تعالج عقم الرجال.. كيف توفر مصر ملياري دولار سنويا بزراعة «نبتة الهنود المفضلة»؟
- «الأشواجندا» تُستخدم في تصنيع أدوية الاكتئاب والتوتر وتعالج «عقم الرجال»
- «النبتة السحرية» تقلل من الإصابة بالنوبات القلبية والموت المفاجئ وحل فعال لعلاج المصابين بـ «السكري»
قبل 2500 سنة من الآن، استخدم الهنود شجيرة برية بطيئة النمو في علاج العديد من الأمراض أبرزها القلب والسكري وحرصوا على الإكثار منها في المناطق شديدة الحرارة كونها تتحمل تلك الظروف الجوية القاسية ثم اكتشفوا لاحقا أن فوائدها ليست مقتصرة على علاج الأمراض بل تحتوي على مركبات كيميائية تحفز خلايا الجسم على إنتاج هرمونات تحسن الحالة المزاجية للأشخاص وأيضا زيادة القدرة الجنسية عند الرجال.
تحتوي «الأشواجندا» أو «الجنسينج الهندي» على 35 مركب كيميائي وتدخل في تصنيع الكثير من الأدوية خاصة تلك التي تعالج الضغوطات النفسية والاكتئاب وأيضا التهابات المفاصل والعظام وتساعد على إفراز «الأدبوتجين» وهو الهرمون المسؤول عن مساعدة الشخص في التأقلم مع الظروف المحيطة.
كل شيء تقريبًا في هذه النبتة يمكن استخدامه طبيا سواء الأوراق أو الثمار وحتى الجذور والبذوروأثبتت إحدى الدراسات أن جذور «الأشواجندا» فعالة جدا في علاج العقم عند الرجال ووجدت أن تناول الشخص كمية معينة من تلك الجذور بعد طحنها يساعد في زيادة حركة وقوة الحيوانات المنويةفهي تحفز الجسم على زيادة إفراز هرمون «التوستستيرون» وهو المسؤول عن إنتاج الحيوانات المنوية لدى الذكور.
فوائد عديدة للرياضيين ومرضى السكر والقلب والمصابين بسيولة في الدم
بالنسبة للرياضيين، فـ «الأشواجندا» ترفع من حرق السعرات الحرارية لأنها تحسن قدرة الجسم على استخدام الأوكسجين أثناء ممارسة الرياضة وتساهم في بناء كتلة عضلية ضخمة، كما أنها تساعد على التقليل من الاضطرابات وزيادة استرخاء العضلات في المساء والتقليل من الضغوطات الخارجية ما يساعد على النوم والشعور بالراحة التامة.
«الأشواجندا» تساعد على التحكم في نسبة السكر بالدم وبالتالى فإن الأشخاص الذين لديهم مشاكل مرتبطة بالقلب أو سيولة الدم وأيضا أولئك الذين يعانون من السكري وبالتحديد النوع الثاني أمامهم فرصة عظيمة لعيش حياة طبيعية.. أثبتت الأبحاث أن هذه النبتة «السحرية» تساعد البنكرياس على إفراز الأنسولين.
هذه الفوائد وأكثر موجودة في مستخلصات هذه النبتة، لذا فإن شركات الأدوية تعتمد عليها في إنتاج «الحبوب» الدوائية التي تواجه التوتر والقلق والاكتئاب وأيضا التي تعالج بعض المشاكل الجنسية والتي لها علاقة بعدم قدرة الجسم على إنتاج حيوانات منوية سليمة.
لماذا لا تنتج مصر «الأشواجندا» بكثرة رغم فوائدها وعائدها الاقتصادي الجيد؟
لكن.. لماذا لا تنتج مصر هذه النبتة بكثرة وتستوردها سنويا بمئات الملايين رغم توافر الظروف المناخية وجميع العوامل المساعدة في زراعتها والإكثار منها والحصول على منتجات جيدة؟.. لماذا تثق شركات الأدوية في المنتج الخارجي أكثر من المنتج المحلي؟
تنتمي«الأشواجندا» إلى العائلة الباذنجانية التي تضم الباذنجان والكرنب والقرنبيط وتتحمل لأملاح المياه والتربة كما أنها مقاومة للأمراض والأفات وتصلح للزراعة في جميع أنواع التربة سواء الرملية أو الطينية أو المختلطة لكن يفضل التربة الرملية التي لم تزرع من قبل للتأكد من خلوها تماما من متبقيات المبيدات أو الكيماويات.
أما التربة التي تمت زراعتها من قبل فيمن أيضا زراعة النبتة بها ولكن بعد استخدام مركبات “نوفا بلس وكي بلس” وهي مغذيات جيدة وطبيعية لأنها تخلص التربة من أي بقايا كيماويات وهذه المركبات من إنتاج الدكتور محمد فتحي سالم، أستاذ الهندسة الوراثية بمركز البحوث الزراعية.
هذا يعني أن النبات يمكن زراعته بالفعل في مصر وسيعطي إنتاجية عالية حتى في الأراضي التي ترتفع فيها درجة الملوحة والمشكلة الوحيدة التي قد تواجه المزارع في البداية هي الحصول على «الشتلات» بأسعار مناسبة والمعروف أن ثمن بذور هذا النبات مرتفعة جدا.
