«اليهود في الإمبراطورية العثمانية».. كتاب يكشف طقوس زفاف يهود تونس
يكشف كتاب" اليهود في الإمبراطورية العثمانية.. صفحات من التاريخ" لإيرما لفوفنا فادييفا، والصادر عن المركز القومي للترجمة ومن ترجمة أنور محمد إبراهيم عبر صفحاته عادات وطقوس الزفاف عند اليهود والذي جاء بعنوان "زفاف يهودي في تونس".
ويصف جان هنري ديونا وهو أحد مؤسسي منظمة الصليب الأحمر الدولي، زفاف يهود تونسيين شاهدة في عام 1858، مثل هذا الوصف الدقيق يقترب في أسلوبه من أسلوب علماء الحشرات، فهو يتأمل طقوس الزفاف وكأنه يراها من خلال عدسة مكبرة.
قبل الاحتفال بعقد القران بخمسة عشر يومًا يرسل الخطيب إلى خطيبته حذاءً مطرزًا وعطرًا وصابونًا وحناء وغيرها من الهدايا، وبعد أسبوع من ذلك تذهب العروس مع صديقاتها وإحدى القريبات المسنات إلى الحمام، ترافق الموسيقى هذا الطقس الاحتفالي.
وبعد الانتهاء من الحمام يبدأ طقس آخر تقف العروس صامتة دون حراك حيث يلبسونها ويدهنون شعرها بكميات كبيرة من الدهون ليعطيه لمعانًا، ثم يغطون الوجه بخليط من العجين، وبعد أن يجف ينزع الخليط فيزيل الزغب من الخدود وحول الشفاه، يزينون الجفون ويلونون الرموش يطلون الأظافر بدهان من ألوان حمراء وبنية داكنة تدخل الحناء في تركيبته، يلبسون العروس ملابس ثمينة، تنشغل الأسرة بهذا الأمر فقط على مدى ثمانية أيام، يمر أسبوع آخر يصل بعد العريس صباح يوم السبت بصحبة أصدقائه إلى بيت العروس.
يشير الكتاب إلى بعض التفاصيل والتي يمكن وصفها بالغريبة والمثيرة في آن واحد، ففي أثناء زيارة العريس وأصدقائه "تقوم العروس بإعداد دجاجة وتخفيها في مكان خفي في منزلها وعلى العريس وأصدقائه أن يعثروا عليها، يقال من يجدها سوف يبتسم له الحظ ويتزوج خلال العام.
ويتابع جان هنري ديونان رصده للأسبوع الثاني لطقوس الزفاف “يوما الأحد والإثنين يجري تجهيز ملابس العروس من أقمشة ألوانها فاتحة، ويتم إعداد أكبر قاعة في المنزل لتقام بها الاحتفالات التالية: ”يتم إعداد وليمة الأقارب وأصدقاء العروس، الذين أرسلت إليهم الدعوات، والعروس لاتشارك بنفسها في إعداد الاحتفالات".
وفي مساء الثلاثاء تجلس العروس على كرسي وقد تزين رأسها بتسريحة كبيرة عليها أكليل، أما صديقاتها اللاتي يرتدين فاخر الثياب فيقلدنها الأساور الفضية والذهبية ثم يغطونها بملاءة، ومن جديد يعودون لطلاء أظافر يديها وقدميها بالحناء.
ويصل العريس بصحبة أقاربه وأصدقائه، ووفقًا للطقوس المتبعة تقوم امرأة عجوز من أقارب العروس بتعداد مناقب العروس ومواهبها ومدح جمالها وزرعتها ويستمر هذا الأمر زمنًا طويلًا قد يزيد على الساعة في بعض الأحيان.
ويتابع: "مع كلمات المديح الأخيرة هذه ينهضون العروس عن كرسيها ويكشفون عنها الملاءة، يعانق العريس عروسته ويدس في يدها عملة ذهبية، ثم يقوم أقارب العروسين أيضًا بوضع العملات الذهبية والفضية على جبهة العروس وعلى خديها وأنفها وذقنها، وهنا تقوم واحدة من صديقات العروس بجمع النقوط.
وفي صباح الأربعاء تجري أهم الطقوس، حيث يقص جزء من شعر العريس وتغطس رأسه في مياه باردة وفقًا للتقاليد، وبعد الانتهاء من هذا الطقس يمشط العريس شعره ويرتدي أفخر ثيابه ثم يتجه هو وعائلته كلها وأصدقاءه واثنان من الحاخامات إلى بيت حما الريس، ويجلس لعريس والعروس معًا على شيء اشبه بالعرش ثم يغطيانهما بملاءة كبيرة، يأخذ أحد الحاخامين يد أحد كبار السن من الأقارب ويضع فيها كوبًا من النبيذ، ثم يتلو تبعًا للتقاليد بعض من الكلمات المقدسة.
يتابع جان هنري ديونان: “يتذوق الحاخام النبيذ ثم يناول العريس الكوب فيتذوق بدوره منه ثم يناوله للعروس وبعدها يقذفون بالكأس في مرآة فيتحطم”.
ويختتم: "يضع العريس خاتمًا ذهبيًا في إصبع عروسه ثم يأخذ يدها اليمنى، قائلًا أنت زوجتي على شريعة موسى وإسرائيل".