كيف استطاعت "العلمين" تحقيق مقولة "احترسوا من الموت.. واحترموا الحياة"؟
تاريخ محفور في ذاكرة العالم، وحاضر يكتب خلودًا آخر في صفحات ذاكرة هذا العالم، استطاعت مدينة العلمين الجمع بينهما بما حققته من طفرة تنموية جعلتها اليوم أهلًا لإقامة أكبر مهرجان ترفيهي في الشرق الأوسط، وهو مهرجان العلمين الجديدة.
تاريخ العلمين ضمّ الكثير من معان للحزن والألم، وكذا الخطر خلفتهما أحد أقوى نزاعات العالم، وهي الحرب العالمية الثانية، جعلاها تضم في ترابها 5 مقابر رئيسية لضحايا جيوش دول الكومنولث والمحور، وهما طرفا الصراع في الحرب العالمية الثانية بشمال إفريقيا.
معركة العلمين عام 1942 هي المعركة التي وقعت بين القوات ألمانية والإيطالية وفيها هزمت الألمان في الحرب العالمية الثانية عن طريق انتصار البريطانيين على الألمان وأسر القائد الألماني المعروف "روميل".
في شرق مدينة العلمين يوجد ثلاث مقابر رئيسية لقوات الكومنولث، تحوي قتلى قوات بريطانيا ونيوزيلندا وفرنسا وأستراليا والهند وجنوب إفريقيا.
هناك كذلك المقبرة الإيطالية التي تمتاز عمارتها بالفخامة والفن، وتضم 4800 من جثامين القتلى الإيطاليين بالحرب، وتضم كنيسة صغيرة ومسجدًا وقاعة للذكريات ومتحفًا صغيرًا.
أما "المعظمة الألمانية" وهي الاسم الذي يُطلق على مقبرة الألمان تقع داخل المدينة، وتحديدًا في منطقة تل العيس المطلة على البحر المتوسط، ويوجد بها جثامين ورفات أكثر من 4200 جندي ألماني من قتلى الحرب العالمية الثانية.
في وسط تلك المقبرة تقف مسلة فرعونية مرسوم عليها صقور مستقيمة، يقال إنها ترمز للأبدية، كما تدل على أن المدفونين بها هم الذين قضوا بعيدًا عن أوطانهم، وماتوا ودفنوا في دولة تقدس الموتى منذ آلاف السنين، وهي أرض مصر، وأن هذه المسلة تأخذ الموتى الألمان تحت حمايتها.
إذ كتب على هذه المسلة "استريحوا 4200 جندي ألماني بالحرب العالمية الثانية موتهم توصية وإنذار لنا"، وعلى الجهة الأخرى للمسلة، دونت عبارة "احترسوا من الموت.. واحترموا الحياة".
وكأن مقولة الألمان "احترسوا من الموت.. واحترموا الحياة"، قد تحققت بالفعل على هذه الأرض، إذ استطاعت مدينة "العلمين" أن تحترس من الموت بعد أن تم تطهيرها بالكامل من مخلفات الحرب العالمية بها من ألغام إذ تم تطهير مساحة تقدر بـ639 ألف فدان منها هي إجمالي المساحة التي كانت تبطنها الألغام.
وبدأت خطوات بث الحياة داخل هذه المدينة عندما تولى الرئيس عبد الفتاح السيسي الحكم، وأمر بوضع خطة كاملة لتنميتها وتطويرها لتصبح وبعد سنوات قلائل من قراره، أول مدينة مليونية في الساحل الشمالي، وواحدة من مدن الجيل الرابع التي تضم مشروعات تضاهي في فخامتها وضخامتها كبرى المشروعات العالمية.
أصبحت مدينة الأحزان والألغام سابقًا تستوعب 1.6 مليون نسمة على أرضها، تضم ناطحات سحاب سياحية "أبراج العلمين"، تقدم مختلف المحاصيل الزراعية من نخلها وأشجارها التي زرعت على أرضها بكميات هائلة، تقدم لزائريها وقاطنيها كوب الماء من أول محطة إنتاج مياه الشرب بتكنولوجيا التكثيف بإنتاجية 100 ألف لتر مياه يومياً.
استمرت جرعات الحياة داخل المدينة تزداد يومًا بعد يوم حتى وصلت إلى شبه الاكتمال، إذ ضمت مراكز خدمية وترفيهية مثل بحيرة العلمين والعديد من المعارض والملاهي ومنافذ البيع والفنادق وميدتاون ومركز ثقافي كبير، ودار للأوبرا ومكتبة ومتنزه دولي ومسجد وكنيسة ومدارس وجامعة جديدة وكذلك نواد رياضية ومدينة تراثية.
لذا لم يكن غريبًا على تلك المدينة التي عظّمت تاريخًا للأموات أن تحترم حاضرًا للأحياء، وتقيم أكبر مهرجان ترفيهي بالشرق الأوسط لهم يشع بالحياة يجمع بين الرياضة والفن، والثقافة، والأزياء، يدعو العالم على هذه الأرض ليحضر ويكون شاهدًا على تحقق مقولة "احترسوا من الموت.. واحترموا الحياة"، التي في الواقع هي انعكاس لما اعتاد المصري أن يعيشه منذ قديم الأزل وحتى الآن.