"طلال العيساوي" قائد كتيبة التجنيد الداعشية يكشف أسرارًا لم تُروَ من قبل
يراوغ تنظيم "داعش" الإرهابي، منذ فترة، للعودة للعراق وسوريا لزعزعة أمن واستقرار المنطقة بعد الضربات الأمنية التي لحقت به مؤخرا، من قوات التحالف الدولي، والجيشين العراقي والسوري.
ويروى "طلال العيساوي"، البالغ من العمر 32 عاما، قصته مع التنظيم والتكليفات الجديدة التي تلقاها منذ اختيار منصات فكرية جديدة ومضافات واستراحات للتدريب، ولكي يستعيد التنظيم ثقته من جديد.
قصة قائد كتيبة التجنيد الجديدة تناولتها صحافة العراق، اليوم، بعد عرضه على مجلس القضاء الأعلى؛ للبت في جملة من الاتهامات الموجهة لهذا الإرهابي.
"أبونجم" العيساوي، هكذا يكنيه تنظيم "داعش" الإرهابي، والذي يكشف في اعترافاته الخطيرة تفاصيل جديدة تروى لأول مرة عن استراتيجية داعش، وطريقة تحركه الجديدة في الساحات العراقية والسورية، خلال عام 2018، وهو العام الأسوأ في تاريخ تواجد التنظيم القصير على الساحة العربية.
من فلاح إلى مسئول التجنيد
يقول الإرهابي: "كنت أعمل فلاحًا قبل أن ألتحق بصفوف التنظيم عن طريق شخصين كانا ينتميان لجيش المجاهدين قبل أن يبايعا تنظيم داعش، تعرفت إليهما في السجن عندما اعتقلت بتهمة الانتماء للتنظيمات الارهابية قبل ظهور داعش"، مؤكدًا أن "الشخصين قد أخذا تعهدًا مني بالانتماء لهم، ومقاتلة القوات العراقية بعد خروجي من السجن".
ويضيف القيادي الداعشي، ومسئول التجنيد في التنظيم: "بعد خروجي من السجن كانت التظاهرات المناهضة للحكومة، ما يعرف بساحات الاعتصام، قائمة وقد بدأت في الفلوجة والانبار، وكان أغلب قيادات التنظيم مشاركين بتلك الاعتصامات، وكان لهم دور كبير في حث الشباب على المشاركة فيها بغرض إسقاط الحكومة، وقد شاركتُ فيها وبشكل فاعل".
يتابع: "أثناء ذلك أعلن الخليفة أبوبكر البغدادي تشكيل تنظيم داعش (الدولة الاسلامية في العراق والشام) الذي كان قد سيطر على عدد كبير من المناطق في سوريا وليبيا والصومال وأفغانستان، ونتيجة لذلك، واختلال الوضع الامني بسبب الاعتصامات، تمت السيطرة على الفلوجة وقضاء الكرمة من قبل التنظيم، والسيطرة على أغلب المقرات الحكومية، والاستيلاء على الاسلحة والاعتدة الموجودة في الثكنات العسكرية التابعة للجيش العراقي"، حسبما يروي أبونجم.
تكوين كتيبة التوحيد الداعشية
يوضح أبونجم: "زارني فى داري الشخصان اللذان التقيت بهما في السجن، وكانا قد بايعا تنظيم داعش، وكان احدهما يشغل منصبا إداريا لكتيبة التوحيد في ولاية الفلوجة والآخر أميرًا لقاطع الكرمة، وأخذا يحدثاني بضرورة الانتماء للتنظيم، وبالفعل انتميت، وقد رددت البيعة أمام شرعي ولاية الكرمة الذي يدعى أبومحمد القاضي".
ويتحدث الإرهابي في اعترافاته، التي نشرتها سلطات الأمن العراقية، عنما يسمي "ولاية الفلوجة"، وكيفية إدارتها، حيث يشير إلى أن "ولاية الفلوجة تتكون من قواطع عدة، وهي: قاطع الكرمة وقاطع الرشاد وقاطع اللهيب وقاطع الصبيحات وقاطع العبادي وقاطع السجر وقاطع الداخل، وكانت تدار من قبل والي الولاية المكنى أبوعمر الخليفاوي، وعسكري الولاية المكنى أبوطيبة، وأمني الولاية أبوحسن، والشرعي العام للولاية أبوخطاب، وإداري الولاية أبويقين".
ويستطرد: "تم تكليفي من قبل والي الفلوجة للعمل ضمن المفارز العسكرية لكتيبة التوحيد التي وزعت بشكل نقاط عسكرية تمتد على طول ساتر المواجهة مع القوات العسكرية العراقية، وكانت مهمتها صد الهجوم لهذه القوات ومنع تقدمها".
ويشير العيساوي إلى أن "التنظيم سيطر على كل الدوائر والمؤسسات، بل صادر عقارات تابعة لمنتسبين في الأجهزة الأمنية، وأعلنوا بيانات مفادها الطلب من المنتسبين الذين كانوا في الأجهزة الأمنية من أبناء مناطق الفلوجة والقرى المحيطة بها التوجه للمساجد وتقديم التوبة وتسليم أسلحتهم، وبدأت المساجد بحث الناس للانخراط في صفوف التنظيم".
