ابنة الشيخ حمدى الزامل: والدي لم يستكمل دراسته لشغفه بقراءة القرآن وألزمه عبد الوهاب بالتقدم للإذاعة (حوار)
قالت ميرفت الزامل، ابنة الشيخ حمدي الزامل، إن والدها كان يتمتع بموهبة من عند الله، فصوته كان مميزًا وقويًا ومنغمًا، فلُقب في صغره بـ"الشيخ الصغير"، وشبابه بـ"كروان الدقهلية" لافتة إلى أنه كان صاحب كاريزما ويتمتع بخفة الظل، فكان محبوبًا من جميع أهالي بلدته الصغير والكبير، وتربطه علاقة قوية بجميع قراء جيله.
وأضافت خلال حوارها لـ" الدستور" أن والدها لم يستكمل تعليمه الأزهري والالتحاق بالجامعة لحبه وشغفه بأن يكون قارئ للقرآن، وأن الشيخ مصطفى إسماعيل كان يعد والدها، بمثابة ابنه، وكان أكبر داعم له، وهو من قدم له للإلتحاق بالإذاعة.
وذكرت تفاصيل اللقاء الذي جمع والدها بموسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب وإلزامه له بالتقديم بالإذاعة، وهدية السيدة أم كلثوم له اعجابًا بصوته وتلاوته، وحبه للزعيم جمال عبد الناصر واختياره عدة مرات للقراء أمام الرئيس السادات.. وإلى نص الحوار:
بداية حدثيني عن نشأة الشيخ حمدي الزامل ومتى حفظ القرآن الكريم؟
نشأ والدي في أسرة حافظة للقرآن الكريم فوالده كان وكيل المعهد الأزهري بمدينة المنصورة، وخطيب وإمام مسجد قرية منية محلة الدمنة بمدينة المنصورة محافظة الدقهلية،
المولد والنشأة
وُلد الشيخ حمدي الزامل في 22ديسمبر 1929، وحفظ القرآن الكريم وهو في عمر 3سنوات على يد خاله، الشيخ مصطفى ابراهيم، وكان والده يريد أن يدرس علوم الدين بالأزهر الشريف مثل جميع أفراد العائلة الذين تخرجوا من المدرسة العالمية وأصول الدين، وابن عم والده كان قاضي شرعي وكان والده يريد له أن يسلك نفس الطريق فألحقه بالمعهد الديني الأزهري بالمنصورة ثم انتقل لمدينة الزقازيق خلال الفترة الابتدائية والإعدادية، ثم المعهد الديني بالدراسة في القاهرة المرحلة الثانوية مع شقيقه عبد الستار الزامل لاستكمال دراستهم.
وعندما وصل للمرحلة الثانوية كان يفتتح المعهد بصوته بقراءة القرآن الكريم وكان معلميه يحبونه جدا، بسبب صوته الحسن وكان على خلق، وزار المعهد الديني الشيخ توفيق عبد العزيز والد الإذاعية فضيلة توفيق والفنانة محسنة توفيق، واثني على صوته، واستمر في تشجعه ودعمه.
متى بدأ ت مسيرة الشيخ حمدى الزامل مع التلاوة ؟
بعد إتمام والدي حفظ القرآن الكريم، بدأ وهو في سن 11عامًا، يقرأ في المحافل والمناسبات، وكان ما زال صبيًا صغيرًا، وأطلقوا عليه "الشيخ الصغير" وكان يتمتع بالصوت الجميل وحب الناس لأخلاقه العالية، وانتشر وشاع صيته في محافظة الدقهلية والمحافظات المجاورة، وكان يُطلب كثيرًا في المناسبات واطلقوا عليه حينها "الكروان"
وكان يترك المعهد ليستمع للشيوخ والقراء الكبار،
ولم يكمل دراسته، وهو ما أحزن والده لانه كان يريد له أن يسلك طريق العلم، ولكن اختيار ربنا كان الأفضل واتجه لقراءة القرآن.
