مخاطر صحية واجتماعية.. الوجه الآخر لـ «ميتافيرس»
استيقظ العالم منذ أيام معدودة على قرار "مارك زوكربيرج" مالك شركة "فيسبوك" العالمية تغيير اسمها إلى "ميتا"، وقوبل هذا القرار من قبل بعض المصريين بعدد من مظاهر السخرية من الاسم وربطه ببعض المعاني والأغاني الشعبية، ولكن على الجانب الآخر انشغل المهتمون بعالم تكنولوجيا المعلومات والإنترنت في تفسير الهدف وراء تغيير مارك الفيسبوك لهذا الاسم، والمعنى من وراء هذا التحول، بل وخطورته أيضًا.
مصطلح "ميتافيرس"، عرفه الخبراء بأنه سلسلة من العوالم الافتراضية التي تضم تفاعلات لا حصر لها بين المستخدمين من خلال الأفاتار الخاص بكل مستخدم، هذه التفاعلات التي لن تقتصر على ممارسة الألعاب والترفيه فقط، بل إنها ستتيح كذلك العديد من التفاعلات الخاصة بالأعمال، ويهدف هذا الميتافيرس إلى أخذ تقنيات الواقع الافتراضي إلى مستويات غير مسبوقة.
ويستخدم للعيش بهذه التجربة ما يعرف بنظارة الواقع الافتراضي وهي جهاز يحتوي على شاشة توضع على العينين، وتثبت بحزام يحيط بالرأس، وتقوم هذه النظارة بإدخال بيانات الواقع الافتراضي للشخص المرتدي لها ليعيش تجربة قريبة جدًا من الواقع؛ حيث تعد هذه النظارات جزءًا صغيرا من أنظمة الواقع الافتراضي التي تعمل بشكل متكامل لتؤثر على معظم من حواس الإنسان من أجل خلق تجربة افتراضية قريبة قدر الإمكان من الواقع وعمل محاكاة له.
"العالم هيعيش بعضه من خلال نضارة" بهذه الجملة وصف الخبير التكنولوجي محمد سالم "للدستور" ما يمكن أن يعنيه التحول إلى استخدام الميتافيرس، مشيرًا إلى أن كلمة ميتا تعني الأضخم ومقصود بها أن تضم تحت طائلتها كافة التطبيقات الأخرى كالفيسبوك والواتس أب.
أما عن التحول إلى الميتا فيعني أن يعيش الفرد عالمًا افتراضيًا يستطيع التحرك فيه وهو بمكانه "فهو في الحقيقة لا يتحرك".
وأردف أن هذا التطبيق يعني أنه على سبيل المثال يمكن للموظف أن يحضر اجتماعات عمله من منزله بل ويتجول بشركته من خلال الأفتار الخاص به، دون الحاجة إلى الذهاب إلى العمل ويستطيع من خلاله أن يعيش وكأنه في قلب الحدث، مرتديًا نظارة الواقع الافتراضي.
يوضح سالم أن هذا المشروع على الرغم من أن البعض قد يراه مفيدًا في بعض الأحيان، كمساهمته في تيسير تنفيذ العديد من المهام، والتغلب على بعض معوقات التواصل في العمل والحياة الاجتماعية، إلا أنه في الوقت نفسه يتضمن الكثير من المخاطر على العالم قائلًا" فوائد هذا التطبيق لا تتعدى العشرين بالمائة بالنسبة لأخطاره".
عدّد سالم أخطار "الميتافيرس"، موضحًا أنها تشمل مخاطر صحية فهو سيجعل الأفراد ليسوا بحاجة إلى التنقل من أجل إنجاز أعمالهم وتواصلهم اليومية، وبالتالي تقل حركاتهم، مما يؤثر سلبًا على أجسادهم.
وأضاف أن الميتافيرس سيدخل كذلك بالعلاقات الاجتماعية الطبيعية، فهو سيحول الشخص إلى ما يقرب بالروبوت، ويشبه الأمر إلى ما نراه في أفلام الخيال العلمي.
وتابع أن الأطفال هم أكثر فئة مستهدفة من مشروع "ميتافيرس"، وذلك عن طريق الأفلام والألعاب الإلكترونية، وبالتالي سيتم نشأة الطفل في عالم افتراضي غير حقيقي، وسيصعب عليه التعامل مع الواقع وهذا خطر شديد نحذر منه.
كما أضاف أن من خطورة هذا" الميتافيرس" أيضًا إمكانية غرز قيم مغايرة وخاطئة عن الثقافة العربية عن طريقه، من خلال إدخال بعض الرموز في الواقع الافتراضي الذي يقدمه، وبالتالي تصبح هذه الثقافة الخاطئة متشكلة في عقول الأطفال الناشئة مما ينتج عنه خطورة كبيرة على وعي النشء في العديد من القضايا الهامة.
وأخيرًا أكد الخبير التكنولوجي أن هذا المشروع من شأنه جعل حياة الأفراد مكشوفة بشكل فاضح، وذلك يفوق ما عليه التطبيقات الموجودة حاليًا، لذا نصح بأن أفضل طريقة للتعامل مع هذا الميتافيرس بعد أن أصبح أمرا واقعًا، هو التعامل معه بحرص وبشكل علمي، مشيرًا أنه على الآباء التوعية المباشرة والمستمرة لأبنائهم بكيفية وطرق الاستخدام الصحيح لهذا الواقع الجديد، وعلى الشباب استغلال تلك التكنولوجيا الجديدة واستخدامها بشكل صحيح بما ينفعهم.
مصطلح ميتافيرس ظهر لأول مرة من خلال رواية الخيال العلمي Snow Crash والتي ألفها الكاتب نيل ستيفنسون عام 1992، وتدور أحداثها حول تفاعل البشر، من خلال الشبيه الافتراضي (أفاتار)، ويحتضن هذه التفاعلات والتعاملات فضاء افتراضي ثلاثي الأبعاد مدعوم بتقنيات الواقع المعزز، فيما يشبه إلى حد كبير العالم الحقيقي، حسبما ذكر موقع "نيوزوييك.
كما أن استخدام الميتافيرس ليس بالجديد إذ أنه وعلى الرغم من أن مارك زوكربيرغ هو أول من أعلن مؤخرا عن دخول هذا العالم إلا أن هناك بعض الروايات وأفلام الخيال العلمي تناولت مفاهيم مشابهة لعوالم الواقع الافتراضي، حتى أعادت شركة فيسبوك باسمها الجديد في 2021 إلى الأذهان هذا الحلم القديم، لكنه اليوم ومع التقدم الهائل في هذا المجال أصبح في متناول مستخدمي الإنترنت.
وحسب الخبراء فإن شركة "ميتا" أو فيسبوك سابقا لن تستطيع وحدها التكفل بكل التطورات المطلوبة في هذا المجال، حيث أنه ليس فقط مجال واسع للتطوير الأمر الذي سيتطلب اشتراك جميع الشركات العاملة في هذه الصناعة، وهو مايعني وقوف جهات أخرى لها قوى في العالم ونفوذ تدعم هذا المشروع وانتشاره لخدمة أهدافها.