخوان لم يكونوا على قدر تطلعات المصريين، والبلد وقع فى يد جماعة إرهابية مستبدة كل هدفها أخونة مؤسسات الدولة والتحالف مع قوى ظلامية وإرهابية؛ لكى تضيع ثروات مصر وتتحكم فيها.
■ حدثنا عن كيفية تشكل فكرة الحملة؟
- الأحداث كانت تتسارع علينا كل يوم كمواطنين عاديين، فقد كنا نرى يوميًا خروج مظاهرات ضد الإخوان ويتم الاعتداء على الناس ويسقط شهداء ومصابون وجرحى، كان منها أحداث الاتحادية، واستشهاد الصحفى الحسينى أبوضيف وهذا الأمر أثر فى نفسى بشكل كبير جدًا لأننى كنت أعرفه شخصيًا.
وبداية فكرة «تمرد» كانت تتمثل فى البحث عن كيفية التخلص من جماعة الإخوان الإرهابية بطريقة سلمية ليس بها دم، فالناس كرهت منظر الدم، لكن ما هو الشىء الذى سيُخرج الناس ويحشدهم بطريقة سلمية أمام هذه الجماعة المستبدة ليقولوا رأيهم.
والمواطن المصرى، بشكل عام، كان رافضًا حكم الجماعة وغير متقبل الأوضاع وقتها، وكنت يومًا أجلس على قهوة فى وسط البلد وأفكر فيما يحصل فى البلد، وأسأل: «البلد رايح على فين؟»، وكانت تربطنى بكل من محمود بدر ومحمد عبدالعزيز علاقة صداقة، و«جت فى دماغى الفكرة وسألت ليه منعملش حاجة زى توقيعات للمصريين يعبروا فيها عن آرائهم برفض هذه الجماعة الإرهابية؟»، وقررنا أن نجمع توقيعات على غرار ثورة ١٩١٩ عندما تم جمع توقيعات المصريين لتفويض الزعيم سعد زغلول.
وهدف «تمرد» من البداية كان جمع توقيعات من المصريين بعدد أكبر من الذين انتخبوا محمد مرسى، لكى نقول للعالم إن هناك عددًا أكبر من المصريين يرفض حكم هذه الجماعة الإرهابية، وإن المواطن المصرى كان رافضًا حكم الإخوان.
وكنت أول من اقترح اسم «تمرد»، وهو اسم مقتبس من اسم مجلة سورية، وطرحت الاسم على زملائى وفرحوا جدًا به، ورحبوا بالفكرة، وقابلت محمود بدر ومحمد عبدالعزيز، وكان الحلم فى البداية أن نجمع ٥ ملايين توقيع، ولم نكن نفكر فى الوصول لرقم ٢٢ مليون توقيع، واشتركنا معًا فى التفكير فى كيفية عمل استمارة «تمرد» وكتابتها وكيفية وصولها لأكبر عدد من المصريين.
واخترنا اسم «تمرد» لأنه جذاب وجديد على المجتمع المصرى، ويعبر عن حالة تمرد المصريين على حكم الجماعة الإرهابية.
وكتابة الاستمارة كان دور محمد عبدالعزيز، الذى أصر أن تكتب الاستمارة بلغة عامية لكى يفهمها الناس بسهولة، وكى تصل إلى المواطن المصرى.
وأول مؤتمر تم عقده لـ«تمرد» كان فى يوم ٢٨ أبريل ٢٠١٣، وأطلقنا خلاله اسم الحملة والاستمارة وصفحتنا على موقع «فيسبوك»، وأعلنا عن أننا سنبدأ فى النزول للشارع.
وأثناء التجهيزات لهذا اليوم كنا نريد تأجير قاعة وطبع بانرات ولافتات وطبع الاستمارة، وكانت تكلفة الموضوع تصل إلى حوالى ١٥٠٠ جنيه، وكان معنا وقتها ٦٠٠ جنيه فقط، لكننا جمعنا الباقى من أصحابنا، أى أن من دفع المبلغ لم يكن شخصًا واحدًا.
■ كيف جذبت «تمرد» الشباب المصرى وأقنعته بالخروج ضد الإخوان؟
- السبب الرئيسى لانتشار استمارة حملة «تمرد» هو الشباب، فالشباب كان مؤمنًا بفكرة التغيير لكن كان ينقصه تحديد كيفية حدوث ذلك، والأداة التى يمكن استخدامها للتعبير عن رأيه.
