السيد نجم يخرج عن صمته ويكشف أسرار "مرنبتاح فرعون الخروج" (خاص)
من ادعاءات أن أجدادهم هم من بنوا الأهرامات، مرورا باضطهادهم في مصر حتي خروجهم منها مطرودين مطاردين إلي الشتات الذي دام لمدة أربعين عام، وصولا إلا محاولاتهم المستميتة لإثبات أن لهم جذورا في مصر وهي المحاولات التي دأب عليها عالم الآثار الإسرائيلي مانفريد بيتاك لمدة ثلاثين عام خلال عمله في بعثات التنقيب في مصر تحت جنسية نمساوية.
يثار بين الحين والآخر الجدل حول الوجود اليهودي في مصر القديمة، وتطرح التساؤلات حول الوجود المادي ــ الأركيولوجي ــ الذي يثبت أن أنبياء الله كموسي ويوسف جاءوا إلي مصر وعاشوا فيها، وهو ما تجدد الجدل حوله مؤخرا مع تصريحات عالم المصريات دكتور زاهي حواس.
السيد نجم يخرج عن صمته ويكشف أسرار "مرنبتاح فرعون الخروج"
الأدب والثقافة كانت حاضرة في هذه المعركة والجدل، ليس اليوم فقط، وإنما منذ سنوات طويلة، ففي العام 2008، صدرت في القاهرة للكاتب السيد نجم، رواية بعنوان “مرنبتاح فرعون الخروج”، في 95 صفحة من القطع الوسط، ونشرت ضمن «سلسلة تاريخ مصر» التي تصدر في صورة روايات للناشئة عن مؤسسة دار الهلال.
قوبلت الرواية فور صدورها بعاصفة من الغضب والرفض من قبل علماء الآثار المصريين، لحد وصفها بأنها خارجة كم صفحات بعض الكتب المقدسة، القرآن والتوراة تحديدا. وعن الرواية وما أحدثته من ضجة ورفض تواصلت الــ “الدستور” مع مؤلفها الكاتب السيد نجم.
استهل “نجم” حديثه لـ “الدستور” مشيرا إلي: صدرت روايتى القصيرة "مرنبتاح فرعون الخروج" عام 2008م ضمن ثلاث روايات حرصت على نشرها فى تلك السلسلة التى تخصصت فى تناول التاريخ المصرى القديم (الفرعونى) وهى فرصة ثمينة لتناول جوانب خفية وأحداث هامة ومعرفة نحن فى حاجة إليها، وهى سلسسلة "تاريخ مصر"، عن مؤسسة دار الهلال.. وللأسف توقفت بعد سنوات قليلة.
اعتمدت فكرتى فى كتابة هذه الرواية على رصد جانب من مظاهر المقاومة المشروعة لتحرير البلاد من الهكسوس، ومن ثم الخونة والمتعاونين مع عدو البلاد الغزاة.
وأوضح “نجم”: أما الفرعون "مرنبتاح" فهو الابن الثالث عشر للفرعون رمسيس الثانى، ومع شبابه المبكر عرف بالأمير الشجاع، ولما كانت البلاد تعانى من الرعاة قبائل البدو فى منطقة الشمال الشرقى لمصر، وتتعاون مع الهكسوس، فكان قراره التخلص منهم وطردهم من البلاد، وهم من جاء ذكرهم فى "لوحة الانتصارات" أو "لوحة مرنبتاح" بذكر تعبير (يزريل) أو بنى إسرائيل ــ هناك من يقول إنهم قوم غير قوم إسرائيل الآن ولا صلة بينهم ــ وقيل إنهم قدموا إلى مصر مع النبى "يوسف".
تلك هي رؤيتى ودافعى لكتابة الرواية، أي التقاط الجانب المقاومي من تاريخ "مرنبتاح وتاريخ مصر.. وهنا كانت جملة المفارقات التى لقيتها بعد نشر الرواية، وإن لم أعقب على أى منها فى حينه، إلا أننى أكتب الآن ما أظن أنه توضيح لكل ما أثير.
أولا: رفض الأثريون فكرة كون "مرنبتاح" هو فرعون الخروج، وأننى اعتمدت على أن المومياء الخاصة به بيضاء بينما كل المومياوات سوداء اللون بعد عملية التحنيط، وأن القول بأنها بيضاء بسبب الغرق وتشبع الجلد بملح مياه البحر.. أنكر البعض الاعتراف بتلك المفارقة وقلل من أهميتها.
ثانيا: رفض رجال التاريخ ما اعتمدت عليه فيما سجل فى لوحة الانتصار وهى جملة هامة جدا “أبيدت بذرة إسرايل أو يزريل”.. ولما كانت تلك هى الجملة الوحيدة فى كل ما كتب حول هذا الموضوع، كان الرأى أننى اعتمدت على برهان غير موثق.
