رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

جين المقدسي تستعيد تاريخ نضال الفلسطيينيات بـ"جدتي وأمي وأنا "

جدتي وأمي وأنا
جدتي وأمي وأنا

يأتي كتاب جين مقدسي "جدتي وأمي وأنا" الصادر عن المركز القومي للترجمة وترجمة هالة كمال في الوقت الذي يشن فيه الصهاينة حرب يمكن وصفها بحرب إبادة للشعب الفلسطيني، ومن أكثر الحروب وحشية يعيشها الفلسطينين، لتستعيد المقدسي عبر كتابها ذاكرة فلسطين عبر 3 أجيال الجدة والأم والابنة.  

هكذا ذهبت جين المقدسي لخريطة الماضي

ذهبت جين لخلق خريطة للماضي مكتوبة، كانت والدتها بوابة العبور لاصطياد الذكريات والماضي القديم عن العائلة وذلك بعد الحاح شديد من جين وقناعة تامة من الأم التي رأت ان الوقت والفرصة سانحة لعمل شيء يحافظ على الذاكرة من الضياع وذلك في زمن الحرب على لبنان: "إذا صارت العزلة بالتدريج لديها أسلوب حياة، أخذت تكتب وتكتب، فمن الحاضر بأوضاعة الرهيبة عادت بأنظارها إلى ماضيها".

انتهت الأم بعد عدة شهور من الكتابة المتقطعة التي ملأت كراستها بذكرياتها، قررت التوقف عن الكتابة، وكانت تتسائل عن جدوى  هذه الكتابة،  فهي على حد وصف جين " كانت مثيرة للكأبة، أذ تذكرها بالموتى، بينما لديها من هموم الحاضر، ما يغنيها عن تذكر الماضي".

 تشير جين لمقدسي إلى انها لم تقرأ ما كتبته والدتها إلا بعد رحيلها بعام وعدة شهور "من الصفحة الأولي عادت أمي الى الحياة  مثلما عاد إليها موتاها في اثناء الكتابة ".

وتقول المقدسي:"كانت والدتي دوما صانعة الحكايات "هذا ما نتكتشفه عبر صفحات الكتاب ويؤكد ان حاجتها للكتابة كانت نتيجة حتمية لملء التاريخ المشوش والمربك ليتم وضعه منظما وومرتبا، فكان اللجوء للسرد الروائي المنطقي هو احد ابرز ادواتها  لفهم ذلك الواقع.

تذهب جين مقدسي عبر كتابها الموسوم "جدتي وأمي وأنا "إلى استعادة تاريخ المرأة الفلسطينية عبر الشخصي الذي يتقاطع مع العام  تروي سيرة خطوات العائلة يتبعها حتما سيرة وواقع الأمة العربية بدءا من فلسطين مرورا بمصر ولبنان.عبر سيرتها وجدتها ووالدتها  تكشف سعيد تاريخا اخر يبدأ من الجغرافيا  والعمارة ويصل الى الزي، صور لكنائس وأديرة  ومساجد وعادات وتقاليد وصولا لقوائم الطعام  والأطباق الجديدة ومكتشفيها، وتؤكد عبر كتابها أن النساء من صنعن التاريخ.

تفتتح جين مقدسي الفصل الأول من كتابها بالكشف عن دلالات اسمها والأسباب التي جعلت تصبح جين مرة واخرى روزاليندا، وترجع سبب تسميتها بجين يرجع لاختيار والدها الذي وسمها بجين تيمنا بوالدته، أما عن روزاليندا  فيرجع هذا الى  تمثيلها لدور سيليا في مسرحية شكسبير الموسومة "كما تشاء" وقد اختارت والدها اسم روزاليند  بدلا من سيليا  لان يكون اسم اخر تنادى بها ويصبح  في اوراقها الرسمية.

وتكشف حين ان اسم ادوارد  شقيقها يرجع الى والدها الذي  اسمها تيمنا ب أمير مقاطعة ويلز إداورد، أما اختها روزماري فقد اطلق عليها  ذلك الاسم تيمنا بالشخصية الرئيسية في فيلم روزماري.

تذهب في هذا الفصل الى  استشكاف ما لعبته المرأة الفلسطينية ودورها  خلال اربعينيات  القرن الماضي فبدأ من  اتحاد المرأة الفلسطينية الذي تأسس عام 1921 ودورهها  في المقاومة  ومشاركتهن جنبا الى جنب بجوار الرجال الفلسطينين في مواجهة اليهود والانجليز. 

تشير في هذا الفصل الى البدايات الاولى للتهجير القصري للفلسطينين وهروب البعض كلاجئين الى بلدان عده، ترصد عبر هذ الفصل الشتات الأول للفلسطينين.

وفي الفصل الثاني الموسوم ب"طفولة القاهرة " تذهب  جين المقدسي إلى  الحديث عن طفولتها منذ عام 1948 حتي بداية الستينيات  تلك الفترة التي عاصرت فيها  ثورة 52، ومن بعد العدوان الثلاثي على مصر والتي  تأخذ عناوين "فصول  أنموذج السويس، تطوف جين سعيد بخفه  وسلاسة عن طبيعة  تلك الفترة التي عاشتها في القاهرة  بدء  من اليومي الذاتي وصولا الى العام. حديث مشغول بالدهشة في استعادة التفاصيل  بدءا من التطواف حول  انواع اطباق الطعام.

على امتداد فصول  الكتاب الذي وصل عدد صفحاته 376 صفحة،  تستكشف سعيد  التاريخ عبر تجارب ثلاثة من اجيال النساء اللاتي شهدن أزمانا غي رعادية ومربكة، بداية من نهايات القرن التاسع وحتى زماننا هذا.