وبشكل عام، فإن الشباب المصرى المستقل، الذى ليست لديه أيديولوجية سياسية، كان ينزل يوميًا لرفض حكم جماعة الإخوان، و«تمرد» كانت الأداة الرئيسية التى جمعت الشباب المصرى معًا لإسقاط حكمهم.
وقد كنا مُصرين منذ البداية على أن تخرج «تمرد» على شكل حملة شعبية، غير تابعة لأى كيان سياسى أو جماعة.
وقبل «تمرد»، كنا أعضاء فى حركة «كفاية»، وفى هذه الفترة كنا نريد إحداث تغيير داخل «كفاية»، وأن يكون محمود بدر منسقًا عامًا للحركة لنبدأ عهدًا جديدًا، ونأخذ «كفاية» كمظلة لمقاومة حكم جماعة الإخوان، لكن حركة «كفاية» والأحزاب السياسية بشكل عام من بعد عام ٢٠١١ عانت من الجمود، لذا اتخذنا قرار الخروج بحملة شعبية اسمها «تمرد».
وفى هذا الوقت، لا أحد من الأحزاب أو الحركات السياسية كان يتوقع أن ورقة ستطيح بحكم جماعة الإخوان الإرهابية، ولا أحد كان يصدق أن فكرة بهذه البساطة يمكن أن تؤثر هذا التأثير الكبير فى المجتمع المصرى.
وفى يوم ٢٤ أبريل ٢٠١٣ ألقيت البيان الأول والتأسيسى لحملة «تمرد»، وأكدنا خلاله أن الحملة غير تابعة لأى كيان أو أى جهة أو أى حركة سياسية، وهذا ما فتح الباب أمام المصريين للانضمام إليها، لأنها كانت حركة شعبية.
■ ما كان رد فعل «جبهة الإنقاذ» وغيرها على تأسيس الحملة؟
- عندما طرحنا فكرة «تمرد» كانت «جبهة الإنقاذ»، وغيرها من الحركات والأحزاب السياسية، تشاهدنا، ففى البداية لا أحد كان يتخيل أن ورقة مثل «تمرد» وببساطتها يمكن أن تغير الأحداث وتسبب هذا الانفجار العظيم الذى حدث فى ٣٠ يونيو، ثم بدأت الأحزاب والحركات تنضم إلينا.
■ متى بدأ التعامل معكم بجدية؟
- أول يوم لنا على الأرض كان يوم ١ مايو، الموافق لـ«عيد العمال»، ونزلنا يومها ميدان التحرير، وكنا ننادى على الناس فى الشارع لتوقيع استمارة «تمرد».
وأتذكر أن أول من وقع على الاستمارة من المصريين كان سائق تاكسى فى الشارع، وفرحت جدًا لأننى لمست أن هناك استجابة من الناس، وكنا يومها ننادى ونقول: «اللى عاوز يخلص من حكم الإخوان يوقع على استمارة تمرد».
والحملة قامت بطبع ٢٠٠٠ نسخة فى اليوم الأول من إطلاق الاستمارة، وبسبب شدة الإقبال عليها تم التوقيع عليها بالكامل، ولم تكن لدينا أموال أو جهة تمويل تمكنا من تصوير كمية أخرى من الاستمارات، وبالتالى فالشعب المصرى بأمواله الخاصة هو من قام بتصوير استمارة حملة «تمرد» وتوزيعها وجمع التوقيعات عليها.
وهنا يجب الإشارة إلى أن اليوم الأول من حملة «تمرد» شهد تجميع أكثر من ١٥ ألف توقيع، وكان هذا الإقبال الكثيف من المواطنين مفاجأة كبيرة لنا، فالمؤشرات الأولية للحملة كانت مرتفعة، ولاحظنا شدة الإقبال من الشعب على الحملة من يومها الأول، وذهبنا بعدها إلى منازلنا ونحن فى قمة السعادة والأمل بمستقبل مشرق قادر على إزالة حكم الإخوان وإنهاء هذه السلطة بإرادة شعبية جماهيرية.
