نيابة عن الرئيس.. الملا يستعرض رؤية مصر فى قمة الدول المصدرة للغاز
ألقى المهندس طارق الملا، وزير البترول والثروة المعدنية، نيابة عن الرئيس السيسي، كلمة مصر في الجلسة الافتتاحية للقمة السابعة لرؤساء دول وحكومات منتدي الدول المصدرة للغاز، الذي افتتحه الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون بالعاصمة الجزائرية، بمشاركة رؤساء وقادة الدول الأعضاء بالمنتدي وممثليهم وأمين عام المنتدي المهندس محمد هامل.
رؤية مصر في قمة الدول المصدرة للغاز
وقال الملا خلال كلمته: "فخامة الرئيس عبدالمجيد تَبُّون - رئيس الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، أصحاب الجلالة والفخامة والسمو رؤساء الوفود، السيدات والسادة الحضور، اسمحوا لي في مستهل كلمتي أن أنقل للرئيس عبدالمجيد تبون تحية الرئيس عبدالفتاح السيسي - رئيس جمهورية مصر العربية وتمنياته لسيادتكم بالتوفيق والنجاح لأعمال القمة السابعة لمنتدى الدول المصدرة للغاز، كما أتقدم بخالص الشكر للأشقاء بالجزائر على حفاوة الاستقبال وعلى الجهود الثمينة لاستضافة وإنجاح هذا الحدث المهم، حرصًا على تعزيز ودفع التعاون المشترك بين الدول الأعضاء بالمنتدى لتحقيق الاستفادة المُثلى من موارد الغاز الطبيعي».
كما أشار الملا فى كلمته، إلى أن القمة السابعة للمنتدى تنعقد فى وقت بالغ الدقة تزدادُ فيه جسامة التحديات التى يشهدها العالم مما يُحتم علينا توحيد الرؤي وتضافر الجهود تحت مظلة منتدى الدول المصدرة للغاز، بما يسهم فى تحقيق الأهداف المنشودة للمنظمة، إذ إن مواجهة التحديات والعقبات تحتاج إلى كثير من العمل بين مختلف الأطراف، للوصول إلى نتائج مهمة وفعالة لتحقيق الاستقرار فى أسواق الطاقة.
وأوضح أنه، على الرغم مما مر به قطاع الطاقة من تحديات، فقد شهد الطلب العالمي على الغاز الطبيعى نموًا ملحوظًا، وتعاظم الاهتمام به كوقود حضاري نظيف ومنخفض الانبعاثات يلبي الاحتياجات العالمية المتزايدة من الطاقة اللازمة لدعم خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية إلى جانب المساهمة فى الحفاظ على البيئة.
وتشير معظم توقعات الهيئات والمنظمات الدولية المعنية بشئون الطاقة إلى أن الوقود الأحفورى، ولا سيما الغاز الطبيعي سيظل مصدرًا رئيسيًا ضمن مزيج الطاقة العالمي لعقود عديدة جنبًا إلى جنب مع مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة، حيث يمتلك الغاز الطبيعي فرصًا واعدة للتوسع فى استخداماته فى مختلف المجالات التى تسهم فى تعظيم القيمة المضافة.
وقال وزير البترول المصري، إن العالم يشهد تحولًا هائلًا في مجال الطاقة سعيًا لوضع حل جذري لتحدي تغير المناخ والذي يتطلب من المجتمع الدولي اتباع نهجٍ تعاوني على مختلف المستويات الإقليمية والعالمية، لتعزيز القدرة على ضمان التنمية المستدامة المتوافقة مع البيئة، وتنويع مسارات وخطط الانتقال الطاقي، وفقًا لظروف واحتياجات كل دولة انطلاقًا من مبدأ الانتقال العادل والمسئوليات المشتركة متباينة الأعباء، الأمر الذي يعكس استمرار الحاجة لجميع مصادر الطاقة في المستقبل لتلبية الطلب المتزايد على الطاقة، بما يستلزم تأمين الاستثمارات اللازمة لضمان أمن الطاقة والقدرة على تحمل تكاليفها، وتعزيز النمو الاقتصادي العالمي المستدام لعقود قادمة.
ومن هذا المنطلق، فقد بادر قطاع الطاقة المصري بتبني رؤية وخطة عمل طموح للتحول إلى مصادر منخفضة الانبعاثات وإزالة الكربون وفقًا للمحاور الرئيسية التي تشمل: إصلاح دعم الطاقة، وتحسين كفاءة استهلاكها، وخفض الانبعاثات الكربونية للبترول والغاز، واستخدام الغاز الطبيعي منخفض الكربون كمكمل للطاقة المتجددة، والتوسع في إنتاج الطاقة الجديدة والبتروكيماويات الخضراء، والهيدروجين.
