في ذكراه.. من هو القديس نويل شابانيل الكاهن والشهيد؟
تٌحي الكنيسة الكاثوليكية اليوم، تذكار القديس نويل شابانيل الكاهن والشهيد، إذ روي الأب وليم عبد المسيح سعيد – الفرنسيسكاني، سيرته قائلاً: “ولد نويل شابانيل في 2 فبراير 1613م، في بلدة سوغ الفرنسية. ودخل الرهبنة اليسوعية وهو في السابعة عشرة من عمره”.
وتابع: “ولمع نجمه في الدروس اللغوية، خصوصاً في علم البلاغة، فتخصص فيه وعلمه مدة سنين كثيرة في مدينة تولوز. وبعد انتهاءه من الدراسات الفلسفية واللاهوتية سيم كاهناً فى عام 1643م. وإذ كانت الرهبنة تبحث عن مرسلين للرسالة في كندا، رشح نفسه، وسافر إلى كيبيك، ووصلها يوم 15 أغسطس 1643م وفى ذلك الحين، كان الإيروكوا يتربصون للفرنسيين على الطرق الحربية، وقد نصبوا كميناً لأسطول زوارق صغير، وأسروا الأب إسحق جوغ، فمكث الأب نويل في المدينة مع بطل رسالة الهورون، الأب يوحنا ده بريبوف، ودرس على يده اللغة الهورونية، وبعد مضي سنة كاملة، ركب مع استاذه في زوارق الهنود، وذهب إلى مركز الإرسالية في الأدغال الكندية”.
وأضاف: “لاقى الأب نويل صعوبة كبيرة في تعلم اللغة الهورونية ونطق ألفاظها، رغم مواهبه اللغوية وقدرة أستاذ في التعليم. كما أنه لم يستطيع أن يتأقلم مع قذارة الهنود، وأنواع الطعام التي يأكلونها، وبذاءة أخلاقهم، وشراسة طباعهم فصار ينطوي على نفسه، ويتحاشى مخالطة الناس وبعد فترة من الزمن فكر في مشاعر التقزز التي تجتاح نفسه وقارنها برغبته الشديدة في الاستشهاد حين كان في بلاده، وكيف أن كثيرين من رفاقه يشتهون أن يأتوا إلى هنا، ويعيشون مع هذا الشعب، ولا تتاح لهم فرصة القيام بذلك، وأدرك أن أبليس يجربه في جسده، فعليه أن يقاوم وألا يستسلم بسهولة. وصار، حين يشعر بالاشتياق إلى فرنسا”.
وتابع: “وحين علم الرئيس بحاله، عرض عليه أن يعود إلى فرنسا، وبين له أن الأمر في غاية البساطة، إذ يمكن الإنسان أن يخطئ في اختياره، ومن الحكمة أن يتراجع قبل فوات الأوان. فكان لكلمات رئيس الإرسالية وقع طيب في نفسه، وشعر بحرية كبيرة في أخذ قرار البقاء أو العودة، وعلى الرغم من جميع آلامه في الحياة التي يعيشها، قرر أن يبقى بعيداً عن وطنه، وأن يتحمل الصعوبات لأجل اسم المسيح، ولكي يؤكد اختياره ويقهر الشرير، نذر النذور الدائمة في يوم 20 مايو 1647م، وأن يلتزم بالثبات في رسالته بين الهورون، عندئذ انقشعت الظلمة عن عينيه، وتوطنت الطمأنينة في نفسه، فانطلق إلى العمل بجدية ونشاط، وصار يرافق الأب بريبوف، ثم استقل في عمله، وجعل يبشر هنود الألغونكان في قرية القديسة مريم العذراء”.
وتابع: “وفى سنة 1649م ذهب الأب نويل شابانيل إلى قرية إتاريتا ليساعد الأب شارل غارنييه في التبشير وشعر قبيل سفره بأن هذه الرحلة ليست كسواها، وأنه ربما يلقى حتفه فيها، وفى القرية، سرت أنباء تقول إن الإيروكوا المتوحشين أقسموا على أن يهاجموا المنطقة ويحولوا قراها إلى رماد، فانتاب السكان ذعر شديد، وخاف الأب غارنييه على رفيقه من الموت، فأمره بأن يذهب إلى قرية القديسة مريم فانطلق وبات ليلتين في قرية القديس متى، التي تبعد مسافة 12 ميلاً عن إتاريتا”.
واستكمل: “وفى اليوم الثالث، تابع رحلته مع مجموعة من الشبان، وسار معهم 18 ميلاً فوق الثلوج في الغابات الكثيفة حتى حل الليل، وبينما الجميع نيام وهو مستيقظ، سمع ضجيجاً ما لبث أن اقترب منه، فميز فيه صرخات وانتصار تطلقها جماعة من الإيروكوا، وبكاء أسرى وعويل”.
وتابع: “وكانت هذه الجماعة هاجمت إتاريتا، وقتلت الأب غارنييه، وأحرقت البلدة، فأيقظ الأب نويل رفاق سفره ليهربوا إذا داهمهم الخطر، لكن الإيروكوا سلكوا طريقاً آخر ودب الذعر في نفوس الشبان، وقرروا أن يعودوا إلى بلدتهم. وكان الأب نويل مرهق القوى فنام. وعند الصباح، سار وحده إلى قرية القديسة مريم. ومر بنهر عميق، فانتظر عند ضفته لعله يصادف هندياً يركب زورقاً فيساعده على العبور، وبعد فترة طويلة، وصل هندي من الهورون، مسيحي لكنه جحد إيمانه، فأخذ الأب نويل في زورقه، وفى وسط النهر، قتله وسرق متاعه، ورمى جثته في الماء. مضت سنتين، ولا أحد يعرف اين اختفى الأب نويل، وهل هو أسير الإيروكوا أم لا”.
واختتم: “وأخيراً سمع الرهبان اليسوعيون أن هورونياً أخبر الناس بأنه قتل واحداً من أصحاب الثوب الأسود ورمى جثته في النهر، فطهر العالم من رجل فرنسي نجس، فتحققوا من زمان القتل ومكانه، واستنتجوا أن الضحية هو رفيقهم المفقود، وأعلن البابا بيوس الحادي عشر الأب نويل شابانيل طوباوياً يوم 21 يونية 1925م، وزاد البابا نفسه في إكرامه فأعلنه قديساً يوم 29 يونية 1930م”.