وفى اليوم الثانى من الحملة، طلب الشباب المصرى التطوع لجمع التوقيعات، وأيضًا لم نكن نتوقع هذا الإقبال الكبير والملحوظ، فـ«تمرد» كانت حالة شعبية عامة، ولم يكن هناك تخطيط أو تنظيم محكم قبل إطلاقها، ولكن بعد الإقبال على التوقيع أصبح هناك تنظيم داخلى محكم، وأصبحت توقيعات المصريين أمانة نخشى عليها من أى شىء قد يصيبها.
وكان مقر الحملة فى شارع صبرى أبوعلم هو الجهة الوحيدة المختصة بجمع التوقيعات فى البداية، ولكن نظرًا لشدة الإقبال تم افتتاح الكثير من المقرات على مستوى محافظات الجمهورية.
وأتذكر أن محل ملابس فى الجيزة كان يجمع التوقيعات من المصريين، ثم يسلمها لمتطوعة فى الحملة تُدعى «نورهان»، وكانت هذه الفتاة بدورها تسلم الأوراق إلى مقر الحملة يوميًا.
■ أُثير الكثير من الأقاويل حول الحملة فيما يتعلق بالتمويل والجهات الراعية لها، فكيف واجهتم هذه الاتهامات؟
- كان هناك سيل من الاتهامات من قِبل جماعة الإخوان حول أن رجال «الحزب الوطنى» والجيش المصرى هم من يقومون بتوجيه ورعاية وتمويل حركة «تمرد»، ولكن كل ذلك كان خاطئًا، وكان الشعب المصرى يعرف أن هذه الاتهامات ما هى إلا أحاديث إخوانية معادية، فاستمارات «تمرد» كانت تأتى من الشعب المصرى، والحملة كانت تمثيلًا لصوته فى ذلك الوقت.
وبعد التفاف المصريين حول «تمرد» بدأ الإخوان يخططون لإطلاق حملة «تجرد»، ولكن هذه الحملة لم يستجب لها الشعب المصرى على الإطلاق، وكان الفشل حليفها منذ اليوم الأول، وبعدها قامت جماعة الإخوان بعمل الكثير من العمليات الإرهابية، مثل حرق مقر «تمرد»، والتهديد المستمر للأعضاء بالاغتيال والقتل.
وكنا نحرص على تنظيم جولات للقاء المواطنين فى المحافظات المصرية من خلال المؤتمرات والندوات، وبعد عقد مؤتمر جماهيرى للحملة فى محافظة بورسعيد، وأثناء عودتى إلى القاهرة، تلقيت اتصالًا هاتفيًا من مكتب القيادى الإخوانى خيرت الشاطر، وكان يحمل تهديدًا مباشرًا لى ولأعضاء الحملة فى حال استمرارنا فى جمع توقيعات المصريين.
وبعد عودتى إلى مقر الحملة فى القاهرة، وبعد مؤتمر بورسعيد الذى حصلنا فيه على أكثر من ٥٠ ألف توقيع، حدث حريق مدبر داخل المقر، الذى كنت أحرص دائمًا على البقاء فيه ليلًا ونهارًا، حتى إننى بقيت فيه لمدة شهر كامل، وعند نشوب الحريق حرصت أولًا على حماية توقيعات المصريين، خوفًا من أن تصيبها النيران، وبتدخل من المواطنين تمت السيطرة على الحريق وحماية المبنى من الانهيار، وبفضل الله لم يتم المساس بالتوقيعات.
فقد استطاعت حركة «تمرد» الحصول على أكثر من ٢٢ مليون صوت من توقيعات المصريين فى نهاية الحملة، وكان مبدأنا هو الشفافية مع المواطنين، وكان يتم الإعلان عن عدد التوقيعات بشكل علنى من خلال المؤتمرات الشعبية داخل كل محافظة.
■ هل فكرتم فى نزول الناس إلى الشوارع؟
- فى البداية لم نفكر فى نزول الناس إلى الشوارع فى ٣٠ يونيو، لكن عندما وجدنا الناس متحمسة وتقوم بالتوقيع، قررنا النزول.
وتحديد موعد النزول فى ٣٠ يونيو جاء بعد جمع أول ٢ مليون توقيع، ففى ١٠ مايو ٢٠١٣، كنا نجلس فى مطعم نقابة الصحفيين، وتحدثنا عما يجب أن نفعله بعد جمع التوقيعات، وبدأنا نقول التوقيع وحده ليس كافيًا، بل النزول أيضًا مهم، وبالتالى بدأنا دعوة الناس للنزول.