وانطلاقًا من إيماننا الراسخ بأن صناعة البترول والغاز هي جزء رئيسي من الحلول العالمية لمواجهة التغير المناخي، فقد نجحت مصر خلال مؤتمر COP27 بشرم الشيخ في تأسيس منهج جديد لتعزيز دور الصناعة البترول والغاز كجزء من الحل لقضية تغير المناخ، مما أسهم في تغيُر نظرة المنظمات العالمية المعنية بالمناخ لصناعة الطاقة بمختلف مواردها. وقد واصل مؤتمر COP28، الذي تم عقده بدولة الإمارات العربية الشقيقة، البناء على تلك المكتسبات، ومن أهمها تفعيل صندوق الخسائر والأضرار الذي تم الإعلان عنه في قمة شرم الشيخ، وبرنامج العمل حول الانتقال العادل للطاقة من خلال إدراج صيغة للتحول عن استخدام الوقود الأحفوري بطريقة عادلة ومنظمة ومنصفة لتحقيق هدف صفر انبعاثات، إلى جانب برنامج العمل حول خفض الانبعاثات.
وأود التأكيد أن نجاح جهود التحول الطاقي والانتقال إلى مصادر منخفضة الكربون مرهون بتوافر التمويل المناسب سواء من حيث أدواته وآلياته أو مصادره وحجمه وتيسير النفاذ إليه، إلى جانب توفير التكنولوجيات اللازمة. ويقودنا هذا إلى ضرورة صياغة رؤية مشتركة على مختلف المستويات الإقليمية والعالمية لضمان قدرة الدول النامية على الالتزام بمسئوليات وتعهدات التحول الطاقي، وكذلك ضمان التزام الدول المتقدمة ومؤسسات التمويل الدولية بتنفيذ التعهدات التي قطعتها على نفسها لصالح قطاع الطاقة والمناخ.
ومن هنا يبرز دور منتدى الدول المصدرة للغاز كمنصة مهمة لتعزيز سبل التعاون بين الدول الأعضاء في مختلف أنشطة سلسلة القيمة لصناعة الغاز الطبيعي كمورد أساسي للتنمية الشاملة والمستدامة. فضلًا عن إيجاد الحلول التكنولوجية الفعالة والمبتكرة، ولا سيما من خلال معهد أبحاث الغاز التابع للمنتدي الذي تم تدشينه أول أمس بالجزائر بهدف تحفيز التعاون العلمي في مجال البحث والابتكار من خلال المشروعات ذات الاهتمام المشترك من أجل مواصلة تطوير صناعة الغاز الطبيعي بما يعزز من مكانة الغاز الطبيعي في عملية الانتقال نحو الطاقات المتجددة.
وفي هذا الإطار، أجدد تأكيد مصر وحرصها الدائم على العمل بشكل وثيق مع جميع الدول الأعضاء بالمنتدى لتطوير حلول وشراكات جديدة نحو مستقبل طاقة آمن ومستدام. وإنني على يقين أنه من خلال التكامل والتوافق بين دول المنتدى من حيث الرؤى والخطط، وتوفير التكنولوجيات ومصادر التمويل اللازمة، سننجح في توفير موارد الغاز الطبيعي بطرق أكثر مسئولية وبتأثيرات أقل على المناخ.
وقال الملا: "إنني أتطلع في إطار المنتدى إلى مناقشة قضايا التحول الطاقي وخفض الانبعاثات بما يتواكب مع التغيرات العالمية المتسارعة في قطاع الطاقة، وكذلك العمل سويًا على مبادرات مشتركة بما يضمن انتقالًا طاقيًا عادلًا وشاملًا وواقعيًا، واستفادة جميع الدول من مواردها الطبيعية".
كما أن التغلب على التحديات التى تواجه عالمنا اليوم يتطلب إرادة سياسية وتعاونًا إقليميًا ودوليًا من منطلق تشارك المصالح ووحدة الغايات، ولا سيما بين مجموعة دولنا التى تمتلك موارد وثروات طبيعية ضخمة وطموحات كبيرة وقدرات بشرية، بالإضافة إلى القدرة فى التأثير على مستقبل الطاقة العالمى بما يحقق تطلعات شعوبنا وطموحاتها نحو مستقبل أفضل، وذلك من خلال وضع الآليات اللازمة لترجمة الرغبات والطموحات إلى برامج عمل يمكن تحقيقها على أرض الواقع بما يحقق التوازن والمصالح المشتركة بين جميع الأطراف من منتجين ومستهلكين.
وفي الختام قال الملا: "أود أن أؤكد أن رسالة مصر اليوم تأتي في شكل دعوة للعمل لمصلحة الإنسانية، للسعي لاستغلال امكاناتنا وثرواتنا لنشر السلام، وتعزيز التعاون والتفاهم المشترك، ولتحقيق التنمية المستدامة لما فيه مصلحة المجتمع الدولي. وإنني علي ثقة في مساهمة هذا المحفل في المزيد من التعاون بين الدول الأعضاء في مختلف المجالات المرتبطة بصناعة الغاز الطبيعي".
وأخيرًا أتقدم بخالص الشكر والتقدير لفخامة الرئيس عبدالمجيد تَبُّون - رئيس الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية على حفاوة الاستقبال، وكرم الضيافة، وهو الأمر الذي ليس بغريب على الشعب الجزائري الشقيق.
كما أتوجه بالشكر لكل القائمين على الإعداد والتنظيم للقمة على ما بذلوه من جهود، متمنيًا أن نشهد قمة ناجحة ومثمرة تسفر عن نتائج طيبة تلبي تطلعاتنا وطموحاتنا جميعًا نحو مستقبل طاقة مستدام.