كيف بدأ تعارف والدك والشيخ مصطفى إسماعيل وما علاقته بقراء جيله؟
بداية تعرف الشيخ مصطفى إسماعيل على والدي كانت دون رؤيته، حيث كان الشيخ مصطفى إسماعيل يستقل سيارته على الطريق الزراعي في طريقه إلى مناسبة عزاء في بلدة المنزلة، وهو على الطريق سمع والدي وهو يقرأ في مناسبة أيضًا، فأوقف سيارته وسأل أحد المارة عن شخصية القارئ فقال له هذا شاب يدعى الشيخ حمدي الزامل، فأرسل رسالة له من خلال هذا الشخص وقاله له: "بلغه أن الشيخ مصطفى إسماعيل سمعك وصوتك جميل وهيكون ليك مستقبل باهر".
وبعد ذلك الثناء على صوت والدى من الشيخ مصطفى إسماعيل، تعرف عليه وتبادلوا الزيارات وكان يعتبره مثل ابنه، وعندما سأل الشيخ مصطفى إسماعيل من يا مولانا سيتربع على عرش التلاوة بعدك وله مستقبل، قال: "المستقبل للمجيدين أمثال الشيخ حمدي الزامل".
وكانت علاقة والدي قوية بجميع القراء وكان الشيخ البنا يحبه جدا، ودائمًا ما كان يحضر لمنزلنا العديد من القراء منهم الشيخ أبو العنين شعيشع، والشيخ محمد عبد العزيز حصان، والشيخ عبد الباسط عبد الصمد، والشيخ نصر الدين طوبار، والشيخ محمود محمد رمضان.
لماذا أهدت كوكب الشرق أم كلثوم سلسلة ذهبية لوالدك؟
في يوم كان والدي يقرأ في قرية طماي الزهايرة، وكان عمدة البلدة حسن السيد له صلة صداقة بوالدي، وقال له إن السيدة أم كلثوم مريضة فصحبه معه لزيارتها في منزلها بمنطقة الزمالك، وخلال الزيارة طلبت أم كلثوم من والدي أن يتلو آيات القرآن، وأنبهرت حينها بصوته، وكان يتواجد مجموعة من الموسيقيين اللذين أثنوا جميعا على صوت والدي، وتعجبت أم كلثوم إنه لم يلتحق بالإذاعة والتلفزيون حتى حينها، وكان ذلك في عام 1974 قبل وافاتها بعام، ونصحته بالتقدم للإذاعة، وسألته حينها إذا كان لديه أبناء فتيات وأهدته سلسلة ذهبية طلبت أن يعطيها لشقيقتي.
ألزم موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب الشيخ الزامل بالتقديم في الإذاعة ماالقصة؟.. وما علاقة الشيخ مصطفى إسماعيل؟
رغم نصيحة السيدة أم كلثوم له والكثير من معارفه بالتقديم للإذاعة، لكنه لم يتقدم للإذاعة، رغم أن أبناء جيله سبقوه لذلك، وفي ذكرى الأربعين لوفاة السيدة أم كلثوم قرأ والدي بجانب الشيخ مصطفى إسماعيل، مما أثار اندهاش الموسيقار امحمد عبد الوهاب، وقال كيف يقرأ شاب ليس إذاعي في عزاء أم كلثوم، ولكن كان رد عمدة البلدة أن قال: "هذا عزائنا والشيخ حمدى سيقرأ"، وهنا اعترض عبد الوهاب وخرج خارج الصوان، وطلب الشيخ مصطفى اسماعيل من والدي أن يقرأ ومع أول آية دخل الفنان محمد عبد الوهاب الصوان وجلس بجانب كرسي القراءة وبعد الانتهاء قال له أين تعلمت المقامات الموسيقية، ليرد والدي أنه لم يتعلم الموسيقى بل هي موهبة من عند الله، وقال له: "أزاي متكونش ف الإذاعة، وقال للشيخ مصطفى اسماعيل وعمدة البلدة عندكم حق بالتمسك به".
وقال الموسيقار عبد الوهاب لوالدي أنت خامة صوت ممتازة، وصوتك كله موسيقى ولازم الجمهور يستمتع بصوتك، وأكد على الشيخ مصطفى إسماعيل أن يلزم الشيخ حمدي بالتقديم في الإذاعة، وبالفعل الشيخ مصطفى إسماعيل هو من اخد الأوراق بنفسه وقدم للشيخ حمدي الزامل للالتحاق بالاذاعة، وتقدم والدي للامتحان وكانت اللجنة مكونة من مجموعة كبيرة من عمالقة القراءة: الشيخ الحصري، والشيخ رزق خليل حبة، والشيخ عامر عثمان، ونجح في اختبار الإذاعة وحصل على امتياز من أول مرة والشيخ "حبه "في اجتماع اللجنة قال ليس على صوته أي ملحوظات، وبدأ يقرأ صلاة الفجر، ويسجل للإذاعة والتلفزيون بداية من عام 1976.
