أبناء الشهداء فى «الندوة التثقيفية»: «نتمنى نبقى زيهم»
بدأت وقائع فعاليات الندوة التثقيفية الـ٣٩ للقوات المسلحة، بمناسبة الاحتفال بيوم الشهيد، بتلاوة آيات من القرآن الكريم بصوت القارئ الشيخ أيمن عقل، وعقب ذلك، تحدث الفنان خالد زكى، فى فيلم تسجيلى، عن عطاء الشهداء عبر كل مراحل التاريخ، مؤكدًا أن الشهداء هم المصباح الذى ينير لنا الطريق، وتظل الأوطان باقية عالية الرايات بما قدموه وبذلوه من تضحيات.
وقال «زكى»: «لقد أكد التاريخ فى كل العصور أن حياة الشهيد أقوى دائمًا من سيف قاتله، ومن قلب مصر كان (رياض والرفاعى والسادات وهارون) وغيرهم، الذين ستظل ذكراهم تعيش معنا فى كل مكان.. فلكل شهيد دافع عن وطنه ألف تحية ومليون سلام وسلامًا ليكى يا مصر، فمصر هى القوة والشموخ.. مصر الأمن والأمان.. مصر المحبة.. مصر السلام».
وبعد ذلك، وقف الحضور لأداء سلام الشهيد، ثم شهد الرئيس السيسى عرضًا للجنود عن فداء الوطن بأرواحهم فى أى محنة أو اختبار للعيش بأمن وأمان بأيدى أبنائه، متعهدين باستكمال ذلك أمام أى تحديات بإصرار وتحمل واجتياز المحنة، والبقاء سندًا وأمانًا للوطن بأيدٍ واحدة وهدف واحد ومصير واحد، مؤكدين أن يوم عيد الشهيد هو مجد للأوطان.
وأكد الجنود، خلال العرض، استمرارهم فى المشوار «شهيد وراء شهيد»، ما يعد فخرًا وأثرًا يشهد للشهداء بالعرفان، مرددين «تحيا مصر.. تحيا مصر.. تحيا مصر».
ثم ألقى الفنان محمد رياض كلمات عن الشهيد والافتخار والعزة به، لما قدمه من دماء وعطاء وشجاعة أمام الأعداء، موضحًا أنه لا وطن دون عزم ولا بقاء إلا بدماء الشهداء، وأن الشهيد يعلم أنه أيًا كان الثمن، لا بد أن يعيش الوطن حتى وإن كان بالتضحية بالنفس.
وعقب ذلك، تم عرض فيلم تسجيلى بعنوان «أبطال من بلدى»، استعرض تضحيات شهداء الوطن على مر العصور، لدعم قضايا الأمة العربية بداية من حرب ١٩٤٨؛ حيث قدمت مصر الآلاف من الشهداء لنصرة القضية الفلسطينية، وضحى أبناء مصر بأرواحهم فى ١٩٥٦ و١٩٦٧ وحرب الاستنزاف التى استشهد فيها أيقونة الشهداء الفريق أول عبدالمنعم رياض وسط جنوده على الجبهة يوم ٩ مارس ١٩٦٩.
وسلط الفيلم الضوء على حرب مصر على الإرهاب فى سيناء، وتضحيات أبناء القوات المسلحة لتطهير أرض سيناء من دنس الإرهاب، كما استعرض الفيلم تضحيات كل من: الشهيد رائد أحمد محمد شرف، ورقيب أول أحمد جميل محمد، وملازم بسام نجيب إبراهيم، وجندى فادى مختار صليب فى سبيل الوطن.
وبيَن الفيلم التسجيلى مدى اهتمام المؤسسة العسكرية بأبطال ومصابى العمليات الحربية ودعمها لهم من أجل تجاوز الصعاب؛ حيث أكد الجندى أحمد عصام، الذى أصيب أثناء إحدى العمليات بشمال سيناء بإصابة أدت إلى بتر ساقه، أنه استطاع بفضل دعم المؤسسة العسكرية ورعايتها له، تجاوز المحنة والحصول على ميدالية المركز الثانى على العالم فى كرة اليد، إضافة إلى العديد من الجوائز الأخرى فى ألعاب الرياضة للكراسى المتحركة.
ثم قدمت مجموعة من الأطفال فقرة غنائية عن الشهداء والشهادة ومعنى البطولة، وتحدث «آدم» ابن الشهيد البطل إيهاب فتحى محمد، الذى استشهد وهو يحارب الإرهاب فى سيناء، قائلًا: «أتمنى أن أكون مثل والدى»، فيما قالت الطفلة خديجة صبرى ابنة الدكتورة فاطمة محمد التى توفيت أثناء علاج المرضى خلال فترة انتشار كورونا، إنها تطمح أن تكون طبيبة مثل والدتها.
وقال محمد ابن الشهيد البطل أحمد عبدالمحسن، الذى استشهد بعد إصابته مرتين فى سيناء، إنه يحلم أن يرفع اسم والده، بينما قالت ليان عبدالرحمن ابنة الشهيد البطل عبدالرحمن عادل، إن والدها استشهد وهو يحارب الإرهابيين، فيما قال عمرو ابن الشهيد أحمد عطالله إن والده استشهد هو وجده أثناء محاربتهما الإرهاب فى سيناء.
