الأب وليم الفرنسيسكاني يروي سيرة القديس «شارل دي فوكو»
تحي الكنيسة الكاثوليكية اليوم ذكري رحيل القديس شارل دي فوكو، إذ روي الأب وليم عبد المسيح سعيد - الفرنسيسكاني، سيرته قائلاً: ولد شارل دو فوكو سنة 1858 في ستراسبورغ بفرنسا، من عائلة مسيحية. كانت أمه مسيحيّة تقيّة، زرعت في قلبه وفي قلب أخته ماري حبّ الله منذ الطفولة.
توفي أبواه وهو بعمر 6 سنوات، ما سبّب له ألم كبير.. فاهتمّ به جدّه، الذي غمره بحبّه وعطفه وحنانه، مات جدّه وهو لا يزال في عمر الشباب، فترك بين يديه ثروة كبيرة.
وتابع: ذهب إلى الجزائر للخدمة العسكريّة، وهناك عمل في اكتشافات علميّة أكسبته شهرة كبيرة في مجال العلم عاش شبابه بطيش كبير، فكانت مغريات الحياة وملذاتها تستهويه في ذلك الوقت، وهكذا أخذ يبتعد عن الله شيئاً فشيئاً، ولكنه كان، في الوقت عينه، يشعر في أعماقه بفراغ مؤلم وحزن عميق.
وأضاف: “التقى المسلمين في صحراء الجزائر، فتأثر بطريقة صلاتهم وسجودهم، أحدث إيمانهم بالله هزّة له، خلقت عنده التساؤل حول إيمانه هو وبعد ما رجع إلى فرنسا، استقبله أصدقاؤه وأقرباؤه بفرح كبير كعودة الابن الضال، ما ساعده للارتداد إلى إيمانه الأول”.
وتابع: “قصد كاهن الرعية لكي يتعرّف أكثر على المسيحيّة، فطلب الكاهن منه أن يركع ويعترف، لأنّ حاجته الحقيقيّة ليست إلى العلم ولا إلى الفلسفة، بل إلى اللقاء الحيّ بالله كان هذا اللقاء بمثابة اهتداء لشارل، فغيّر له حياته كلّها إذاً، منذ أن آمن بوجود الله فهم أنه لا يستطيع أن يعيش لغيره إن دعوته الرهبانيّة يعود تاريخها لساعة اهتدائه”.
وواصل: “صار يبحث مع مرشده كيف يعطي حياته كلها لله، فالتحق بالرهبنة الترابيست في دير فقير للغاية في منطقة ”أقبس“ شمال سوريّة هناك التقى بمسيحيّين من هذه البلاد، تحمّلوا الكثير من العذابات والاضطهادات بسبب إيمانهم”.
وتابع: من خلال علاقاته بالعائلات المسيحيّة المجاورة للدير لمس أوضاعهم الفقيرة والصعبة، فأراد أن تكون حياته الرهبانيّة أقرب إليهم كما كانت حياة يسوع مع ذويه في الناصرة.
مضيفًا: ذهب إلى الناصرة، حيث جَذَبته حياة يسوع البسيطة والمتواضعة، التي يتجلى فيها سرّ الله وسرّ حبّه لكل إنسان، فأحبّ أن تكون هذه الطريقة نهجاً لحياته. وبمساعدة مرشده قرّر أن يرجع ليعيش في صحراء الجزائر بين القبائل المهمّشه والفقيرة، فكان كواحد منهم.
وتابع: عاش في صمت الصحراء حياة صلاة وتأمّل، كان يقضّي ساعات طويلة أمام القربان المقدّس كان حضوره دائماً حضور الأخ والصديق لكل شخص يقرع بابه، وهكذا شقّ الأخ شارل طريقاً جديدة في الحياة الرهبانية حياة تجمع بين الصلاة والوحدة مع الله وتجمع أيضاً مشاركة الناس حياتهم، خصوصاً مشاركة الفقراء والمتروكين عاش حياة صلاة وشغل، حياة ليست بعيدة عن العالم، كحياة يسوع في الناصرة
وواصل: بشّر الأخ شارل بالأخوّة الشاملة.. فرنسيّ عاش مع العرب، مسيحيّ عاش مع المسلمين، غنيّ عاش مع الفقراء. وهكذا كسر كل الحواجز ولقد أعلنه البابا بندكتوس السادس عشر في 13 نوفمبر 2005 طوباويّاً في الكنيسة، وسوف يعلن قديساً في 15 مايو 2022م على يد البابا فرنسيس.