فى عامه.. كواليس تلقى طه حسين دروسًا على يد الإمام محمد عبده
خصصت المؤسسات الثقافية عام 2023 بأنه عام عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين، لمرور 50 عامًا على رحيله، فمنذ رحيله تناولت عشرات الأقلام سيرة ومسيرة عميد الأدب.
ومن بين الكتب التي تناولت حياة عميد الأدب العربي، كتاب "طه الذي رأى" للكاتب حمدى البطران، الذي رصد فيه حياته منذ الطفولة حتى رحيله، سنوات كثيرة رصد فيها أفكاره وآراءه وكل ما يتعلق به.
ومن الفترات التي تحدث عنها البطران، التحاقه بالأزهر الشريف، وتأثره بالإمام محمد عبده، فقال: "في تلك الفترة كان طه حسين يقضي أحبَّ فترات حياته في الأزهر الشريف، وهو الوقت الذي كان يقضيه في جنبات الأزهر، وكانت تلك الفترة أحبّ إليه من الوقت الذي يقضيه في غرفته التي كان يشعر فيها بالغربة".
واستكمل: "كان يجد راحةً وأمنًا وطمأنينة واستقرارًا، إذ يتلقّى هذا النسيم الذي يترقرق في صحن الأزهر حين يصلى الفجر، وكان طلاب الأزهر في تلك الفترة، يفخرون بتلمذتهم على يد الإمام محمد عبده والشيخ بخيت وأبي خطوة والشيخ راضي سواءً في المساجد أو حتى في بيوتهم".
ضيق الأزهريين من كتب الأزهر
وتابع: "كما كان طلاب الأزهر يضيقون بكتب الأزهر ضيقًا شديدًا، كانت لغتها قديمة وأسلوبها صعب الفهم والإدراك، وكانوا يميلون إلى شرح أستاذهم الإمام محمد عبده في شرح كتب الأزهر ومناهجه، ويسمعون من الأستاذ الإمام حين يشهدون درسه أو حين يزورونه في داره فيملي عليهم أسماء كتب قيمة في النحو والبلاغة والتوحيد والأدب أيضًا، وكذلك لم يكن شيوخ الأزهر يحبّون تلك الكتب القيمة، لأنهم لم يألفوها ولم يقتنعوا بها".
الإمام محمد عبده أبرز علماء القرن العشرين
وفي هذا التوقيت، يعتبر الإمام محمد عبده أحد أبرز علماء الدين في القرن الماضي، لما له من أفكار تنويرية مهمة، جعلت العديد من أبناء عصره ومفكريه يصفونه بمجدّد العصر، هذه الأفكار جعلته دائمًا في مشاكل وصراعات لم تتوقف عند بعض العلماء ليس الرافضون لأفكاره فقط بل في القصر الملكي أيضًا.
خلاف الإمام محمد عبده والخديو عباس
وقال البطران: "وفي تلك الفترة، حدثت واقعةٌ تأثّر بها طه حسين، وهي وقوع جفوة بين الإمام محمد عبده والخديو عباس، وتسببت في محنة للإمام، وقتها دخل محمد عبده في أزمة عنيفة مع الخديو عباس حلمي الثاني، حينما قرر الخديوي عباس بيع أراضي الأوقاف، وأعلن عن رغبته في بيعها وهو ما رفضه الإمام فقرر عباس حلمي الانتقام منه وتلفيق التهم ضدّه، وتهييج عددٍ من علماء الأزهر لاتهامه بالكفر، وفي النهاية قرر الخديو نفيه إلى منطقة عين شمس وتحديد إقامته".
استقالة الإمام محمد عبده وتاثر طه حسين
وكان طه حسين في هذا التوقيت قد حضر دروس الطلبة المبتدئين لمدة ثلاث سنوات، وكان له في هذه الفترة فرصة التتلمذ على يدِ الشيخ محمد عبده، ولكن لسوء حظه لم يستمع سوى لدرسين من دروسه بسبب استقالة الشيخ الإمام محمد عبده وتركه للأزهر الشريف، وتلقّى بعد ذلك طه حسين دروسًا في النحو والفقه لمدة سنتين للطلبة في المرحلة الوسطى، ثم انتقل إلى المرحلة المتقدمة.
حزن شديد على رحيل الإمام محمد عبده
ونوه البطران: حضر طه حسين آخر درسين ألقاهما الإمام محمد عبده قبل وفاته، تألّم طه حسين كثيرًا لوفاة الإمام محمد عبده، وكم أحسّ أن الذين تعاطفوا مع الشيخ صادقون وحزنوا عليه مخلصين، لم يكونوا من أصحاب العمائم، وإنما كانوا من أصحاب الطرابيش، فوجد في نفسه ميلًا خفيًّا إلى الاقتراب من أصحاب الطرابيش هؤلاء، وإلى أن يتصل ببيئاتهم بعض الاتصال.
وتابع: "كان ما يعزز هذا الميل الخفيّ لأصحاب الطرابيش ولع طه حسين الطبيعي بالنقاش والمحاورة، وهو أمرٌ لم يكن معهودًا في تلك الأيام في أروقة الأزهر وبين شيوخها المعممين، فكان يلقى الصد والاستخفاف بل والاستهزاء في بعض الأحيان من هؤلاء للملاحظات التي يثيرها".
اقرأ ايضًا:
إعمال وإعلاء العقل ورفض التقليد.. أبرز القضايا التى عالجها الإمام محمد عبده