مخططات سرية وتقويض العقوبات.. ماذا تحمل الشراكة بين روسيا وكوريا الشمالية؟
وصفت صحيفة "الجارديان" البريطانية، زيارة زعيم كوريا الشمالية كيم يونج أون لروسيا ولقائه مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين بأنه تحول ملحوظ في ديناميكيات العالم حيث تحمل روسيا مخططات سرية تكمن وراء تحسين العلاقات، فخلال الحرب الباردة، كانت كوريا الشمالية الحليف الرئيسي لموسكو في شمال شرق آسيا، واليوم وبعد سنوات من العلاقات غير المعلنة تعود الأموال كما كانت عليه، وسط تخوفات الغرب من أن هذه العلاقة الوثيقة والتي يمكن أن تمثل خطورة كبيرة على العالم، حيث يضعف التحول في العلاقات نظام العقوبات العالمي المفروض على كوريا الشمالية ويقلل من خطورة البرنامج النووي الخاص بها.
علاقة غريبة وخطر جديد يهدد العالم
وتابعت الصحيفة أن العلاقات بين بوتين وكوريا الشمالية قديمة ووثيقة، لكنها كانت بشكل عام أكثر غرابة منها عملية، حيث يعد الشريك الحقيقي لروسيا هو كوريا الجنوبية، التي كانت تصنف باستمرار بين أكبر 10 شركاء تجاريين لها، حيث بلغ حجم التجارة ما يقرب من 30 مليار دولار في عام 2021، ولم تكن كوريا الشمالية شريكا جذابا أبدا، وكانت تخضع لعقوبات مقيدة للغاية فرضتها روسيا، كعضو دائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
وأضافت أن بعد اشتعال الأزمة الروسية الأوكرانية، تغير كل شيء، ففي مايو 2022 في تطور قد ينذر ببداية النهاية لنظام العقوبات على كوريا الشمالية - استخدمت روسيا والصين حق النقض (الفيتو) ضد قرار لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة من شأنه أن يعاقب يونج أون لإجراء جولة أخرى من التجارب الصاروخية.
وتابعت أنه في يوليو 2022، اعترفت كوريا الشمالية بجمهوريتي دونيتسك ولوهانسك بأنهم تابعين لروسيا، ثم، في يوليو من هذا العام، وصل وزير الدفاع الروسي، سيرجي شويجو، إلى بيونج يانج ليحظى بترحيب غير مسبوق، وشوهد كيم وهو يعرض له بفخر أحدث نماذج الأسلحة الكورية الشمالية ووسط الابتسامات والصداقة الحميمة، ولدت علاقة جديدة.
وأضافت أن هذه العلاقة تشير إلى سعي روسيا للحصول على الأسلحة والذخائر الكورية الشمالية، ولكن بهذه الصفقات فإن بوتين ينتهك العقوبات التي أقرها هو نفسه على كوريا الشمالية قبل سنوات، وهو ما قد يؤدي إلى تفكيك نظام العقوبات الذي يسيطر على البرنامج النووي لكوريا الشمالية، ما يعني أن هذا التحالف قد يمثل خطورة كبرى على العالم.
مخططات روسية سرية
وأكدت الصحيفة البريطانية أن روسيا لديها مخططات أخرى من وراء توطيد العلاقات مع كوريا الشمالية، لأن مثل هذا الأمر قد يؤثر على العلاقة بين روسيا وكوريا الجنوبية التي تأثرت بالفعل بعد أزمة أوكرانيا العسكرية، حيث انخفضت صادرات كوريا الجنوبية إلى روسيا بنسبة 37% في عام 2022 (انخفضت الواردات بنسبة 15%). لكن سيول انضمت إلى هذه العقوبات على مضض، كما تواصل العديد من الشركات الكورية الجنوبية العمل في روسيا، حيث تمثل كوريا الجنوبية حلقة ضعيفة في جبهة العقوبات الغربية، وهو الوضع الذي يمكن للكرملين أن يستغله لصالحه إذا كان لديه الفطنة التكتيكية للقيام بذلك.
وتابعت أنه ومع ذلك، قد يستنتج بوتين أنه من خلال إقامة علاقة جديدة مع بيونج يانج، يمكنه زيادة نفوذه لدى كوريا الجنوبية، وربما يعتقد أنه كلما أصبحت العلاقة بينه وبين كيم أكثر تقاربا، كلما أصبح صناع السياسات في كوريا الجنوبية أكثر حرصا على الحفاظ على الحوار مع روسيا، أما الاعتبار الثالث الذي قد يثقل كاهل بوتين هو ما إذا كانت كوريا الشمالية شريكا جديرا بالثقة، وعلى الرغم من هذه الاعتبارات، ربما يكون بوتين قد اتخذ بالفعل الخيار الاستراتيجي للتقرب من كوريا الشمالية، ويرجع ذلك جزئياً إلى الوضع الجديد الذي تجد روسيا نفسها فيه.