صندوق النقد العربى: ارتفاع المديونية فى الدول العربية يمثل تحديًا لصناع السياسات
قال صندوق النقد العربي، إن ارتفاع مستويات المديونية في عدد من الدول العربية يمثل تحديًا أمام صناع السياسات، حيث تحد المستويات المرتفعة من المديونية من قدرة حكومات هذه الدول على توفير موارد داعمة للنشاط الاقتصادي ومعززة للتعافي من التداعيات الناتجة عن الجائحة، خاصة في ظل ارتفاع معدلات المديونية الذي شهدته الدول العربية في أعقاب الجائحة مع مااستلزمته تلك الظروف الاستثنائية من تدخل الحكومات بموارد مالية لدعم التعافي نتج عنها ارتفاع معدلات الدين العام.
وأضاف صندوق النقد العربي في تقرير له حصل «الدستور» على نسخة منه، أنه على مستوى الدول العربية كمجموعة، سجلت مستويات الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي للدول العربية المقترضة ارتفاعًا بنحو سبع نقاط مئوية لتصل إلى نحو 120% بنهاية عام 2020، وتسجل نحو 752 مليار دولار. بالتأكيد فإن تأخر أفق التعافي الاقتصادي سواء كنتيجة لامتداد أجل استمرار الجائحة، أو ظروف عدم اليقين التي تحيط بالاقتصاد العالمي يزيد من حجم تحدي ارتفاع مستويات المديونية العامة للدول العربية حيث سيستلزم استمرار تدخل الحكومات العربية بتدابير داعمة للتعافي من شأنها التأثير على الاستدامة المالية في الأجلين المتوسط والطويل.
تأثير التشديد المرتقب للأوضاع المالية
تتوقع كل الأسواق حاليًا تشديد أسرع وأكبر للسياسة النقدية مما كان متوقعًا مسبقًا قبل التطورات الدولية الأخيرة، وهو ما سيعقبه خروج متوقع لرؤوس الأموال من الدول النامية واقتصادات السوق الناشئة ذلك الاتجاه الذي شهدته وتأثرت به بعض الدول العربية بالفعل بداية من الربع الأخير من عام 2021. سوف يؤدي الرفع المرتقب لأسعار الفائدة في الدول المتقدمة إلى تحديات تواجه على وجه الخصوص الدول العربية التي لديها مستويات مرتفعة للعجوزات في المالية العامة وميزان المعاملات الجارية، وهو ما قد ينعكس في مجمله على مسارات تعافي النشاط الاقتصدي في هذه البلدان.
صعوبات تحقيق أهداف التنمية المستدامة
تواجه الحكومات العربية صعوبات لاسيما في أعقاب جائحة كوفيد-19 على صعيد توفير التمويل اللازم لتنفيذ المشروعات وتبني البرامج الكفيلة بتحقيق هذه الأهداف، لاسيما في ظل التقديرات التي تشير إلى أن الدول النامية تواجه فجوة تمويلية تقدر بنحو 2.5 تريليون دولار سنويًا لتحقيق أهداف التنمية المستدامة بحسب بيانات الأمم المتحدة، تلك الفجوة التمويلية التي شهدت زيادة بنحو 1.7 تريليون دولار سنويًا في أعقاب جائحة كوفيد-19، وهو ما يبرز عمق التحدي الذي يواجه الدول العربية على صعيد توفير آليات التمويل الكافية والملائمة لسد هذه الفجوة، وتمكين شعوبها من اللحاق بالركب العالمي لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
في هذا السياق، يبقى التحدي الأبرز أمام الدول العربية في تحقيق الهدف الثامن من أهداف التنمية المستدامة الذي يهدف إلى تعزيز النمو الاقتصادي المطرد والشامل للجميع والمستدام، والوصول إلى العمالة الكاملة والمنتجة، وتوفير العمل اللائق للجميع، وذلك في ظل ارتفاع معدلات البطالة في المنطقة العربية لتسجل نحو 11.5% وفق أحدث بيان بما يمثل تقريبًا ضعف المعدل العالمي بحسب بيانات البنك الدولي، ويتمثل التحدي الأكبر في هذا السياق في تركز معدلات البطالة في الدول العربية في فئة الشباب، حيث ترتفع بطالة الشباب في المنطقة العربية لتسجل 26.5 %مقابل 15.3% للمتوسط العالمي لبطالة الشباب.