مرصد الأزهر: نحن فى أمس الحاجة لتعزيز المسئولية الأخلاقية لإحلال السلام عالميًا
قال مرصد الأزهر لمكافحة التطرف، إنه في الـ21 من سبتمبر يحتفل العالم سنويًّا باليوم الدولي للسلام، إذ يعلن عن ٢٤ ساعة من اللاعنف ووقف إطلاق النار في مسعى لتعزيز جهود إقرار السلام، إلا أن الواقع يحدثنا عن حاجتنا الماسة إلى أيام وشهور وسنوات طوال من وقف إطلاق النار بدلًا من 24 ساعة يتجدد بعدها العنف والحرب، وهو ما يؤكده خطاب شيخ الأزهر من حاجة العالم إلى تقدُّم مُوازٍ في مجال المسئولية الأخلاقية، لأنه دون هذه المسئولية يسير الإنسان وراء غاياته التي قد تتجاوز الضمائر ويطغى عليها صوت المصلحة لا صوت العقل.
وتابع المرصد "كنا نعتقدُ، بل ننتظرُ من العقود الأولى من الألفيَّة الثالثة أن تحمل من تحضُّرِ الإنسانية وتراحُمها وتعارفها بمقدار ما حملته من تقدُّمٍ مُذهلٍ وقفزات مُدهشة في مجالاتِ التقدُّم العلمي والصناعي والحضاري المادي، إلَّا أنَّ الواقعَ الأليم أثبت أنَّ هذا التَّقدُّم لم يُواكبه- مع الأسف- تقدُّم مُوازٍ في مجال المسئولية الأخلاقية، والإصغاء لنداء الضَّمير والالتزام بالفِطْرَة الإلهيَّة التي فَطَرَ الله الناس عليها".. بهذه الكلمات التي ألقاها فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، خلال مشاركته في اللقاء الدولي من أجل السلام بألمانيا، عبر عن حال العالم اليوم في ظل الصراعات والحروب التي تضرب جذور عدد من دوله والخاسر الأكبر منها هو الإنسانية العالمية.
علينا مخاطبة الجميع للسعي الحثيث من أجل إقرار السلام الفعلي
وأوضح مرصد الأزهر، أنه في هذا اليوم من العام الذي أقرته الأمم المتحدة علينا مخاطبة الجميع للسعي الحثيث من أجل إقرار السلام الفعلي في العالم، وبذل المزيد من الجهود للحد من التطرف الفكري الذي يقود إلى سفك الدماء وأعمال العنف التي نشهدها حاليًّا في عدد من الدول في إفريقيا وآسيا.. وغير ذلك من مناطق.
وأكد مرصد الأزهر أن التطرف لم يعد وجهًا واحدًا بل بات العديد من الوجوه التي نصادفها اليوم، وتمثل خطرًا حقيقيًا على استمرارية الإنسانية واستقرار العالم بعيدًا عن الاضطرابات والصراعات التي لا ينتج عنها سوى الخراب والتشتت وملايين اللاجئين.
ارتفاع أعداد اللاجئين والنازحين
وتابع مرصد الأزهر، يكفينا أن نشير إلى ارتفاع أعداد الأشخاص الذين شردهم العنف والحروب والاضطهاد بنهاية مايو 2023 إلى رقم قياسي- وفق بيانات الأمم المتحدة- إذ سجل 110 ملايين شخص، وهو ما قال عنه المفوض السامي لشئون اللاجئين فيليبو غراندي: "توضح لنا هذه الأرقام أن بعض الجهات تهرع نحو الصراعات وتتباطأ للغاية في البحث عن الحلول، مما يؤدي إلى حدوث دمار ونزوح ومعاناة لملايين الأشخاص الذين اقتلعوا من ديارهم".
ويلفت مرصد الأزهر لمكافحة التطرف إلى أن هذه الأرقام المتصاعدة في أعداد اللاجئين والنازحين يتزامن معها تراجع ملحوظ في المساعدات الإنسانية، حيث أعلن مؤخرًا عن تراجع حصص المساعدات الإنسانية المقدمة للاجئي الروهينجا في مخيمات بنجلاديش، الأمر الذي يؤدي إلى وقوع العبء الأكبر من المسئولية عن هؤلاء اللاجئين على الدول الفقيرة المستضيفة ما يفاقم من سوء الأوضاع الإنسانية والاقتصادية بها.
الاحتفال بمولد الرسول
ويضيف المرصد أن اليوم الدولي للسلام يأتي في وقت يقترب فيه احتفال ملايين المسلمين حول العالم بمولد سيد الخلق - محمد صلى الله عليه وسلم- الذي عمل على إرساء السلام قولًا وفعلًا، فقد حث على إفشاء السلام، واعتبر ذلك من دوافع العزة والرفعة والمسالمة بين الناس، ويعزز الطمأنينة في الأرض والديار.
وإذا نظرنا إلى تحية الإسلام نجدها تبدأ بـ"السلام" وفي هذا إقرار بأهميته للناس، فالسلام هو شعار الإسلام الذي لا يتجزأ، بل يشمل كافة مناحي الحياة الدينية والاجتماعية والأخلاقية والسياسية إلى غير ذلك، فالسلام متجذر في كل فعل حث عليه رسولنا الكريم، صلى الله عليه وسلم.
ويتجلى ذلك فيما أقرته الشريعة الإسلامية والسنة في المنازعات والحث على اعتماد مبدأ التسوية السلمية بما يحفظ الحقوق والأوطان، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ۚ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ} البقرة: 208.