باحثون سافروا إلى الهند لإحضار «بذور النبات» وخاضوا التجربة للمرة الأولى
مجموعة من الباحثين والمزارعين خاضوا غمار التجربة وقرروا زراعة «الأشواجندا» في مصر لأول مرة وسافر بعضهم إلى الهند لإحضار بذور أصلية لهذه النبتة ثم بدأوا في تهيئة البيئة المحيطة وتحضير الأرض للزراعة ونجحت التجربة بالفعل.
واجه هؤلاء الباحثين أزمات عديدة في بداية الأمر، أبرزها تلك المتعلقة بموافقة شركات الأدوية التي وضعت بدورها اشتراطات صارمة لشراء المحصول من المزارعين منها أن يكون المنتج «أورجانيك» بمعنى أن يتم تسميد النبات بأسمدة عضوية والاعتماد كليا على السماد والمكافحة الحيوية والعضوية والابتعاد تماما عن استخدام أي أسمدة أو مبيدات كيماوية.
أما عن المساحة المزروعة بالفعل حاليا من «الأشواجندا» فهي موزعة كالتالي: 200 فدان يُشرف عليهم الخبير الزراعي الدكتور إسماعيل البهنساوي ومعه عدد من الباحثين بالإضافة إلى 180 فدان تزرعهم شركة زراعية خاصة ليصبح إجمالي المساحة المزروعة 380 فدانا.
ينتج الفدان الواحد من 800 إلى 1300 كيلو من مستخلصات «الأشواجندا»وبالتالى يكون متوسط إنتاجية الفدان «طن تقريبا» ما يعني أن المساحة المزروعة بأكملها تنتج 380 طنا فقط، وتحتاج شركات الأدوية ومحلات العطارة أضعاف هذا الرقم سنويا لتلبية الاحتياجات الداخلية.
مزارع: وفرنا على الدولة مليارات الجنيهات.. وشركات الأدوية تشترط المنتج «الأورجانيك»
من جهته، قال محمود أحمد فؤاد، أحد المزارعين، إن هناك موسمين لزراعة «الأشواجندا» الأول في شهر مارس والثاني في سبتمبر، لافتا إلى أن المحصول يتم زراعته كل 6 شهور تقريبا.
وأوضح «فؤاد» أن سبب إصراره على زراعة «الأشواجندا» هو دخولها في صناعات دوائية متعددة، مضيفا: «العائد الاقتصادي من زراعته قوي جدا مقارنة بزراعة الأرض بأي محصول آخر».
ولفت إلى أن الصعوبة الوحيدة التي تواجه المزارع هي التأكد من خلو الأرض من بقايا المبيدات والعناصر الكيميائية الأخرى التي استخدمها سابقا في محاصيل أخرى، متمنيا اتجاه الدولة لدعم مزارعي الأشواجندا وفتح الباب واسعا أمام زراعة المحصول لتوفير العملة الصعبة التي تستنزف في استيرادها من الخارج.
وأضاف: «نحن مجموعة من الباحثين والمزارعين قررنا زراعة المحصول وتحمل جميع التبعات والعواقب وهذه الخطوة ستوفر على الدولة مليارات الجنيهات سنويا».
العائد الاقتصادي.. توفير ملياري دولار سنويا لخزينة الدولة
بحسب مصدر في إحدى شركات تصنيع الأدوية المصرية، فإن مصر تستورد بملياري دولار سنويا مستخلصات «الأشواجندا» من الهند ودول أخرى وبجانب تلك الشركات فإنه يتم استيراد كميات كبيرة أيضا وتباع في محلات العطارة.
مع اتجاه الدولة حاليا للحد من الاستيراد الخارجي توفيرا للعملة الصعبة والسيطرة على «جنون الدولار»، فإن واحدة من أهم الأولويات هي الاعتماد على المنتج المحلي ووضعه في مقدمة الاهتمامات، وربما تأتي من هنا أهمية زراعة والإكثار من «الأشواجندا» .
تستورد شركات الأدوية والعطارين الكيلو الواحد بما يعادل 1000 جنيه مصري ما يعني أن مصر تفقد مليون جنيه في استيراد الطن الواحد سنويا، هذا المبلغ يمكن تقليله للنصف تقريبا إذا تم الاعتماد على المزارعين المحليين الذين أبدوا رغبتهم بالفعل في بيع المحصول لديهم بسعر 400 ألف جنيه فقط للطن الواحد.
العام الماضي، نجح الأستاذ الدكتور محمد رمضان، الباحث في مركز البحوث الزراعيةفي تسويق كميات منتجة محليا واشترتها إحدى شركات الأدوية مقابل 400 جنيه للكيلو الواحد وقبل الموافقة على استلام المحصول نزلت لجنة متخصصة وأخذت عينات من اﻷرض لتحليلها والتأكد من خلوها من متبقيات المبيداتوتلك اللجنة هي التي حددت موعد بدء جني المحصول.
يخشى مزارعو «الأشواجندا» من عدم القدرة على تسويق محصولهم بسبب إصرار شركات الأدوية على شراء المنتج المستورد لذا حرص بعضهم على التفاوض مع تلك الشركات والتي اشترطت - قبل توقيع العقود معهم –بأن تكون الزراعة من الألف للياء تحت إشراف لجنة تشكلها هذه الشركات ويتم سحب عينات من المنتج باستمرار وتحليله في المعامل الخاصة.