بعد رفع الفيدرالي الأمريكي.. تقارير دولية ترصد تداعيات القرار على العالم
تحرك مجلس الاحتياطي الفيدرالي للحد من التضخم المتصاعد في الولايات المتحدة أمس الأربعاء، وأعلن عن أكبر ارتفاع في أسعار الفائدة منذ أكثر من 20 عامًا.
وبحسب صحيفة «الجارديان» البريطانية، فقد تم رفع سعر الفائدة القياسي لبنك الاحتياطي الفيدرالي بمقدار 0.5 نقطة مئوية إلى نطاق معدل الهدف بين 0.75٪ و1٪، وهذه الزيادة هي الأكبر منذ عام 2000 وتأتي بعد زيادة قدرها 0.25 نقطة مئوية في مارس، وهي أول زيادة منذ ديسمبر 2018.
توقعات بارتفاعات اخرى
ووفقا للصحيفة، فإنه من المتوقع ارتفاع أسعار الفائدة الامريكية أكثر، حيث تتوقع وحدة المعلومات الاقتصادية أن يرفع الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة سبع مرات في عام 2022، لتصل إلى 2.9٪ في أوائل عام 2023، وبدءًا من يونيو، يخطط المسؤولون أيضًا لتقليص محفظة أصولهم البالغة 9 تريليونات دولار، وهي خطوة سياسية من شأنها زيادة تكاليف الاقتراض.
وقال بنك الاحتياطي الفيدرالي في بيان له إنه على الرغم من «انخفاض النشاط الاقتصادي العام في الربع الأول، إلا أن الإنفاق الأسري والاستثمار الثابت في الأعمال التجارية ظل قوياً».
وحذر بنك الاحتياطي الفيدرالي من أن التضخم «لا يزال مرتفعًا»، وأن غزو أوكرانيا كان له تداعيات على الاقتصاد الأمريكي لا تزال «غير مؤكدة للغاية» وأن عمليات الإغلاق المرتبطة بفيروس كورونا في الصين "من المرجح أن تؤدي إلى تفاقم اضطرابات سلسلة التوريد.
وأكدت الصحيفة أنه تم تخفيض المعدلات إلى ما يقرب من الصفر في مارس 2020 عندما ضرب الوباء الولايات المتحدة لكنها كانت منخفضة بالفعل، وبعد سنوات من المعدلات المنخفضة تركت الولايات المتحدة ودول أخرى غير مستعدة للارتفاع المفاجئ في التضخم.
وحتى وقت قريب، كان بنك الاحتياطي الفيدرالي قد رفض رفع الأسعار باعتباره "مؤقتًا" وتوقع انخفاضها مع تعافي الاقتصادات من الوباء.
تأثير عالمي
ووفقا لشبكة «سي إن إن» الأمريكية، فقد بدأ تأثير سياسة بنك الاحتياطي الفيدرالي محسوسًا بالفعل في الاقتصاد الأوسع.
وتابعت أنه منذ بداية العام، ارتفعت معدلات الرهن العقاري بأسرع وتيرة لها منذ عقود، حيث ارتفعت بنحو نقطتين مئويتين نتيجة لذلك، بدأت بعض أسواق العقارات الساخنة في الهبوط، كما أدى تأثير السياسة النقدية المتشددة إلى عمليات بيع في أسواق الأسهم.
وقال جيروم باول محافظ المجلس الفيدرالي إن الاقتصاد لا يزال قويا وإنه واثق من أن بنك الاحتياطي الفيدرالي يمكن أن يتصرف دون إحداث ركود، لكنه حذر من أنه سيتصرف بحزم لمعالجة التضخم.
وأشارت الشبكة إلى أن الهدف من رفع أسعار الفائدة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي هو السيطرة على التضخم، مع الحفاظ على انتعاش سوق العمل كما هو.
ويحذر الاقتصاديون من أن التضخم العالمي قد يزداد سوءًا بسبب ارتفاع أسعار السلع الأساسية منذ الغزو الروسي لأوكرانيا.
وأكدت الشبكة الأمريكية أن كل شيء من الغذاء والطاقة إلى المعادن أصبح أكثر تكلفة، على الرغم من أن أسعار النفط تراجعت عن مستوياتها المرتفعة الأخيرة، حيث أثار إغلاق فيروس كورونا في الصين مخاوف بشأن الطلب العالمي.
وتابعت أن ارتفاع تكلفة المعيشة تسبب في حدوث صداع مالي لملايين الأمريكيين والسكان حول العالم.
وأضافت أنه على الرغم من ذلك، سيستغرق الأمر بعض الوقت حتى تبدأ رفع أسعار الفائدة من جانب بنك الاحتياطي الفيدرالي في تقليص التضخم، حتى ذلك الحين، سيظل التضخم خاضعًا للتطورات في الحرب في أوكرانيا، وفوضى سلسلة التوريد، وبالطبع فيروس كورونا.
وأوضحت الشبكة أن موقف بنك الاحتياطي الفيدرالي المتشدد تجاه رفع أسعار الفائدة يأتي وسط اضطراب في الاقتصاد العالمي وتقلب أسواق الطاقة والسلع بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا.
