الروائي علاء عبد العزيز: "قصص يحيى الطاهر ورواياته نظم شعري فريد
تحدث الكاتب الروائي علاء عبد العزيز لـ “الدستور” عن القاص يحيى الطاهر عبد الله، والذي تحل اليوم ذكرى رحيله عن عالمنا.
وقال عبد العزيز: “لعله كان اتفاقا ضمنيا غير مكتوب بين كاتب الدلتا الأديب الفذ يوسف إدريس والأديب الشاب يحيى الطاهر عبدالله عندما تقابلا الاثنين في مقهي ريش بوسط البلد في أواخر حقبة الستينات من القرن الماضي”.
الاتفاق كان تعهده من طرف واحد يحيى الطاهر عبدالله، فقد كان متحققا بالفعل لدي أدريس الذي صور في قصصه القصيرة وخاصة مجموعته القصصية "حادثه شرف" الموروث الشعبي لدي أهل الدلتا وعاداتهم، وأساطير حكاويهم وطريقة أفراحهم وأحزانهم في أحسن صورة مكتوبة.
يومها انتهى اللقاء بعكس بدايته بعدما رأى أدريس في يحيى الطاهر عبدالله ما لم يراه في أدباء جيله فنصحه بالتركيز على تولي أهل الوادي بالرعاية والكتابة الأدبية، كما تولي هو أهل الدلتا بنفس الرعاية ومنذ ذلك الحين لم يخذل يحيى الطاهر عبدالله ربيبه في الإبداع يوسف إدريس فصال وجال في هذا المضمار، يحول جماليات الصعيد وأشجانه وأفراحه إلى صور متكلمة من دم ولحم على الأوراق في قصصه القصيرة وكذا الروايات.
وتابع “عبد العزيز”: ولعل رواية الطوق والأسورة التي تحولت إلى فيلم سينمائي عام ١٩٨٦ هي خير دليل على براعته في تصوير حياة الجنوبي، وكما كان إدريس يأخذ قراؤه ومريديه إلى مكان الحدث ليعيشوا في ضيافة أهل الدلتا اصطحب الفذ يحيى الطاهر عبدالله قراؤه ومريديه ليعيشوا في ضيافه أهل الوادي.
كانت حقبة السبعينات من القرن الماضي هي حقبة إبداعه المتواتر الخصب فظهرت له عدة مجموعات قصصية منها أنا وهي وزهور العالم، الدف والصندوق، حكايات للأمير حتى ينام وغيرها من العديد من المجموعات القصصية التي أنجزها في وقت قصير ثم ختمها بمجموعته القصصية "تصاوير من الماء والشمس" وكأنه يودع في هذا العام تلكم التصاوير المحسوسة إلى مرقده الأخير الذي حرمه الشمس والماء، ومات قبل أن يسمع في حق نفسه كلام من أحد ينصفه ماليا ومعنويا، كان يتوق إلى ذالك كثيرا فالتشجيع سوف يمنحه قوة مضاعفة تزيد من وهج إبداعه، ولكن جاءت حادثة رحلته إلى الواحات لتسدل الستار عن نجمه الذي هوي فجأهز. رحل شاعر القصة القصيرة الذي كان كلامه في القصة والرواية نظما شعريا فريدا.