الدكتورة فاطمة كشك: أى تشكيك فى انتمائنا للقدماء المصريين "كلام فارغ" (حوار)
تحدثت الدكتورة فاطمة كشك، عن كتابها “كليشيهات أثرية”، والصادر عن دار البلسم للنشر، وأسرار الحضارة المصرية القديمة، وعن مبادرتها إيجبتولجي بالعربي، وغيرها من الموضوعات والقضايا، والتقت “الدستور” الباحثة الدكتورة فاطمة كشك، لتكشف لها تفاصيل الكتاب والمبادرة.
ــ بداية حدثينا عن كتابك كليشيهات أثرية وما مغزى عنوانه؟
هناك العديد من المواضيع والجُمل المكررة منذ الطفولة التي نظن أننا نعرفها عن الحضارة المصرية القديمة وتاريخها عن ظهر قلب، وهذا صحيح إلى حد كبير، ولكن في الوقت نفسه هناك الكثير مما نظن أننا نعرفه لا يزال يحتاج إلى الكثير من المراجعة والتدقيق، منها مثلا ما طرحته في الكتاب، مقولة إن مينا موحد القطرين، هذا المثال حفظناه منذ الطفولة وكررناه رغم أنه ليس صحيحا. ومن هنا جاءت فكرة الكتاب أن نلقي الضوء على هذه المعلومات التى عرفناها لكنها تحتاج لبعض التوضيح.
ــ من إذن موحد القطرين؟
الملك مينا هو موحد القطرين، لكن عندما نقرأ الكتاب ــ كليشيهات أثرية ــ سنعرف أن هذه الفترة مليئة بكثير من التفاصيل حدثت قبل وبعد توحيد القطرين ولكننا لا نعرف عنها شيئا. لم نعرف ما هي المراحل التى أدت لتوحيد مينا للقطرين، والملك مينا له أسماء ثانية تانية.
- ما الموضوعات أيضًا التي تناولتها في كتابك؟
هناك الكثير من الملوك لم يأخذوا حقهم فى المجد مثل رمسيس الثاني، وأردت فى الكتاب أن أسلط الضوء على ملوك آخرين، ونعطيهم نفس شهرة رمسيس الثاني ونعرّف القارئ أن هناك ملوكا آخرين مهمين إنما مهضوم حقهم فى التاريخ منهم الملك “سنفرو”. ومع ذلك لم نبخس رمسيس حقه وذكرنا فى الكتاب أن الملك رمسيس له الكثير من الإنجازات التى قام بها إلى جانب ملوك آخرين مهمين أيضا.
وتضمن الكتاب بعض الموضوعات التى تحتاج إلى إعادة النظر فيها مثل فكرة أن المصريين القدماء كانوا يتكلمون باللغة الهيروغليفية، وهذه الفكرة غير صحيحة بالمرة، لأن الهيروغليفية ليست لغة، وإنما نوع من الكتابة. وقد وضحت فى الكتاب أنه مثلما فى اللغة العربية وأنواع الخطوط كتابة نسخ ورقعة، هناك أيضا فى اللغات المصرية القديمة أنواع كتابات متنوعة منها الهيروغليفية والتي هي طريقة للكتابة ونوع من الخطوط وليس اللغة.
- ماذا أيضًا من الكليشيهات التي تناولتها في الكتاب؟
كليشيه مثل أن مصر 7 آلاف سنة حضارة، فلماذا هذا الرقم تحديدا، ولماذا لا تكون 5 أو 3 أو 4، وما هو الرقم الصحيح، وماذا حدث ووقع في كل هذه السنين، وهل مهم بالفعل أن نعرف عددها؟ أم أن الأهم أننا نفهم التطور الذى حدث خلال كل هذه السنين؟
بالنسبة لعمر الحضارة، عندما يأتى القارئ إلى هذا الفصل سيجد أننى شرحت ما حدث فى كل هذه السنوات. وأسماء كل المراحل فى هذه العصور الحجرية أو ما قبل الأسرات، ولماذا كل هذه السنين هى التى فى النهاية صنعت الحضارة وكيف صنعت، بغض النظر عن عدد السنين 7 أو 3 أو 5 ألف سنة حضارة.
ــ متى بدأت مبادرة إيجيبتولوجي بالعربي وما الهدف منها؟
بدأت فكرة إيجيبتولوجي بالعربي فى مايو 2020. خلال فترة كورونا والناس في بيوتها، وأنا كان عندى مبادرة اسمها “المكان والناس” بدأت فى 2017 لها العديد من الأنشطة كالورش والمحاضرات التفاعلية هدفها شرح الحضارة المصرية القديمة بشكل مبسط لكل الأعمار بالذات للأطفال وعندما جلسنا في البيت توقفت الأنشطة.
وكان يشغلني أن المحاضرات والكتب غير كافية لشرح الموضوعات الخاصة بالحضارة المصرية القديمة بشكل بسيط لغير المتخصصين بلغة سهلة.. بالفعل لدينا العديد من المحاضرات بلغات كالفرنسي والإنجليزي وعلى الإنترنت، لكن ليست هناك محاضرات كافية بالعربي.
