ناصر عراق يروى حكايات صلاح فضل مع نساء الجن فى صالون «العقاد»
فتح الكاتب ناصر عراق، خزائن أسراره وحكاياته مع الناقد الدكتور صلاح فضل؛ الذى غيبه الموت عن عالمنا اليوم السبت بعد رحلة أكاديمية حافلة.
وكتب ناصر عراق عبر حسابه بموقع "فيس بوك": "صافحت اسم صلاح فضل للمرة الأولى مطلع الثمانينيات على ما أذكر، حين عرض المسرح القومي مسرحية (القصة المزدوجة للدكتور بالمي) تأليف الكاتب الإسباني أنطونيو باييخو، لأنها ترجمة صلاح فضل. العرض كان ممتعًا جدًا، حيث لعب أدوار البطولة كل من عزت العلايلي ومحسنة توفيق وتوفيق الدقن، وقد أخرج هذا العرض المدهش الدكتور نبيل منيب الذي كان يعطينا دروسًا في فن المسرح نحن الشباب أعضاء نادي المسرح المصري الذي أسسته السيدة سميحة أيوب في ذلك الوقت".
وتابع: أعجبتني الترجمة كثيرًا فطاردت ما يكتبه صلاح فضل، ثم قرأت له بعد ذلك قبل أن ألقاه، ففتنني أسلوبه العربي الفصيح وعباراته الرصينة الممتعة، فضلًا عن صبواته النقدية الجسورة، وأفكاره الجريئة في التعامل مع النصوص السردية والشعرية، فلما التقيت به قبل ربع قرن تقريبًا انزرع شجر التواصل بيننا بيسر ومحبة، وظل هذا الشجر ينمو ويزهر محافظًا على حيويته وعنفوانه من عقد إلى آخر.
وأضاف: "من حسن الطالع أنني التقيت الراحل الكبير الدكتور صلاح فضل في مدن مصرية وعربية عديدة، فجمعتني به لقاءات كثيرة في القاهرة والإسكندرية ودبي وأبوظبي والفجيرة والكويت وصنعاء وغيرها، كما دارت بيني وبينه حوارات طويلة معمقة في الأدب والفكر والنقد والفن والدين والسياسة وثورة يناير ومصيرها ومستقبلها، وأشهد أنه يملك عقلًا منضبطًا مرتبًا ينهض على منظومة فكرية متماسكة قادرة على الغوص في الأعماق لتفكيك الظواهر الاجتماعية والسياسية رغم تناقضاتها وتشابكاتها المعقدة، وأشهد مرة أخرى أنه كان خفيف الظل بشكل مدهش يلتقط المفارقة ويصنع أختها بذكاء وسرعة، فتنهمر الضحكات من صدورنا مجلجلة يسمعها ويسعد بها من يجلس حولنا في المطعم أو في المقهى أو في بهو الفندق أو حتى في مكتبي بدبي الثقافية".
وروى "عراق" عن لقاء صلاح فضل أول مرة بعباس محمود العقاد فى صالونه؛ قائلًا: "حكى لي الدكتور صلاح وقائع لقائه الوحيد مع عباس محمود العقاد، عندما أتى إلى القاهرة ليلتحق بكلية دار العلوم، فذهب إلى الصالون الشهير للرجل، ولأنه ريفي خجول، كما قال لي نفسه، فقد اتخذ لنفسه مجلسًا في آخر الصالون، وبعد تردد شديد قرر أن يسأل الأستاذ العقاد عن أمر يحيره كثيرًا، وهو أن جدّه، جد صلاح، وهو العمدة المهاب في قريته، كان يقول لحفيده إنه متزوج من نساء الجن ويدلل على ذلك بالمواقف والوقائع والأحداث التي تثير خيال الصبي صلاح آنذاك، وتبث في صدره الشكوك والحيرة والقلق. المهم... استثمر صلاح فضل وجوده في صالون العقاد، وتجرأ وسأله: (يا أستاذنا... هل هناك جن بالفعل؟ وهل يمكن لرجل أن يتزوج من نساء الجن كما كان يقول لي جدي؟) فضحك العقاد وأجابه: (يا مولانا... وهل انتهينا من مشكلات الإنس، لنلتفت إلى مشكلات الجن؟)".