صنع فى مصر.. كيف تخفض الحكومة من فاتورة الاستيراد؟
تحاول مصر جاهدة تخفيف فاتورة الاستيراد الخاصة بها والاعتماد بشكل أكبر على التصنيع المحلي بديلًا عنه، لاسيما أنها اقتربت من مراحل الاكتفاء الذاتي في العديد من القطاعات والمجالات.
ويخفف ذلك الأمر من الضغط على الموازنة العامة للدولة، التي ارتفعت بها فاتورة الاستيراد خلال السنوات الأخيرة، ما قد يحقق عجزا في الميزان التجاري بين الاستيراد والتصدير واللجوء أكثر إلى التصنيع المحلي.
مصر تقلل فاتورة الاستيراد
واتساقًا مع ذلك، أعلنت مصر من معاهدة الحبوب التابعة للأمم المتحدة، التي تلزم البلاد باستيراد احتياجاتها من الحبوب والمحاصيل من بلدان معينة وبمقابل رسوم سنوية، للتخفيف من أعباء الموازنة العامة.
ويسمح هذا الأمر لمصر بتنويع اختياراتها ومصادر استيراد الحبوب، والاستفادة من الاتفاقيات التجارية الثنائية مع دول رائدة فى مجال إنتاج وتصدير الحبوب مثل روسيا.
- ووفقًا لنص المادة 29 من اتفاقية تجارة الحبوب فإنه يجوز لأي عضو الانسحاب من هذه الاتفاقية في نهاية أي سنة مالية عن طريق تقديم إشعار كتابي بالانسحاب قبل تسعين يومًا على الأقل من نهاية السنة المالية.
- لكن لا يجوز إعفاء الدولة المنسحبة من أي التزامات بموجب هذه الاتفاقية ما لم يتم الوفاء بها بحلول نهاية تلك السنة المالية، كما يقوم العضو بإبلاغ المجلس في نفس الوقت بالإجراء الذي اتخذه، حسبما نصّت الاتفاقية.
وسبق وأعلن مجلس الوزراء أن الحكومة تخطط لأن توفر بين 10 إلى 15 مليار دولار من فاتورة الاستيراد السنوية، وتعقد الحكومة اجتماعات متوالية في هذه الفترة تخص ملف تحفيز الصادرات وتعميق الصناعة الوطنية.
الملاح: "المشروعات الصغيرة هي البداية"
وعلقت الدكتورة هدى الملاح، مدير المركز الدولي للاستشارات الاقتصادية ودراسات الجدوى، على ذلك الأمر بأن المشروعات الصغيرة هي طريق مصر لتوطين الصناعة المحلية وتقليل فاتورة الاستيراد من الخارج.
وتقول لـ"الدستور": "هناك قرى كثيفة بالسكان في مصر يحتاج الشباب بها المشروعات الصغيرة والتي تهدف إلى تنمية المناطق الأكثر فقرًا مثل الصعيد وهو ما يتماشى مع سياسة الدولة لتدشين بنية تحتية قوية مهيأة للاستثمار".
وتضيف: "المشروعات الصغيرة تعتبر أحد أهم عوامل التنمية المستدامة وتوطين الصناعة، فمصر لديها عمالة ماهرة ومواد أولية ونسبة التكاليف للمشروعات منخفضة في القرى والمحافظات عن المدن".
وتوضح: "أن توطين الصناعة يتطلب تحضير خريطة استثمارية، لأن الفترة الحالية لا بد من الاهتمام بالمشروعات الصغيرة، لأنها تخلق فرص عمل للشباب والمرأة وكل أطياف المجتمع، وهي الرأس المال الذي تستخدمه في الإنتاج بسيط".
- في العام 1995 قرر مؤتمر الحكومات الذي عقد في لندن بدء نفاذ إتفاقية تجارة الحبوب اعتبارًا من مطلع يوليو 1995، بين الحكومات والمنظمات الدولية التي أودعت صكوك التصديق أو القبول أو الموافقة أو الانضمام.
- تعد تلك الاتفاقية بمثابة المعاهدة الدولية الوحيدة التي تغطي تجارة الحبوب، ووقعت عليها مصر منذ انطلاقها عام 1995.
وتبين الملاح أن المشروعات الصغيرة لها دور بارز في عدة صناعات مثل تدوير المخلفات وتوفير فرص العمل اللازمة للشباب، لأنها لا تحتاج إلى موظفين ذوي خبرة ترتفع أجورهم فتعتبر مناسبة لتوطين الصناعة في الوقت الحالي وزيادة الإنتاج المحلي للاستعاضة به عن الاستيراد كل سنة.
واختتمت: "كل المشروعات الضخمة الحالية كانت نواتها مشروعات صغيرة ومصر لديها مقومات رسم خريطة استثمارية من خلال المشروعات الصغيرة التي تعزز المنتج المحلي مقابل المستورد، وبالتالي لا تتأثر بالتغيرات التي تطرأ كل فترة على العملة الصعبة لأن تصديرها يكون أعلى من استيرادها بناء على الإنتاج المحلي السنوي من المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر".