الحرب الأهلية.. حكايات من التاريخ اللبناني المأسوي
على مدار تاريخها عانت دولة لبنان من الدمار والصراعات والأزمات الطاحنة ما بين عدوان إسرائيلي وحرب أهلية استمرت 15 عاما ظلت خلالها بيروت جريحة وأسيرة للهموم.
في 13 أبريل 1975 كان لبنان على موعد مع واحدة من أصعب فصول الرعب والدمار فقد كانت بداية الحرب الأهلية.
كانت البداية الحقيقة والتمهيد لما حدث في العام 75، قبلها بسنوات وبالتحديد عقب هزيمة مصر وسوريا واحتلال أجزاء كبيرة من الوطن العربي في 5 يونيو 1967، بدأ اليمين اللبناني في تغيير موازين القوى الداخلية، والتخلص من بقايا مرحلة الرئيس فؤاد شهاب، فبادر إلى تأسيس الحلف الثلاثي (كميل شمعون وبيار الجميّل وريمون إدة)، وهو حلف طائفي ماروني خالص.
وجاءت الانتخابات النيابية في تلك السنة، لتمهد الطريق أمام انقسام أهلي جديد على قاعدة طائفية متجدّدة، ولتطلق حمّى التسلح؛ فأسس بطرس خوند في سنة 1968 أولى فرق الكوماندوز في حزب الكتائب، ثم ظهرت، في السنة نفسها، "فرقة الصخرة" بقيادة فؤاد الشرتوني. وازدادت شهوة التسلح بعد توقيع اتفاق القاهرة بين منظمة التحرير الفلسطينية والحكومة اللبنانية في 1969، وبدأ التدريب العسكري المنظم في حزب الكتائب في 1973، وظهرت في 1975 "فرقة البي جين" (أي بيار الجميل) التي كان أفرادها يتدرّبون يومين في الأسبوع في الأديرة التي كانت تتحول خلال الإجازات وعطل نهاية الأسبوع ثكنات مكتظة وتولى سامي خويري رئاسة فرقة البي جين، فيما تولى شقيقه فادي مهمات التدريب.
استمرت الأوضاع تتطور في هدوء حتى محاولة اغتيال الزعيم المارونى بيار الجميل، والتي قامت بها مجموعة من المسلحين، ما تسبب في الهجوم على إحدى الحافلات المدنية، أدت إلى مصرع 27 شخصا، عرفت باسم حادثة "عين الرمانة".
وقد كان للصراعات السياسية أثر كبير، في اشتعال الحرب الأهلية، استقل فيها كل طرف بأهدافه وشروطه، محتفظة بها دون نقاش، بين النظامين المعارض، والحاكم، للوصول إلى الحكم، بالإضافة إلى التطرف الدينى، الذي أجج عدد من الصراعات الطائفية بين المسلمين والمسيحيين، الأمر الذي أدى إلى انقسام بيروت إلى منطقتين شرقية وغربية.
وعقب مرور3 سنوات على بدأ الحرب، تحديدًا عام 1978، حاصر الجيش السوري بيروت الشرقية، التي كانت معقل القوات اللبنانية فيما سمي بحرب المائة يوم، تم خلالها قصف مدينة بيروت الشرقية وحي الأشرفية ، في حين لم ينتهي الحصار والقصف، إلا بعد وساطة عربية عقبها وقف إطلاق النار.
لم يدم الهدوء كثيرًا ففي عام 1981، تصادمت سوريا مع ميليشيا بشير الجميل مرة أخرى، بعد سيطرة القوات اللبنانية على مدينة زحلة، في تلك المعركة، استغاث بشير بإسرائيل، فأرسل طائرات حربية أسقطت مروحيتين سوريتين، وعقبها غزت القوات الإسرائيلية جنوب لبنان، ردا على عمليات منظمة التحرير الفلسطينية المنطلقة من لبنان، وإنشاء منطقة عازلة بعرض 10 كيلو متر داخل الأراضي اللبنانية
وتصاعدت المعارك في 6 يونيو 1982، عندما شنت الحكومة الإسرائيلية عملية عسكرية ضد منظمة التحرير الفلسطينية بعد محاولة اغتيال سفيرها إلى المملكة المتحدة، على يد منظمة أبو نضال، قامت إسرائيل باحتلال جنوب لبنان بعد أن هاجمت منظمة التحرير الفلسطينية والقوات السوريّة والميليشيات المسلحة الإسلامية اللبنانية، وحاصرت منظمة التحرير وبعض وحدات الجيش السوري في بيروت الغربيّة.
انسحبت منظمة التحرير من بيروت بعد أن تعرّض ذلك القسم منها إلى قصف عنيف، وكان ذلك بمعاونة المبعوث الخاص، فيليب حبيب، وتحت حماية قوات حفظ السلام الدولية.
فيما امتلك لبنان حكومتين تدعى كل منهما الحق في تولى الحكم، وذلك في الفترة من سبتمبر 1988 وحتى أكتوبر 1990، حين انتهت ولاية الرئيس اللبناني "أمين الجميل"، وتعذر الاتفاق على رئيس جديد، فما كان منه إلا أن قام بتسليم البلاد إلى حكومة "عسكرية" يرأسها وقتئذ العماد "ميشيل عون".