دراسة تكشف رؤية الجماعات الإسلامية لمفهوم الوطن
تناولت دراسة صادرة عن مركز دراسات الشرق الأوسط بباريس، تحت عنوان "إشكالية مفهوم الدولة عند التنظيمات المتطرفة.. الإخوان داعش والقاعدة " المقارنة بين مفهوم الدولة عند التنظيمات المتطرفة، وتوصلت إلى أن مفهوم الدولة عند التنظيمات المتطرفة واحد، حيث إن حلم كل منها الوصول إلى دولة الخلافة، فكل من هذه التنظيمات لا يؤمن بحدود الدولة، أو شعبها، فدائما تستخدم هذه التنظيمات مفهوم الأمة تعبيرا عن أنها الأمة الإسلامية التى تحمل نفس أفكارها.
وهذا عكس ما تعرف به الدولة فى العلوم السياسية التى تعرف بأركانها من حيث "الشعب والحدود والسلطة والإقليم والاعتراف الدولى".
وحاولت جماعة الإخوان المسلمين أن تصيغ مفهوم دولتها بشكل ملتو، فالدولة فى فكر حسن هى الدولة الإسلامية، فالإسلام لديهم دين ودولة، وبالتالى هدف البنا هو الوصول إلى دولة الخلافة حيث يرى أنها" شعيرة إسلامية يجب على كل المسلمين التفكير فى إعادتها، وقبل عودة الخلافة لا بد أن تسبقها عدة أشياء وهى بناء الفرد ثم الأسرة المسلمة، فيتكون المجتمع السليم، وتأتى الدولة السليمة، ثم الخلافة الإسلامية فتصبح الجماعة أساتذة العالم".
وعلى الرغم من ذلك، تلاعبت جماعة الإخوان بمفهوم الدولة لديها، وأصبحت تستخدم مصطلحات مطاطة عن هذا المفهوم، يتناسب مع ما يردده الشارع بعد ثورات الربيع العربى، فأصبحت الجماعة تروج لمفهوم" الدولة المدنية ذات المرجعية الإسلامية"، وبتطبيق دولة الإخوان فى مصر، ظهر تضارب فى المفهوم وتناقض بين ما يتم تطبيقه وما نادت به الجماعة.
أما عن الدولة فى فكر كل من القاعدة وداعش، فنجد أن كلا التنظيمين يستخدمان نفس المفهوم للدولة " دولة الخلافة"، مع اختلاف آليات كل منهما لتحقيق الدولة الفاضلة لديه، فكل منهما لديه أولوياته الخاصة فى القتال، فالقاعدة تستهدف العدو البعيد أولًا، وداعش تستهدف العدو القريب أولًا.
وللدولة العديد من السمات عند كل تنظيم، فعند جماعة الإخوان (وفقا لأفكارالجماعة) ترتكز الدولة على 3 ركائز أساسية وهى العدل واعتبرته الجماعة الأساس الذى تبنى عليه الأمم والحضارات، وتعتبر جماعة الإخوان أن العدل أساس الشريعة، الركيزة الثانية الحرية حيث ترى الجماعة " أن الإنسان قد خلق حر الإرادة، فالحرية فطرة بالإنسان وترى الجماعة أن الاعتداء على حرية الإنسان أو الانتقاص منها تحد لإرادة الخالق، الركيزة الثالثة: الجهاد واعتبرت الجماعة أن الجهاد من الأصول التى تقوم عليها الدولة، فلن تقوم الدولة بغير كفاح ولن تصان حرية بغير سلاح.
ومما سبق يوضح أن جماعة الإخوان تحاول الترويج لأفكارها بالباطل وظهر ذلك بشكل جلى فى حكم الإخوان فى مصر 2013، فهى لم تطبق العدل أو الحرية أو المساواة فكل هذه المفاهيم لا تطبق إلا على الجماعة فقط، فلا يمكن المساواة بين الجماعة وبين باقى الشعب.
أما عن سمات الدولة لدى فكر القاعدة، فهذا التنظيم يتبع منهجا محددا وهو المنهج الإسلامى القائم على القرآن والسنة (كما يردد التنظيم وكما أشارت الدراسة).
وفى التطبيق العملى، فهذا التنظيم القائم على القتل والإرهاب والتعدى على حقوق الآخرين وانتهاك أمنهم هو أبعد ما يكون عن تطبيق القرآن والسنة.
وذكرت الدراسة أن الدولة لدى تنظيم داعش قائمة على الفكر السلفى الجهادى (التكفيرى) فهى لا تختلف كثيرا عن فكر تنظيم القاعدة.
ومن أهم ما أكدت عليه الدراسة هو اختلاف جماعة الإخوان عن تنظيمى القاعدة وداعش، فى أن جماعة الاخوان استخدمت السياسة أداة لقيام دولتها وإنشاء الأحزاب السياسية، فالإخوان المسلمون انخرطوا فى الحياة السياسية ولكن محاولتهم انتهت بالفشل، فلجأوا لاستخدام العنف كوسيلة بديلة للقيام دولتهم، عكس تنظيمى القاعدة وداعش اللذين لم يدخلا الحياة السياسية ولم يمارساها قط.
نلاحظ فى هذه الدراسة أنها ركزت على سرد التفاصيل عن دولة الإخوان أكثر من سردها للدولة عند القاعدة وداعش، بالإضافة إلى أن هذه الدراسة لم توضح المرجعية الفكرية لكل من تنظيم القاعدة وداعش فى استمداد مفهوم الدولة لديهما.