وزاد أن "التنظيم أخذ بالتوسع والسيطرة على المناطق المجاورة للفلوجة، وصولًا إلى مناطق محاذية للعاصمة، وكانت القوات العراقية تحاول التقدم، إلا أننا نقوم بمواجهتها ومنع هذا التقدم".
أمير الكتيبة الداعشية
يعد الدور الفعال الذي قدمه المتهم طلال العيساوي في التصدي للتقدم من قبل القوات العسكرية العراقية، وبروزه خلال فترة قصيرة، تعيينه بمنصب أمير كتيبة التوحيد في ولاية الفلوجة، بعد أن أبلغه العسكري العام لقاطع الكرمة بتكليفه بالمنصب من قبل والي الولاية.
ويوضح الإرهابي أن "كتيبة التوحيد تضم نقاطا عدة موزعة على طول خط الصد مع القوات العسكرية، مهامها التصدي لأي تقدم ومنعه، وكانت الكتيبة تضم من 70 ـ 80 مقاتلًا يعملون تحت إمرتي، وكانت لدىّ مفارز تعيق تقدم القوات، وهي عبارة عن عجلات تحمل أسلحة أحادية ومفارز إسناد مدفعي ومفارز للهاون".
ويذكر أبونجم أنه "بعد اشتداد المعارك، استدعى التنظيم مقاتليه من ولاية الجنوب وولاية شمال بغداد، إلا أن القوات العسكرية أخذت بالتقدم، وقد تمت محاصرتنا داخل الفلوجة، وتعرضنا للقصف من قبل الطائرات، وأدى ذلك لخسائر كبيرة وصدرت أوامر بالانسحاب إلى القائم".
الإصابة وقصة الهروب
ويستكمل: "تم تجهيز رتل مكون من 2000 إلى 2500 عجلة محملة بالأسلحة والمعدات والطعام للتوجه لمنطقة القائم".
ويكشف الإرهابي عن أن "الرتل كان بقيادة والي ولاية الفلوجة، وكنت أنا داخل إحدى العجلات في وسط الرتل، وبالفعل تحركنا الساعة الثامنة مساءً باتجاه القائم، إلا أننا توقفنا في منطقة الرزازة لصعوبة اجتياز الطريق كونه طريقا مائيا زلقا لحين تجهيز طريق بديل".
ويستدرك: "لكننا فوجئنا بتعرضنا للقصف من قبل الطائرات العراقية، التابعة لطيران الجيش، حيث تم قصف منتصف الرتل ومن ثم المقدمة، وأخذ القصف بالاستمرار لغاية صباح اليوم الثاني، قتل على إثره ما يقارب الـ800 مقاتل، وانا تعرضت للاصابة في منطقة الرأس واليد اليسرى، واستطعنا الهرب، انا ومن نجا من هذا الرتل باتجاه القائم، ومكثت هناك حتى تعافيت ومن ثم انتقلت إلى البوكمال السورية"، حسب اعتراف الإرهابي.
نهاية طريق الظلام
يقول الإرهابي، خلال إفادته التي دونت من قبل قاضي التحقيق العراقي: "بعد انتهاء عمليات التحرير وسيطرة القوات العسكرية العراقية على كل المناطق والمدن التي كان يسيطر عليها التنظيم، عيّن والى جديد للفلوجة خلال تواجدنا في سوريا".
ويكشف أبونجم: "تلقينا أوامر من قبل الوالي الجديد، مطلع العام 2018، وبعد سيطرة القوات العراقية على جميع المدن، وتقضي هذه الأوامر بالعودة الى العراق وتحديدًا إلى الكرمة؛ لتكوين مضافات خارج المدن، وتشكيل مفارز عسكرية لتنفيذ عمليات ضد أهداف تم اختيارها، وهي مواقع عسكرية ومنتسبون للأجهزة الأمنية".
ويؤكد: "استطعنا العودة وتشكيل مفرزة عسكرية، وقد اتصلت بشقيقي الذي كان منتميًا للتنظيم لكنه لم يغادر العراق لأن أحدا لا يعلم بمسألة انتمائه، وطلبت منه جلب أسلحة ومعدات لنا، والتي كنا قد خبأناها قبل مغادرتنا العراق، وهي عبارة أجهزة كاتمة ومتفجرات وأسلحة متوسطة وناظور وكاميرات للتصوير".
ويبين الإرهابي أن "القوات الامنية استطاعت اكتشاف أمرنا، وقد حاولنا تهريبها إلى شمال العراق ومن ثم إلى تركيا لكن المحاولة باءت بالفشل لعدم المقدرة على الدخول الى تركيا، ومن ثم عدت الى الانبار وقد تم القبض علىّ".
اعترافات أبونجم، "طلال العيساوي" العراقي الجنسية، أكدت أن التنظيم يسعى بشكل كبير لإيجاد ملاذات آمنة جديدة لعناصر التنظيم، من خلال اختيار أهداف حية لضربها والتعامل معها، مؤكدا تلقيهم أوامر بعد عمليات تحرير المناطق من السيطرة الداعشية في العراق لتنفيذ ذلك، مما يؤكد أن عام 2018 هو العام الأسوأ في حياة هذا التنظيم الإرهابي، الذي بدأ ينحسر عسكريا، فهل سوف ينحسر إعلاميا وبالتالي يتلاشي تنظيميًا وحركيًا؟، هذا ما سوف تسفر عنه الأيام القادمة.