قرأ الشيخ حمدي الزامل أمام الرئيس عبد الناصر والرئيس السادات فكيف كانت علاقته بهما؟
في فترة الخمسينيات جاء الرئيس جمال عبد الناصر لمدينة المنصورة في مؤتمر كبير، وكان حينها اشتهر والدي في المدينة، فتم ترشيحه
لافتتاح حفل الرئيس وذلك لتشجيع الرئيس عبد الناصر للشباب، وكان والدي يحب الرئيس عبد الناصر جدًا وكان ناصري، وعقب قراءته أثني الزعيم عبد الناصر على صوته وأهداه مصحف، وهذا المصحف ما زال موجود في بيت العائلة، وبعد هذا المؤتمر ازدادت شهرته.
كما قرأ والدي أمام الرئيس السادات عدة مرات، وكان يتم دعوته دائمًا في الاحتفالات التي تقام في بورسعيد أمام الرئيس مع الشيخ نصر الدين طوبار، وكانت آخر لقاء قبل وفاة الرئيس السادات بعدة أيام في نهاية سبتمبر 1981، حيث تمت دعوته للقراءة في افتتاح الرئيس مستشفى جيهان بمدينة المنصورة وطلبوا القارئ حمدي الزامل للقراءة أمام الرئيس السادات، وكان هذا آخر لقاء قبل استشهاد الرئيس السادات.
كيف اعتمدت الإذاعة تسجيلات الشيخ حمدي الزامل بعد وفاته ؟
توفي والدي في مايو عام 1982، عن عمر ال 52، ومكث في الإذاعة 6سنوات فقط، فكانت المدة قصيرة، فقررت إذاعة القرآن الكريم، تشكيل لجنة كان من بينها الشيخ عيسى المعصراوي ليتم امتحانات للتسجيلات الخارجية(شرائط القراءة) الخاصة بالشيخ المسجلة في المناسبات لاختبارات هذه التسجيلات لإذاعتها، وبالفعل تم اعتمادها واعتمدوا وبدأ تذاع في الإذاعة وكان الجمهور يطلب دائمًا قراءة الشيخ الزامل.
كان الشيخ الزامل صاحب نصيحة وقدوة.. صفي تعامله مع أبنائه وعائلته وأهالي قريته؟
عند وفاة والدي الشيخ حمدي الزامل، كان أكبر ابن من ابنائه يبلغ 15سنة واصغر ابنائه 11شهر، ونحن 5اشقاء، محمود، نهلة، ميرفت، رضا، رفعت، ووالدي كان مثال للطيبة والحنان وبيحب أسرته جدًا وبار بأهله، ومتواضع إلى أقصى درجة، وكان صاحب كاريزما وشخصية، فضلًا عن أنه دمه خفيف وهادئ ومثقف ورقيق المشاعر ويعامل بناته بطريقة مميزة، كما أنه كان بار بكل أفراد عائلته، وبيته كان مفتوح لجميع لأهالي البلدة، بيتنا مكنش بيتقفل، وكان لابد أن يكون موجود في كل مناسبة، وكان تؤخد بنصيحته، ويحل مشاكل الناس ويحب مساعدة الغير فكان ينفذ أخلاق القرآن، كان عايش لخدمة بلده، وحين توفى كانت جنازة مهيبة حضرها 4 محافظين: الشرقية والغربية، ودمياط، والدقهلية وشخصيات كبيرة.
كان لأهالي قرية الشيخ حمدي الزامل موقف مميز بعد وفاته حدثيني عنه؟
حب الناس لوالدي جعل أهل قريته اتخذوا قرارًا منذ وفاته وحتى الآن لمدة 42 عامًا، وهو عدم نزول أي قارئ بالقرية نهائيًا، وفي أي عزاء مهما كان شخصية المتوفي وعائلته في منية محلة الدنمة يتم في الصوان تشغيل تسجيل الشيخ حمدي الزامل، ولا يقرأ أي قارئ، وفي عزاء والدتي جاء شيوخ وقراء كبار ولكن لم يقرأ أحد وكانوا جميعا يستمعوا لتسجيل القرآن بصوت والدي.