تعميق التهجير لإخراج «الأونروا».. القصف الإسرائيلي يلاحق أهالي غزة بالمخيمات
لم تكن تنوي عبير، خمسينية من فلسطين، أن تترك منزلها وتنزح منه إلى خيام ومراكز الإيواء في الأونروا، إلا أن الإنذارات المتكررة دفعتها إلى النزوح، خوفًا على أطفالها الأربعة من القصف العشوائي الذي يقوم به الاحتلال الإسرائيلي.
داخل مركز إيواء النصيرات عاشت عبير رفقة أبنائها، معتقدة أنها أصبحت في أمان ووفرت لهم قدرًا من الحماية، لكن القصف استمر، إذ استهدف الاحتلال مخيم النصيرات أكثر من مرة، وفي أحدهم استشهد زوجها.
تقول: "الحياة معدومة داخل مراكز الإيواء، لا توجد أدنى المقومات التي يمكن للإنسان أن يعيش بها، واحتياجات النساء غير متوفرة، والطعام لا يكفي ولا توجد ماء صالحة للشرب، ولكن ظننا في البداية أننا في مأمن عن بطش الاحتلال".
فجّر الاحتلال المخبز الذي يخدم مركز إيواء النصيرات في جنوب القطاع، وكان نجل عبير يقف في الطابور من أجل الحصول على رغيف خبز يتقاسمه رفقة أسرته، كل فرد منه يأخذ لقمة. وهنا عرفت عبير أنه لا أمان في أي مكان في غزة، وأن إسرائيل تستهدف الاحتلال.
إسرائيل تستهدف الأونروا
يتسق ذلك مع بيان بثته وزارة الخارجية الفلسطينية حول استهداف إسرائيل مراكز الإيواء التابعة للأونروا لإخراجها من غزة وتعميق التهجير وتغيير طابع القطاع السكاني، قائلة في البيان: "بعيدًا عن أهدافه المعلنة للحرب على قطاع غزة، يوظف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الإبادة الجماعية للمدنيين الفلسطينيين في الأونروا".
وأضافت: "في مقدمتها العمل على تهجير من يتبقى من المواطنين الفلسطينيين أو إرغامهم على الهجرة إلى مراكز الإيواء ثم قصفها، أو الاعتماد على سياسة التجويع والتعطيش والحرمان من الأدوية، مما أدى إلى خلق بيئة مناسبة للأمراض والأوبئة وتفشيها المتسارع بين المواطنين في ظل الكثافة السكانية العالية".
واعتبرت الوزارة أن الحرب على "الأونروا" تندرج في إطار مخططات التهجير القسري ومحاولات تغيير الطابع الديموغرافي في قطاع غزة، وطبيعته المعروفة بالكامل، ونزوح ساكني الأونروا خارج غزة.
عبير: "لن ننزح مرة أخرى خارج القطاع"
عقب استشهاد زوج عبير وابنها علمت أن الحياة لم تعد آمنة في كل مكان داخل القطاع، وأن الاحتلال يحاول خداعهم من خلال النزوح إلى مراكز الإيواء، ومن ثم تعرضهم للقصف أو التجويع.
تقول: "ليس لنا مكان خارج غزة، فالاحتلال يحاول إخرجنا منها تمامًا، إلا أن القطاع بأكلمه لم يعد به مكان آمن، لذلك فإن المخطط لن ينجح لأن جميعنا قررنا عدم النزوح أو الخروج من القطاع".
إلى الآن تم قصف 75 مركزًا وأصيب 100 نازح كانوا يحتمون في مراكز الإيواء واستشهد 8 آخرون، بينما فقدت "الأونروا" 16 شخصًا من موظفيها.
مناصرة لاجئى فلسطين: "الحياة غير آدمية"
يعلّق هاني جودة، من شبكة مناصرة لاجئي فلسطين غير الحكومية، على استهداف الاحتلال "الأونروا" بأن الحياة داخل تلك المخيمات لم تعد آمنة ولا تتوافر بها أدنى مقومات الحياة لكون اللاجئين يعيشون دون طعام أو كهرباء.
وأوضح، لـ"الدستور"، أن مخزون وكالة "الأونروا" قارب على النفاد وفي نفس الوقت لا تدخل المساعدات والمستلزمات الطبية والغذائية بالقدر الكافي لسكان المخيمات، فيتم تقسيم الطعام على اللاجئين.
وبيّن أن الاحتلال مستمر في قصف مراكز "الأونروا" دون رحمة، وليس فقط المراكز الموجودة على المناطق الحدودية ولكن الموجودة في وسط القطاع أيضًا، فلا بد من هدنة ووقف إطلاق النار.
وتمتلك "الأونروا" 148 مركزًا في خمس محافظات على مستوى قطاع غزة، وهناك 64 مركز إيواء غير تابعة للأونروا، ومنذ بداية الحرب في 7 أكتوبر الماضي، وحتى الآن، نزح أكثر من مليون فلسطيني إلى مراكز الإيواء نتيجة استمرار القصف الإسرائيلي.