خلافات داخل الاتحاد الأوروبى بشأن تنظيم المنتجات الجديدة المعدلة جينيًا
تعد المفوضية الأوروبية مقترحات ستعرضها في بداية يوليو، تتضمن تشريعات بشأن التكنولوجيا الحيوية الجينية وهي تقنيات ناشئة تسعى لتطوير بذور أكثر مقاومة يسميها منتقدوها "كائنات جديدة معدلة جينيًا"، مما ينذر بخلافات حادة بين الدول وأعضاء البرلمان الأوروبي.
هذه المحاصيل التي يفترض ان تكون أقل عرضة للجفاف والأمراض وأقل استهلاكًا للمياه، تعد وفق تقنية تُسمى باللغة الإنجليزية NBT أو NGT "تقنيات جينومية جديدة"، وهي مجموعة لا حصر لها من أدوات التحرير الجيني ظهرت في السنوات الأخيرة لتعديل المادة الجينية للنباتات من دون إضافات، على عكس الكائنات المعدلة جينيًا GMO التي تقوم على إضافة جين خارجي للكائن أو النبات.
إنها طريقة بسيطة لتسريع التطور الذي كان يمكن أن يحدث بشكل طبيعي وفق مؤيديها، في حين تصفها المنظمات البيئية المعارضة لرفع القيود عن استخدامها بأنها "كائنات مخفية معدلة جينيًا".
اعتبارًا من عام 2021، اعتبرت المفوضية الأوروبية اللوائح المنظمة للكائنات المعدلة جينيًا مثل الترخيص وإمكانية التتبع ووضع الملصقات والمراقبة وغيرها، "غير مناسبة" لهذه التقنيات الحيوية الجديدة.
وقالت مفوضة الصحة ستيلا كيرياكيدس لأعضاء البرلمان الأوروبي في نهاية أبريل إن "النباتات المنتجة بالتقنية الجينومية الجديدة NGT يمكن أن تدعم استدامة" الزراعة الأوروبية وتقوي "قدرتها التنافسية".
وأوضحت أن الإطار التنظيمي المقترح "سيرسل إشارة واضحة للمزارعين والباحثين والصناعيين بأن هذا هو الطريق الصحيح" الذي ينبغي أن تسلكه أوروبا.
تلقت بروكسل 90 طلب ترخيص لمحاصيل منتجة بتقنية NGT "ثلثها في مرحلة بحث متقدمة"، مع عدد قليل يجري اختبارها في الحقول مثل الذرة في بلجيكا والبطاطس في السويد.
المفوضية الأوروبية تحذر من التقنية الجينومية
في وثيقة مؤرخة في فبراير درست المفوضية على وجه الخصوص إمكانية "أن تعالج بالطريقة نفسها" البذور التقليدية، وتلك المنتجة بتقنية NGT التي تنطوي على تعديلات يمكن أن تحدث بشكل طبيعي أو عبر عمليات التهجين التقليدية، مع خيارات مختلفة لوضع الملصقات على المنتج.
في أبريل قال وزير الزراعة الفرنسي مارك فيسنو "عندما تسهم هذه التقنيات الجديدة في الحد من استخدام منتجات حماية النباتات وتتيح التصدي لتغير المناخ مع أصناف أكثر مقاومة لموجات الحر، علينا أن نسرع الخطى"، مع إبداء قلقه بشأن "التأخير" الأوروبي.
في نهاية عام 2022، تباهى نظيره الإسباني لويس بلاناس "بأداة رائعة لزراعة محاصيل تحتاج إلى كميات أقل من المياه والأسمدة".
هذه المواقف أيدتها منظمة Copa-Cogeca القوية للشركات الزراعية والمزارعين التي قال أحد مدرائها غونار كوفود إن "المناخ يتغير والأمراض والفطريات تتطور.. إذا أردنا إطعام أوروبا وتحقيق الاكتفاء الذاتي، علينا تكييف اللوائح المنظمة، لنمنح أنفسنا الوسائل لتطوير أصناف أكثر مقاومة.
تؤيد أغلبية في البرلمان الأوروبي التخفيف من صرامة اللوائح المنظمة للتقنيات الجديدة. ومع رغبة النواب المحافظين بتجميد التخفيض الملزم لمبيدات الآفات، فإنهم يدفعون من ناحية أخرى في اتجاه تبني إطار ملائم لتقنية NGT قادر على "تحفيز البحث والاستثمار والتوظيف" وزيادة الإنتاجية.
ويقول باسكال كانفين، رئيس كتلة التجديد Renew الوسطية في البرلمان في مفوضية البيئة، إن التقنيات الجديدة يمكن أن تكون "جزءًا من الحلول المفيدة للانتقال الزراعي" إذا ساهمت في حلول بديلة لمبيدات الآفات الكيميائية. ولكنه بخلاف المحافظين يريد الاستمرار في تنفيذ الميثاق الأخضر.
من ناحية أخرى، ما زال بعض الدول حذرا في موقفه. ففي منتصف مارس، انتقدت النمسا دراسة للمفوضية "قائمة على الافتراضات والتخمينات" أكثر منها على البيانات العلمية، ودعت إلى "دراسة شاملة للمخاطر البيئية والصحية" والاستثمار في الأمن البيولوجي.
هذه الموقف أيدته المجر وقبرص وألمانيا ولوكسمبورغ. فقد طالبت برلين "بنهج اجتماعي مقبول اجتماعيًا.. للحفاظ على المبدأ الوقائي وحرية الاختيار والتعايش بين النظم الزراعية المختلفة".
في البرلمان، يعارض اليسار أي تشريع خاص، مشيرًا إلى أن محكمة العدل الأوروبية قدرت في منتصف عام 2018 أن الكائنات الحية الناتجة عن تقنيات الاصطفاء الجديدة تقع "من حيث المبدأ في نطاق ما ينطبق على الكائنات المعدلة جينيًا".
كما يُتوقع أن تركز المعركة التشريعية على الضمانات الواجب توفيرها.
قال النائب الأوروبي الاشتراكي إريك أندريو: "المفوضية تتصرف مثل متدرب مبتدئ"، داعيًا إلى الحفاظ على "المبدأ الوقائي والشفافية وتوفير معلومات كاملة للمستهلك".
أما كتلة الخضر فتريد "تقييمًا كاملاً للمخاطر" لتجنب التأثيرات غير المتوقعة "سموم جديدة أو مواد مسببة للحساسية، وما إلى ذلك"، وإلزام المطورين بتوفير طرق الكشف والتتبع، وجعل وضع الملصقات المميزة أمرًا إلزاميًا.
هذا الإجراء الأخير من شأنه أن يردع المستهلكين، كما تقول ميوت شيمف من منظمة أصدقاء الأرض. وهي ترى أن هذا التشريع يجب تجنبه "لأنه ستار يخفي الحقيقة لتجنب خوض النقاش حول انتقال" النماذج الزراعية، في حين أن "هذه الكائنات الجديدة المعدلة جينيًا ليست سوى مجرد وعد نتيجته غير مؤكدة".