ثالثا: توجه البعض من العلماء والمتخصص الى عدد آخر ومتعدد من الأفكار والرؤى.. منها أن فرعون الخروج مثلا "أمنحتب وأن أخناتون هو هارون شقيق “النبى موسى”. والبعض الآخر رفض فكرة خروج بنى إسرائيل حيث لا توجد دلائل أثرية تقول بذلك.. بينما على الجانب الآخر واقعة خروج بنى إسرائيل ذكرت صراحة فى الكتب السماوية التوراة والقرآن.
واستدرك “نجم”: ولا تعقيب هنا لى إلا بما كتبته فى سياق الرواية، أن كلمة إسرائيل فى اللغة الهيروغليفية تعنى “قبائل من لا بلاد لهم”.. وليست الاسم المعروف حاليا"..
رابعا: هناك من اليهود من استغل مقولة هنا أو هناك، ونسج منها اسطورته اليهودية التى تروج حتى تصبح الأسطوة سوطا يستغله السياسى ويتحدث به، كما حدث وقال به "رابين" رئيس الوزراء الإسرائيلى للرئيس “السادات” أن اليهود هم من شاركوا فى بناء الاهرامات؟
ونشير هنا إلى ما نفذه المخرج الأميريكى "سيسل دى ميل فى فيلمه "الوصايا العشر" عام 1956م حيث رسخ لفكرة اليهود تلك بالسخرة وإجبار اليهود على العمل فى بناء الأهرامات.. وتكررت الفكرة والمخاولة ولكن مع مخاطبة الطفل هذه المرة بإنتاج الفيلم رسوم متحرك "أمير من مصر" عام 1999م.
واختتم “نجم” لافتا إلي: كلمة أخيرة: أن رواية "مرنبتاح فرعون الخروج" تصنف رواية تاريخية ذات وجهة مقاومية وضمن إبداع أدب المقاومة الذى أحرص التنظير له ولى فى ذلك عدة كتب.
وأرى أن الكتابة التاريخية فى الإبداع على وجهين.. أما الكتابة بالتاريخ أو الكتابة فى التاريخ.. الأولى تلتزم بوجهة نظر للكاتب وتوظف عناصر التاريخ وقد لا يتوافق تماما مع الحقاق التاريخية.. أما النمط الثانى فهو الإبداع الملتزم بالتاريخ وتفاصيله ولا يحيد عنه لتمجيد واقعة ما أو شخصية تاريخية وغيره.
حقيقة فرعون الخروج
في مقال له منشور بتاريخ 3 مايو 2017 بعنوان “حقيقة فرعون الخروج”، بجريدة الشرق الأوسط، تحدث د. زاهي حواس عن أطروحة د. محمد إبراهيم وزير الآثار الأسبق والتي تناول فيها الأخير الحديث عن فرعون الخروج مستندا إلي ما جاء في القرآن والتوراة، ويخلص إلي أن: "رمسيس الثاني لا يمكن أن يكون هو فرعون الخروج، لأن ما كتب في التوراة لا ينطبق على عصر الرخاء و«البغددة» الذي عاشته مصر في عهده، بل إنه يضيف الأتي: «من المؤكد موت فرعون الخروج غريقًا، الأمر الذي يدحض رأى عالم المصريات، المتخصص في عصر رمسيس الثاني، كتشن، الذي قال إن الخروج قد حدث في الربع الأول من عصر رمسيس الثاني! وقد سافرت مومياء رمسيس الثاني إلى فرنسا، حيث تم فحصها فحصًا دقيقًا، ولم يسفر ذلك عن كشف أي دليل، ولو بسيط، على أن رمسيس الثاني قد مات غريقًا. وبالتالي، ننفى تهمة فرعون الخروج عن رمسيس الثاني. وأخيرًا، لو سلمنا جدلًا أن بني إسرائيل قد خرجوا في عصر رمسيس الثاني، فكيف نفسر ما جاء على اللوحة التي سيأتي ذكرها لاحقًا، المعروفة بلوحة إسرائيل؟ أما أصحاب الرأي الثالث، القائل إن فرعون الخروج هو مرنبتاح، الابن الثالث عشر لرمسيس الثاني وخليفته في الحكم، فذلك يأتي استنادًا إلى لوحة إسرائيل المحفوظة في المتحف المصري بالقاهرة، التي ذكر فيها مرنبتاح أنه قضى على بني إسرائيل، وأباد بذرتهم».
ويختتم “حواس” مقاله مشددا علي: انتهت دراسة الدكتور محمد إبراهيم، التي يؤيد فيها وجود فرعونين في معضلة الخروج، الأول وهو مرنبتاح الذي قتل أبناء بني إسرائيل، وتربى موسى في قصره، والثاني هو سيتي الثاني الذي في عصره تم الخروج.