السيدة سودة بنت زمعة.. ثاني زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم
سودة بنت زمعة هي ثاني زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم ومن أمهات المؤمنين.
كانت سودة بنت زمعة متزوجة قبل الرسول – صلى الله عليه وسلم – من ابن عمها السكران بن عمرو، وقد أسلمت هى وزوجها وتعرضا لعذاب كفار قريش، فهاجرت سودة بنت زمعة إلى الحبشة في الهجرة الثانية للحبشة، وعند عودتهما من الحبشة إلى مكة توفى زوجها السكران بن عمرو في مكة وكان لها منه ولد اسمه عبد الرحمن.
وبعد موت السيدة خديجة بنت خويلد؛ عرضت خولة بنت حكيم على النبي صلى الله عليه وسلم أن يتزوج سودة، فكانت أوّل امرأةٍ تزوّجها بعد موت السيدة خديجة.
وتزوج الرسول – صلى الله عليه وسلم ـــ سودة بنت زمعة ومعها ابنها في العام العاشر من نزول الوحي عام 620م، وكان أحد أسباب زواجه بسودة بنت زمعة هو الاعتناء بها وابنها والاعتناء بابنتيه من خديجة بنت خويلد وهما الموجودتان في بيت الرسول – صلى الله عليه وسلم – وهما أم كلثوم وفاطمة.
كانت سودة بنت زمعه راضية كل الرضاء بخدمة ابنتي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقالت سودة لرسول الله – صلى الله عليه وسلم -: "والله ما بي على الأزواج حرص ولكني أحب أن يبعثني الله يوم القيامة زوجًا لك" وقد كان لها ما أرادت، وقد كانت أمنيتها في حياتها أن تصبح زوجة الرسول – صلى الله عليه وسلم – وحقق الله لها أمنيتها.
كانت سودة كبيرة السن، فخافت أن يفارقها النبي، فقالت: «يا رسول الله يومي الذي يصيبني لعائشة وأنت منه في حلّ.» فقبله النبيّ، وفي ذلك نزلت: ﴿وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا﴾ سورة النساء الآية: 128.
كانت سودة ممن نزل فيها آيات الحجاب، فخرجت ذات مرة ليلًا لقضاء حوائجها وكانت امرأة طويلة لا تخفى على من يعرفها، فرآها عمر بن الخطاب فعرفها فقال: عرَفناكِ يا سَودَةُ، فنزلت الآيات: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ٥٩﴾ سورة الأحزاب، الآية:59.
وهى أول امرأة تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد خديجة، ولم يتزوج معها صلى الله عليه وسلم إلابعد ثلاث سنين أو أكثر، حتى دخل بعائشة رضي الله عنها.
كانت السيدة سودة لطيفة المعشر تمتلك روح الدعابة مما جعلها تنجح في إذكاء السعادة والبهجة في قلب النبي صلى الله عليه وسلم، ومما يروى عنها أنها صلّت خلف النبي صلى الله عليه وسلم ذات مرّة في تهجّده، فثقلت عليها الصلاة، فلما أصبحت قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم: " صليت خلفك البارحة، فركعتَ بي حتى أمسكت بأنفي ؛ مخافة أن يقطر الدم، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم.
بمثل هذا الشعور كان زوجات النبي صلى الله عليه وسلم يعاملنها، ويتحيّنّ الفرصة للمزاح معها ومداعبتها، حتى إن حفصة وعائشة أرادتا أن توهمانها أن الدجال قد خرج، فأصابها الذعر من ذلك، وسارعت للاختباء في بيتٍ كانوا يوقدون فيه، وضحكت حفصة وعائشة من تصرّفها، ولما جاء رسول الله ورآهما تضحكان قال لهما: ( ما شأنكما )، فأخبرتاه بما كان من أمر سودة، فذهب إليها، وما إن رأته حتى هتفت: يا رسول الله، أخرج الدجال ؟ فقال: ( لا، وكأنْ قد خرج )، فاطمأنّت وخرجت من البيت.
ومن مزاياها أنها كانت معطاءة تكثر من الصدقة، حتى إن عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعث إليها بغِرارة – وعاء تُوضع فيه الأطعمة - من دراهم، فقالت: ما هذه ؟، قالوا: دراهم، فقامت وفرقتها بين المساكين،وهي التي وهبت يومها للسيدة عائشة، رعايةً لقلب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ففي صحيح البخاري: ( أن سودة بنت زمعة وهبت يومها وليلتها ل عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، تبتغي بذلك رضا رسول الله صلى الله عليه وسلم )
شهدت سودة غزوة خيبر مع النبي وأطعمها النبي من الغنائم، وشهدت معه حجة الوداع، واستأذنته أن تصلي الصبح بمنى ليلة المزدلفة فأذن لها، فعن عائشة: «استأذنت سودة رسول اللَّه ﷺ ليلة المزدلفة أن تدفع قبل تزاحم الناس، وكانت امرأة ثقيلة الوزن حج سو، فأذن لهاولم تحج سودة بعدها ولزمت بيتها حتى وفاتها، فكانت تقول: «لا أحج بعدها أبدًا»،وتقول: «حججت واعتمرت فأنا أقر في بيتي، كما أمرني الله عز وجل»، وكانت زوجات النبي يحججن إلا سودة بنت زمعة وزينب بنت جحش، قالتا: «لا تحركنا دابة بعد رسول الله ﷺ».
توفيت بالمدينة المنورة في شوال سنة أربعة وخمسون في خلافة معاوية ورجَّحه الواقدي، وقيل بل كانت أول أمهات المؤمنين وفاةً وتوفيت في أواخر خلافة عمر بن الخطاب.