ولذا قدمنا هذا المحتوى وخصصنا لكل فرع قسما، مثل اللغة، الديانة، الطعام، وغيرها من موضوعات عامة للغاية لكي تجذب الناس وتكون مهتمة تعرفها خاصة باللغة السهلة والشكل البسيط، وأعتقد أنها تجاوب على تساؤلات كثيرة لدى الناس عن موضوعات فى علم الآثار المصرية القديمة.
بدأت المبادرة في مايو 2020 على الإنترنت حتى يناير 2021 أصبحت بالتعاون بين مبادرة المكان والناس وبين المعهد الفرنسي للآثار الشرقية. وتقام حاليا من أكتوبر 2021 إلى الآن فى المعهد الفرنسي للآثار الشرقية.
وعن مدى التفاعل مع مبادرة إيجيبتولوجي بالعربي: قالت إن التفاعل مع المشروع كبير جدا. فلو لدينا قاعة تتسع لـ100 شخص يكون عندنا مشكلة أننا ندخل عدد أكبر 150 أو أكثر، بسبب الإقبال الكبير من الحضور. وكل مرة نفكر في قاعة أكبر لتتسع لمزيد من هذا الإقبال، الذي لم نكن نتوقعه، والذي يعكس مدى اهتمام الناس بالحضارة المصرية القديمة، وأنه لا توجد قنوات كفاية تقدم هذا المحتوى. وما يحدث من إقبال على المبادرة وفعالياتها ينفي أن الناس لا تريد أو ليست مهتمة بالحضارة المصرية.
- هل الإقبال على المبادرة رد فعل على دعاوى مثل الأفروسنتريك؟
لا أعرف، وأنا شخصيا لا أحب الدخول فى هذه النقاشات، ولا أحب أبدا ربطها باهتمام الناس بالحضارة المصرية. فالحضارة المصرية القديمة غنية جدا ولا تحتاج أننا نسمع هذه الدعاوى لحث الناس لتكون مهتمة بالحضارة المصرية القديمة. وأعتقد أن الغالبية العظمى من الشعب المصري فخور بحضارته، لا أستطيع القول إن الجميع يرغب في التعرف على الحضارة المصرية بنفس الدرجة لكن هناك قدرا كبيرا مهتما أن يعرف عن حضارته من غير أى معارك أو مشاكل أو تحديات.
- كباحثة.. ما سر تمسك المصريين بالبقاء في نفس المكان منذ 7 آلاف سنة؟
لقد وهب الله مصر موقعا ومكانا يتمتع بكل المقومات التى تجعل أى حضارة مستمرة. وأى حضارة تقوم على نهر أولا، كل الحضارات القديمة قامت حول الأنهار مثل حضارة الرافدين في العراق، وهذه الحضارات فى الغالب تستمر لآلاف آلاف من السنين. وجاءت فكرة تسمية مبادرة المكان والناس لأن التراث نابع من المكان والناس الذىن يعيشون فى هذا المكان، وهم أيضا من أعطوا المعنى لهذا التراث، وبالتالي أى عنصرين للتراث هما المكان والناس.
- هل تعرض المصريون القدماء إلى نزوح أو هجرات جماعية؟
ليست لدينا أدلة على نزوج أو هجرات جماعية للمصريين من وادى النيل. لأن الطبيعة الجغرافية كانت سببا فى عدم حدوث هذه الهجرات أو النزوح منذ استقرار المصريين حول نهر النيل حتى الآن.
- كيف ترين الآراء التي تشكك في أن المصريين المعاصرين ليسوا أحفاد المصريين القدماء؟
ليس هناك أي شك في أننا أحفاد المصريين القدماء. وليشكك المشككون. فنحن نعيش على نفس الأرض التى كان يعيش عليها المصريون القدماء منذ آلاف السنين. وحقيقى أن الشعب المصري حاليا هو نتاج تلاقى حضارات كثيرة وشعوب وثقافات كثيرة عاشت فى مصر واختلطت بالشعب الأصلي، لكن هذا يدل على الغنى الحقيقى للتراث والحضارة المصرية، لكن كل هذا لا ينفى أننا أحفاد القدماء المصريين وأي شيء غير هذا كلام فارغ.
إطلالة على الباحثة فاطمة كشك
فاطمة كشك، استطاعت من خلال عملها بالمواقع الأثرية بمصر والسودان وأوروبا أن تطور خبرتها في المجال الأثري، وأيضا في مجال التوعية بالتراث. ومن خلال احتكاكها بالتجمعات المحلية استطاعت أن تستكشف الغنى اللا محدود للتراث المصري، ودرست الرؤى المختلفة لهذا التراث وطرق إحيائه من خلال ولأجل الناس.
عملت فاطمة كشك مع العديد من المؤسسات المحلية والدولية وشغلت منصب رئيس قسم الآثار والعمارة بمركز توثيق التراث الحضاري والطبيعي بمكتبة الإسكندرية. وفي يناير 2020 حصلت على الجائزة التشجيعية الخاصة في مسابقة المكعبات الذهبية التي يقيمها بيت المعمار المصري، عن قصتها “حكاية شطب” التي صدرت في إطار مشروع أسيوط الإقليمي التابع للمتحف البريطاني بلندن.
تركز فاطمة كشك، في أبحاثها الحالية على تاريخ تطور علم المصريات في مصر، واستكشاف الرؤى المختلفة للتاريخ في مصر حاليا. أسست في العام 2019 مبادرتها “المكان والناس” التي تعمل في مجال التوعية بالتراث.