بدوره، قال الرائد على الزينى، من قوات مكافحة الإرهاب بشمال سيناء، الذى شارك فى عدة مداهمات، إنه تعرض للإصابة أكثر من مرة، وفى كل مرة كان يرجع أقوى من الأول، وفى آخر مداهمة تعرض للإصابة برصاصة أحد القناصة، حيث دخلت من قدمه اليسرى وخرجت من اليمنى وأدت إلى بتر فى القدم اليسرى وعجز بنسبة ٨٠٪ فى اليمنى، ولكنه لم ييأس ولم تكن النهاية، بل كانت البداية، حيث تعلم رياضة التجديف، وساعدته المؤسسة العسكرية ووزارة الشباب والرياضة، ويطمح إلى أن يرفع علم مصر فى أوليمبياد باريس ٢٠٢٤.
بدوره، أكد الداعية مصطفى حسنى أن الدولة المصرية قوية وراسخة وآمنة، بفضل الشهداء وتضحياتهم الغالية، فى مواجهة أهل الشر الذين يستهدفون أمن مصر، مضيفًا أنه فى الوقت الذى كان الناس ينعزلون فيه عن أقاربهم وقت أزمة كورونا، خوفًا من نقل العدوى، كان الأطباء يسهرون بجوار المرضى للاطمئنان على حالتهم الصحية، وأوضح أن الشهداء ينالون منزلة عالية وغالية عند ربهم.
وقال إن مصر هى وصية الأنبياء، وإن الشهداء والمصابين من القوات المسلحة، بذلوا جهودًا من أجل أمن واستقرار مصر، ولكن الدور اليوم على أهلها، بأن يجتهد الموظف والعامل فى عمله، مشيدًا فى الوقت ذاته بربات المنزل اللاتى يتفانين فى تربية أولادهن، تربية متزنة متعلقة بعبادة الله وإصلاح الأخلاق وعمارة الأرض.
واختتم الداعية كلمته بالدعاء بأن يُنزل الله تعالى أمانه ومدده على مصر، وأن يرفع لنا فى كل ميدان خير راية، ويجعل رحمة وعزة ونصرة هذا الجيل على يد قادته للعالمين آية.
فيما قدم الشاعر عبدالله حسن فقرة شعرية أمام الرئيس عن الشهداء وما قدموه فى خدمة الوطن وتضحياته، بمشاركة مجموعة من أبناء الشهداء ومصابى القوات المسلحة، وبعد انتهاء الفقرة قدم الفنان تامر عاشور أغنية «مصر مبتنساش شهيد» وسط تفاعل من الحاضرين.
واختتم العميد ياسر وهبة الجزء الأول من الاحتفال، مهنئًا الشعب المصرى مسلميه ومسيحييه بحلول شهر رمضان الذى يأتى بالتزامن مع الصيام الكبير للمسيحيين.
وعقب الاستراحة، أكد الفنان محمد الكيلانى أن الشهداء هم من ينيرون طريقنا ويلهمون حياتنا، ونحن نعمل ونبنى ونتعلم بأمان فى كل شبر من أرض مصر تحت علم رفعه شهيد، مقدمًا تحية من القلب لكل أرواح شهدائنا الذين فارقونا ولكن يبقى الأثر، ثم أدى فقرة غنائية رفقة مجموعة من الفنانين والفنانات، بعنوان «أنا بحلم وبتمنى»، رفقة استعراض فنى.
وتم عرض فيلم تسجيلى، من إنتاج إدارة الشئون المعنوية بالقوات المسلحة المصرية بعنوان «ويبقى الأثر»، الذى استعرض ملامح من حرب ١٩٦٧، حيث قال الشيخ عبدالله جهامة، رئيس جمعية مجاهدى سيناء، إن حرب ١٩٦٧ كانت قاسية جدًا، ولكن كان هناك دور كبير لرجال القوات المسلحة للثأر لشهدائنا.
وتم استعراض ملامح من حرب الاستنزاف، واستشهاد الفريق أول عبدالمنعم رياض، رئيس أركان حرب القوات المسلحة عام ١٩٦٩، وعرض الفيلم أيضًا قصة الشهيد الجندى سيد بسطاويسى شهيد معركة المزرعة الصينية ١٩٧٣، الذى قرر أن يسجل تلك المرحلة المهمة من تاريخ مصر فى يوميات، وهو الذى تنبأ بالطريقة التى استشهد بها فى مذكراته، حيث رسم حفرة وكتب عليها «حفرتى الميدانية عمرى ومقبرتى».
كما استعرض الفيلم شهداء القوات المسلحة الذين ضحوا بحياتهم من أجل تطهير سيناء من الإرهاب، منهم الشهيد العقيد محمد هارون أحد أبطال الحرب على الإرهاب الذى استشهد عام ٢٠١٥.
واختتم الفيلم بكلمات سابقة للرئيس عبدالفتاح السيسى، الذى قال فيها: «إن الإنجاز الذى تم فيما يخص دحر الإرهاب كان إنجازًا كبيرًا جدًا، وكان ثمنه كبيرًا جدًا تم دفعه لأجل أن نصل لهذه المرحلة، هذه الشهادة والتضحية هى بناء مصر القوية الجديدة».
وعقب ذلك، قال العميد ياسر وهبة: «من حقنا أن نحلم بدولة وقد عادت إليها سيرتها الأولى، من حقنا أن نعبر بمصر على جسر التحديات والصعوبات لنصل بها بإذن الله إلى ما تصبو إليه، لكن ليس من حقنا أن ننسى أصحاب الفضل الحقيقيين الشهداء الأبرار الذين يجب أن يبقوا حاضرين فى ذاكرتنا»، ثم ألقى بعض أبيات الشعر حول ذكرى الشهداء والاحتفاء بها عبر الزمن، للشاعر الدكتور عطا نور، وبعد ذلك كرم الرئيس السيسى أسر الشهداء خلال فعاليات الندوة.