وأثناء جلوسنا معًا، فكرنا فى أكثر من يوم للنزول، مثل ٣٠ مايو و٢٣ يوليو، ثم اقترح أحد الزملاء، وهو مصطفى السويسى، أن يكون النزول فى ٣٠ يونيو، فوافقنا جميعًا على الموعد، لأننا كنا قد بدأنا فى جمع التوقيعات يوم ١ مايو، وبهذا كان أمامنا شهران لنحشد فيهما الناس على النزول، بشكل مليونى، حتى يعبروا عن رفضهم جماعة الإخوان الإرهابية.
وتم الاستقرار منذ يوم ١٠ مايو على موعد ٣٠ يونيو، وبدأنا نقول فى كل دعوة وفى كل مؤتمر نحضره إننا سنجمع استمارات «تمرد»، وسننزل فى ٣٠ يونيو ونحن نرفع الكارت الأحمر للرئيس محمد مرسى.
■ هل ازداد الإقبال عليكم بعد الإعلان عن موعد نزول المظاهرات فى ٣٠ يونيو؟
- عندما أعلنا عن النزول تضاعف حماس الناس، كما تضاعفت أعداد المتطوعين فى المحافظات، وهنا فتحت النقابات مقراتها لنا، من بينها نقابة المحامين، كما فتحت أحزاب مصر كلها مقراتها، وكذلك «جبهة الإنقاذ»، بل إن كل المواطنين فى البيوت اعتبروا بيوتهم مقرات لاستلام استمارات «تمرد»، كما بدأت تصلنا توقيعات مجمعة من أكثر من مكان، وبدأت كل جهة تعلن عن أنها وصلت إلى عدد معين من التوقيعات، ثم ترسلها إلينا.
وكانت لدينا، أيضًا، مرحلة فرز لعد التوقيعات، وكان هناك ما لا يقل عن ٣٠ شخصًا يجلسون فى المقر، وكل مهمتهم حصر التوقيعات، كما تم تدشين موقع على الإنترنت لـ«تمرد»، وكان تُسجل عليه أعداد التوقيعات والاستمارات.
■ ما أكثر محافظة وقّعت على استمارات «تمرد»؟
- أكثر المحافظات التى وقعت على «تمرد» كانت القاهرة والجيزة، فيما كانت المنيا هى أقل المحافظات.
■ خلال تلك الفترة هل حدث تواصل بينكم وبين أى جهة أو مؤسسة فى الدولة أو أحاديث حول ما يجب أن تفعلوه وما لا يجب؟
- لا، لم يحدث أى اتصال بيننا وبين أجهزة الدولة إلا بعد الانفجار العظيم الذى حدث فى ٣٠ يونيو، باستثناء مكالمة واحدة من وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم، قبل ٣٠ يونيو بيومين، وأكد علينا فيها ضرورة التزام السلمية عند النزول، منعًا لحدوث أى عنف أو اشتباكات فى البلد.
وعدم التدخل فى ترتيبات «تمرد» وفيما حدث فى ٣٠ يونيو من أى جهة من جهات الدولة، هو ما أوصلنا إلى الانفجار العظيم والطوفان البشرى فى الثورة، لكننا أيضًا كنا قلقين حول ما يمكن أن يحدث وكنا نريد أن يكون هناك دور واضح وقوى من القوات المسلحة المصرية وإعلانها عن مساندة ما سيحدث فى الشارع، لكن لم يكن لدينا أى إشارة أو مؤشر لما سيحدث.
وكنا وقتها على تواصل مع كل الشخصيات العامة، ومن ضمنهم الأستاذ الراحل محمد حسنين هيكل، الذى كنا نعقد معه لقاءات مستمرة، وأتذكر فى أحد اللقاءات معه سألناه عن موقف الجيش مما سيحدث، لأننا، كمصريين عاديين، نؤمن بفطرتنا أن القوات المسلحة المصرية هى عمود الخيمة والسند الرئيسى للبلد وللشعب المصرى.
