ضحكت الطالبات على نحافته والوزير قال له كل ردودك سخيفة.. حكايات عبدالحليم حافظ
في كتابها "مذكرات حليم كما يرويها بصوته" أوردت الناقدة الراحلة إيريس نظمي العديد من الحكايات عن العندليب الأسمر عبدالحليم حافظ.
تقول إيريس نظمي: قرر حليم اقتداء بشقيقه إسماعيل أن يقدم في معهد الموسيقى العربية، وبعد أن قدم أوراقه ذهب لميدان السيدة زينب ودعا من هناك أن ينجح في الامتحان: "أقمت هذه الفترة مع أخي في شارع الشيخ سلامة حجازي، وظهرت النتيجة ونجحت وحصلت على أول مبلغ وكان عبارة عن جنيهين من المعهد، بعدها بفترة قررت ترك الشارع والإقامة في المنيل أمام قصر محمد علي، وقتها عرفت بافتتاح المعهد العالي للموسيقى المسرحية، وقررت أن أدرس فيه لكن أخي إسماعيل نهاني عن الدراسة بمعهدين في وقت واحد، لكنني أقنعته وتقدمت للمعهد بالفعل، ونجحت فيه وكان ترتيبي الأول، بعدها تقدمت للالتحاق بقسم الأصوات، وأمام محمد حسن الشجاعي الذي رشح لي آلة الأوبوا للعزف عليها، ولأنني لن أقدر على شراء آلة فقد منحني المعهد الآلة لأتدرب عليها، كنت أعزف حينها خرج ثعبان كبير وأصبت بالرعب، لكنني تماسكت وقتلته، وعزفت مرة أخرى ليخرج ثعبان آخر وقتلته أيضًا، وعرفت أن الآلة تجذب الثعابين، ومضت الأيام وتخرجت وعينت في طنطا في مدرسة للبنات، أذكر أن المديرة وقفت ونظرت إلى جسمي النحيف وقالت لي: "أنا عندي بنات أكبر منك".
دخل حليم الفصل وضحكت التلميذات على نحافته: "وما ذنبي إن تخرجت وأنا في السادسة عشرة من عمري، وكنت مضطرًا لتقديم الشهادة لكل من يقابلني، لكنني نجحت في نيل تقدير البنات والمديرة"، كان أول مرتب تقاضيته 17 جنيهًا، بعدها بفترة صدر قرار بنقلي إلى المحلة، وكانت مسافة طويلة ومرهقة فتغيبت لشهرين كاملين، فأرسل لي الوزير أحمد نجيب هاشم، وحين وقفت أمامه أخبرني أنني مرفود وقابلت الأمر بهدوء حتى إن الوزير قال له: "كل ردودك سخيفة"، وأصر على رفدي، وكنت فرحًا بهذا الرفد، أذكر أنه بعد عامين كان لي حفل غنائي في روما وكان سفير مصر موجودًا وكان هو الوزير أحمد نجيب هاشم، وضحك الوزير وقال: "شوف بقى لما رفدتك نفعتك إزاي".
أصبح حليم عاطلًا وكان زميله في الدراسة كمال الطويل قد أخبره أن هناك فرقة موسيقية تتشكل وكانت فرصة وسافرا للإسكندرية، كان الطويل موهوبًا حتى إنه كان يلحن كلمات الجريدة التي يقرأ فيها: "أصبحت عازفًا في الفرقة وكان الطويل يقول لي: لازم تغني يا حليم ولا بد أن تدخل الامتحان"، وفي يوم كان هناك استعداد لتسجيل أغنية لإبراهيم حمودة فطلبت من الأستاذ حافظ عبدالوهاب تسجيل الأغنية بصوتي، واستجاب لي فعلًا وبعد الانتهاء أشاد بي كثيرًا، وهنا قررت الوقوف أمام لجنة الاستماع، وفشلت، قالوا يومها: "يغني مثل الخواجات"، وطلب الطويل من الفرقة أن تنتظر وطلب مني غناء "أروح لمين وأشكي... أقول لمين وأبكي"، وهنا رأيت أن نستكمل الأغنية ولا بد من شاعر يكتب الكلمات، فأشرت للطويل بشاعر أعرفه اسمه صلاح عبدالصبور، وكتب عبدالصبور الأغنية بالفعل وكانت أغنية لقاء".
وتغيرت لجنة الاستماع، وكان من بين اللجنة الجديدة موسيقار الأجيال وتقدمت مرة أخرى وارتأت اللجنة إذاعة أغنية قديمة لي وافقت عليها وهي أغنية "يا حلو يا اسمر" تلحين محمد الموجي، وقتها فكرت في تغيير اسمي من عبدالحليم شبانة لاسم فني، فاقترح علي كمال الطويل اسم عبدالحليم حافظ نسبة لحافظ عبدالوهاب الذي وقف بجانبي كثيرًا فوافقت.
اقرأ أيضًا..