في ذكرى وفاته.. كيف قرأ المثقفون يحيى الطاهر عبدالله؟
تحل اليوم في التاسع من إبريل، ذكرى وفاة الأديب الكبير يحيى الطاهر عبدالله، والذي أصدر العديد من الأعمال الأدبية المهمة في حيانه منها روايته "الطوق والأسورة" التي تحولت إلى فيلم سينمائي من إخراج خيري بشارة و"تصاوير من الماء والشمس"، و"الحقائق القديمة صالحة لإثارة الدهشة"، و"حكايات للأمير حتى ينام".
وكان رحيل الأديب الكبير المفاجئ عن عمر ناهز 43 عامًا إثر حادث مروري عام 1981 صدمة لمحبيه وأصدقائه من الوسط الثقافي، فنعاه الكثيرون ومنهم الشاعرين أمل دنقل وعبد الرحمن الأبنودي اللذين شاركاه ظروف النشأة في الصعيد المصري قبل صداقتهم الأدبية الوثيقة.
كتب عبد الرحمن الأبنودي قصيدة في نعيه حملت عنوان "عدودة تحت نعش يحيى الطاهر عبد الله وفيها قال: كنا شقايق على البعد/ وع القرب شأن الشقايق/ أنا كنت راسم على بعد/ وخانتني فيك الدقايق.
ونعاه أمل دنقل في قصيدة "الجنوبي" مخاطبًا ابنته أسماء الطاهر بقوله: ليت أسماء تعرف أن أباها صعد/ لم يمُتْ/ هل يموت الذي كان يحيا/ كأن الحياة أبد/ وكأن الشراب نفد.
المحاور الرئيسية في كتاباته
في كتابه "أبناء رفاعة" كتب بهاء طاهر عن الكثير من الأدباء ممن قرأ لهم وتعلّق بكتاباتهم ومنهم يحيى الطاهر عبد الله الذي وقف في كتاباته على ملمح أساسي هو اتصالها بحياته بما يشبه التطابق، وفي ذلك قال: "الكلمة والموقف في حياة يحيى حقي كانا شيئًا واحدًا ومتطابقًا".
يضرب طاهر الأمثلة على ذلك التطابق فيوضح أن محورًا رئيسيًا في عمل يحيى الطاهر حياة وفنًا كان إعلاء حرية الإنسان الداخلية التي يفضي قمعها إلى ضياع الذات المتمردة، وقتلها إلى قتل الإنسان في الإنسان، والتي تتحقق بدورها بأن يقمع الإنسان خوفه من العالم الخارجي وعوامل الخوف فيه، وهو ما يرتبط في عمله حياة وفنًا بالتوق إلى الحب والتضامن بين البشر، فكل قصصه تتضمن ذلك الحنين للتوحد ولعالم مؤتلف بعلاقات من الحب والمودة، ورغم خيبة الأمل أحيانا فإن يحيى كان يبشرنا بحياته وفنه أن ذلك التضامن بين البشر آت وكذلك الحياة الحقة".
ومن الجوانب الأخرى التي يقف عندها بهاء طاهر في أعمال يحيى الطاهر وحياته رفضه التام للتأقلم والدخول في القوالب الجاهزة، وذلك الإيمان بالحرية الداخلية ممثلة في ألا يكون الإنسان شيئًا آخر غير نفسه الحقيقية.
تأملات محمود أمين العالم
في مقال له بعنوان "تأملات في عالم يحيى الطاهر عبد الله" نُشر بمجلة إبداع عام 1991 قال المفكر البارز محمود أمين العالم أنه يقرأ يحيى الطاهر بصفته شاعرًا أكثر من كونه قاصًا، وأوضح ذلك بقوله: "أكاد أعده واحدًا من ثالوث شعري متقارب الملامح والسمات الفنية يتألف منه ومن عبد الرحمن الأبنودي وأمل دنقل، وهي ملامح وسمات ترجع إلى ظروفهم وظروف حياتهم الصعيدية المشتركة وإلى سنهم وخبرتهم المتقاربة، ولكنها فوق هذا كله ملامح وسمات فنية وفلسفية كذلك".
وعن ملامح شعرية يحيى الطاهر عبد الله قال العالم: إن يحيى الطاهر عبد الله شاعر على الأقل بالمعنى الشعبي سواء كان حاكيًا للسير الشعبية في الصورة التقليدية التي نعرفها أو مبدعهًا لها على أنه في الحقيقة شاعر في رؤيته المكثفة للخبرات الإنسانية وتعبيره عنها في مختلف نصوصه الأدبية وهو شاعر بلغته التي تجمع بين الإشارة والعلم، بين الوصف والترميز، بين التقرير والإيحاء، بين التحديد الجزئي والرؤية الشاملة، بين الواقع والأسطورة، بين الواقعي والشطح إلى ما فوق الواقعي.
لغة قص جديدة
اعتبر الكاتب محمد كشيك في مقال له بمجلة الأداب نُشر في عام 1989 بعنوان "يحيى الطاهر عبد الله نحو لغة قص جديدة" أن الأديب الراحل أكسب القصة القصيرة أرضًا جديدة بأعماله المميزة، وبانفتاحه على لغة الواقع والنفاذ إلى أدق دقائقه وخباياه بحيث تصبح قادرة على استيعاب جوهر التناقضات فيه مع اكتشاف خصائص فن القص وإيقاعاته الفاعلة وهو ما قاد إلى إخصاب جديد أتاح للقصة العربية إمكانيات جديدة دفعت بها إلى المقدمة.