بروكسل تهدد بالتحرك ضد وارسو في مسألة سيادة القانون الأوروبي
شهدت جلسة البرلمان الأوروبي توترا بين بروكسل ووارسو، حيث توعدت رئيسة المفوضية الأوروبية الثلاثاء بالتحرك ضد بولندا التي تهدد "القيم المشتركة" للاتحاد الأوروبي، فيما ندد رئيس رئيس الوزراء البولندي بعملية "ابتزاز".
وقالت فون دير لايين أمام النواب الأوروبيين في ستراسبورج بعد قرار المحكمة الدستورية البولندية الذي طعن في سيادة القانون الأوروبي "لن نسمح بتهديد قيمنا المشتركة، المفوضية ستتحرك".
واستهجن رئيس الوزراء البولندي ماتيوش مورافيتسكي الذي حضر للتحدث أمام البرلمان الأوروبي "لغة التهديدات والإكراه هذه".
وهناك حوالى 36 مليار يورو من الاعانات والقروض الموعودة لبلاده في إطار خطة الإنعاش الأوروبية لفترة ما بعد كوفيد، مجمدة من قبل بروكسل.
وقال مورافيتسكي في خطاب استمر حوالى نصف ساعة صفق له أنصاره إن "الابتزاز أصبح طريقة معتادة لدى بعض الدول الاعضاء، وهذا ليس أساسا للديموقراطية".
وبولندا في خلاف مفتوح مع بروكسل منذ عدة سنوات بسبب إصلاحات قضائية مثيرة للجدل أدخلها الحزب الشعبوي اليميني "حزب القانون والعدالة".
وأدى قرار أصدرته أخيرا المحكمة الدستورية البولندية الى تأجيج التوتر، ما أثار مخاوف من خروج البلاد من الاتحاد الأوروبي ودفع بآلاف البولنديين الى التظاهر في الشارع في 11 اكتوبر تعبيرا عن تمسكهم بالمشروع الأوروبي.
وكرر رئيس الوزراء البولندي الثلاثاء أن فكرة خروج بولندا من الاتحاد "رواية خاطئة".
وأكد أن "بولندا عضو في الاتحاد الأوروبي وستبقى كذلك"، مشددا في الوقت نفسه على سيادة القانون البولندي الذي سيبقى "القانون الأعلى" بالنسبة لبلاده.
وأضاف أن بولندا تواجه انتقادات بطريقة منحازة وغير مبررة، متهما الاتحاد الأوروبي بطريقة "أبوية".
وكانت المحكمة الدستورية البولندية التي لجأ اليها رئيس الوزراء، وهي الهيئة المقربة من الحزب الحاكم، اعتبرت مطلع اكتوبر أن بعض مواد معاهدات الاتحاد الأوروبي "تتعارض" مع دستور البلاد.
هذا التشكيك في سيادة القانون الأوروبي واختصاص محكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي، المبادىء المؤسسة للاتحاد، أثار ادانات في الاتحاد.
وقالت أورسولا فون دير لاين الثلاثاء "أنا قلقة جدا" مضيفة أن هذا الحكم غير المسبوق "يطرح على الشك أسس الاتحاد الأوروبي".
وعددت رئيسة المفوضية الردود الممكنة مثل تفعيل اجراء مخالفة جديد ضد بولندا ما يمكن ان يؤدي الى اللجوء الى محكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي.
كما بات لديها منذ يناير أداة تتيح تعليق أو خفض الأموال التي تدفع الى دولة لا تحترم مبادىء سيادة القانون.
دفعت الإصلاحات القضائية المثيرة للجدل التي اعتمدتها بولندا، المفوضية الأوروبية في ديسمبر 2017 الى إطلاق اجراء (المادة 7 من المعاهدة) ضد هذا البلد.
وهذا الاجراء الذي يمكن نظريا أن يصل إلى حد تعليق حقوق التصويت لدولة ما في المجلس الأوروبي، لا يزال حاليا مجمدا.
مع اقتراب القمة الأوروبية الخميس والجمعة، كتب رئيس الحكومة البولندية الإثنين الى قادة آخرين ليشكو أن الاتحاد الاوروبي قد يصبح "هيئة تدار بطريقة مركزية من قبل مؤسسات خالية من أي رقابة ديموقراطية".
وكانت المستشارة الألمانية انجيلا ميركل دعت الجمعة الى الحوار بدلا من التشدد حيال وارسو.
وأكد النائب الأوروبي الألماني مانفريد ويبر، زعيم أبرز كتلة سياسية في البرلمان الأوروبي (يمين) الثلاثاء في ستراسبورغ أن "دستور الدول الاعضاء أساسي بالطبع لكن القانون الداخلي لاتحادنا أكثر أهمية".
وأضافت الإسبانية إيراتكسي غارسيا بيريز رئيس الكتلة اليسارية في البرلمان الأوروبي "حين تهدد دولة عضو بعدم احترام القواعد، فانها تضع نفسها أمام باب الخروج، ولا يدفعها أحد الى ذلك".
من جهته اعلن وزير الدولة الفرنسي للشؤون الأوروبية كليمان بون الثلاثاء ان الاتحاد الأوروبي يجب ان يتحرك بدون ضعف ضد التشكيك في المشروع الأوروبي من جانب بولندا وان يستخدم الوسائل التي وضعتها في حوزته الدول الاعضاء.
كما أكد وزير خارجية لوكمسبورغ، الدولة المؤسسة للاتحاد، يان اسلبورن لوكالة فرانس برس ان الاتحاد الاوروبي يجب أن يفعل ضد بولندا البند المتعلق بالتمويل الاوروبي لانقاذ دولة القانون وإلا فإن "أوروبا لن تستمر".