ويومها، لم يكن رد الأستاذ هيكل واضحًا عن موقف الجيش مما سيحدث، لكنه أكد أن الجيش مؤسسة وطنية، ولا يمكن أن تترك الشعب المصرى أبدًا، وكان الرد يكفى فى هذا التوقيت.
بمعنى آخر كان ما سيحدث فى الشارع هو ما سيحدد دور القوات المسلحة المصرية، التى لم تعلن عن أى موقف لها قبل ٣٠ يونيو، لأنها مؤسسة لا علاقة لها بالسياسة، لكن، فى يوم ٣٠ يونيو، القوات المسلحة المصرية، وعلى رأسها الفريق أول، آنذاك، عبدالفتاح السيسى، انحازت لإرادة المصريين، وهذا ما نقوله ونؤكد عليه للأجيال الجديدة، فما حدث يومها ما هو إلا مساندة من جيش وطنى ومؤسسة وطنية للمصريين وإرادتهم، لأن هذه المؤسسة العسكرية منا كمصريين، ونحن منها أيضًا.
■ هل كنتم واثقون من نزول الشعب ضد الإخوان فى ٣٠ يونيو؟
- فى هذا اليوم كان عندى تخوف مما سيحدث، ومدى استجابة المصريين لدعوة النزول، ففى الفترة الأخيرة كنا نحن، كمؤسسين لـ«تمرد»، قد أقمنا فى مكان بعيد وسرى لا يعرف أحد عنه شيئًا، بعدما تعرضنا لمخاطر وتلقينا تهديدات كبيرة، وكان يجب أن نحافظ على سلامتنا، فأقمنا فى مكان بشارع صلاح سالم، بجوار عمارات العبور، قبل ٣٠ يونيو بـ١٥ يومًا.
وكنا قد اتفقنا، كمؤسسين، أن ننطلق فى مسيرة الساعة ٣ عصر يوم ٣٠ يونيو، تبدأ من ميدان الحجاز وتتجه نحو قصر الاتحادية، لكننى قبلها تركت أصدقائى ونزلت إلى الشارع لاستطلاع الوضع، فوجدت أن الناس فى مدينة نصر قد وضعوا الكراسى والكنب فى الشوارع وجلسوا وهم يرفعون علم مصر، كما وجدت الناس ترفع الأعلام من الشبابيك فى البيوت، ويحملون لافتات مكتوبًا عليها «ارحل». ووجدت، أيضًا، مجموعات من الشباب تتجه ناحية ميدان التحرير، وكذلك رجلًا وزوجته وأبناءه، وفى هذه اللحظة شعرت بالاطمئنان، وعلمت أن الناس كلها سوف تنزل، رغم ما يمارسه الإخوان من إرهاب.
■ بمَ شعرت عندما علمت أن الجيش انحاز لهذا الحراك الشعبى؟
- فى اللحظة التى أصدرت فيها القوات المسلحة بيان مهلة الـ٤٨ ساعة أدركنا أن الجيش المصرى لن يصمت إزاء أى اعتداء ضد المصريين، وهذا ما طمأن الناس فى الشوارع، وجعلهم يستكملون حشدهم حتى صدر بيان ٣ يوليو، وكانت الأعداد كبيرة جدًا، سواء فى ميدان التحرير أو قصر الاتحادية أو فى ميادين ومحافظات مصر كلها، فقد كانت ثورة ٣٠ يونيو طوفانًا بشريًا عظيمًا فى مصر كلها.
لو عاد بك الزمن.. هل ستكرر ما فعلته وقتها؟
سنة «مرسى» محذوفة من تاريخ البلد والتنظيم جماعة إرهابية تهدف لأخونة الدولة والتحكم فى ثرواتها
- طبعًا، ودون تفكير، فنحن خرجنا فى ٣٠ يونيو ودعونا لـ«تمرد» للحفاظ على هوية الوطن، وما كنا فيه مع هذه الجماعة الإرهابية كان ضياعًا لـ«هوية الوطن» وضياعًا للدولة بمؤسساتها، ومن يفهم ما تعنيه كلمة «هوية وطن» سيعرف ما تعنيه هذه اللحظة، ويدرك أن ما حدث فى ٣٠ يونيو هو إنجاز وإعجاز، لأننا تخلصنا من مجرمين وإرهابيين كانوا سيدخلون بالبلد فى نفق مظلم.. لكن الله سلّم.