وقال البنك الدولي الشهر الماضي إن الصراع قلب أسواق السلع رأسا على عقب، وغيّر التجارة العالمية وأنماط الإنتاج والاستهلاك التي ستبقي أسعار الغذاء والطاقة عند "مستويات عالية تاريخيا" حتى عام 2024.
كما خفض صندوق النقد الدولي توقعاته للنمو للاقتصاد العالمي إلى 3.6 في المائة في عامي 2022 و2023، وخفضها بمقدار 0.8 و0.2 نقطة مئوية عن توقعاته لشهر يناير، على التوالي.
ويتوقع صندوق النقد الدولي أن يصل التضخم إلى 5.7 في المائة في الاقتصادات المتقدمة و8.7 في المائة في اقتصادات الأسواق الناشئة والبلدان النامية هذا العام، ومن المتوقع أن يبلغ معدل التضخم في عام 2023 نحو 2.5 في المائة في الاقتصادات المتقدمة و6.5 في المائة للأسواق الناشئة والدول النامية.
وأشارت الشبكة إلى أن هناك مجال محدود أمام صانعي السياسة النقدية في جميع أنحاء العالم، ولجئهم الوحيد هو زيادة معدلات الفائدة للحد من التضخم.
ارتفاعات مماثلة
وبحسب صحيفة "ذا ناشونال" الاماراتية، فقد رفعت البنوك المركزية في الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية والبحرين والكويت وقطر أسعار الفائدة المرجعية بعد تحرك مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي لرفع سعر الفائدة الرئيسي بمقدار نصف نقطة مئوية، وهو أكثر قراراته جرأة منذ 22 عامًا، حيث يحاول كبح جماح أسعار الفائدة التضخم المتصاعد في أكبر اقتصاد في العالم.
وتعد خطوة مجلس الاحتياطي الفيدرالي هي الثانية في أقل من ثلاثة أشهر حيث تسارع سوق العمل في الولايات المتحدة ووصل التضخم إلى 8.5 في المائة في شهر مارس، وهو أعلى مستوى منذ عام 1981.
واشارت الصحيفة، الى ان معظم البنوك المركزية في الكتلة الاقتصادية المكونة من ستة أعضاء في دول مجلس التعاون الخليجي تتبع تحركات مجلس الاحتياطي الفيدرالي بشأن أسعار الفائدة الرئيسية بسبب ربط عملتها بالدولار الأمريكي، باستثناء الكويت، التي يرتبط دينارها بسلة عملات.
وقال البنك المركزي السعودي في بيان على موقعه على الإنترنت في وقت متأخر من يوم الأربعاء، إن البنك المركزي السعودي رفع سعر اتفاقية إعادة الشراء بمقدار 0.5 نقطة مئوية إلى 1.75 في المائة وسعر إعادة الشراء العكسي 0.5 في المائة إلى 1.25 في المائة إلى 1.25 في المائة.
كما رفع البنك المركزي لدولة الإمارات العربية المتحدة سعر الفائدة الأساسي على تسهيلات الإيداع لليلة واحدة بمقدار نصف نقطة مئوية.
كما رفع بنك الكويت المركزي سعر الخصم بنسبة 25 نقطة أساس إلى 2 في المائة من 1.75 في المائة، اعتبارًا من يوم الخميس.
ورفع مصرف البحرين المركزي سعر الفائدة الرئيسي لسياسته على تسهيلات الودائع لمدة أسبوع واحد بمقدار 50 نقطة أساس إلى 1.75 في المائة من 1.25 في المائة، كما رفعت سعر الفائدة على الودائع الليلية إلى 1.5 في المائة من 1 في المائة، وسعر الفائدة على الودائع لأربعة أسابيع إلى 2.5 في المائة من 1.75 في المائة ومعدلات الإقراض إلى 3 في المائة من 2.5 في المائة.
سيناريوهات وتداعيات دولية
وبحسب وكالة «أسوشيتيد برس» الامريكية، فإنه من المتوقع أن تقوم الأسواق المالية بتسعير معدل الفائدة بما يصل إلى 3.6 في المائة بحلول منتصف عام 2023، وهو الأعلى منذ 15 عامًا.
وتابعت أن تقليص الميزانية العمومية للاحتياطي الفيدرالي سيضيف طبقة أخرى من عدم اليقين المحيط بمدى تأثير تصرفات الاحتياطي الفيدرالي على الاقتصاد الدولي.
واضافت أن الاتحاد الأوروبي يواجه ارتفاعًا في أسعار الطاقة واضطرابات في سلسلة التوريد بعد الغزو الروسي لأوكرانيا.
وأشارت إلى أن البنوك المركزية الأخرى في جميع أنحاء العالم تعمل أيضًا على رفع أسعار الفائدة، وهو اتجاه قد يزيد من تعريض النمو العالمي للخطر.
وأوضحت أن بنك إنجلترا رفع اليوم الخميس سعر الفائدة الرئيسي للمرة الرابعة على التوالي، كما رفع بنك الاحتياطي الأسترالي سعر الفائدة يوم الثلاثاء للمرة الأولى منذ 11 عامًا.
ويتوقع الاقتصاديون أن يرفع البنك المركزي الأوروبي، الذي يكافح مع نمو أبطأ مما هو عليه في الولايات المتحدة أو المملكة المتحدة، أسعار الفائدة في يوليو.